الأمة الثقافية

“مَضَى لَيْلِي”.. شعر: محمود شحاتة

مَضَى ليلِي وكدتُ أرى نَهَارَه

جميلا تَشتَهي الطَّيرُ ازدهارَه

تُداعبه الزُّهورُ شَذًا وظلاً

ويُرسِلُ كُلَّ بُستانٍ هَزَارَه

جَرَى دَمعُ الرِّفاقِ اليومَ لمَّا

سَمعنا هاتفا يُهدي البشارهْ

فقد جاد الإلهُ لكم بقُوتٍ

ليُطعمَ كُلُّ مسكينٍ صِغَارَه

ويَقضي مَا تَراكَم من دُيُونٍ

ويَدفَعَ أجرَ بَوابِ العمارة

ويأتي بالدَّواءِ غدا لعمروٍ

ويَمسحَ دَمعَةً من عينِ سَارة

ويكسو عارياً من غير ثوبٍ

ويُدرك من طعام الفُولِ ثاره

ويحلمُ مَرَّةً بمذاقِ لَحمٍ

فيمضي هائمًا نحو الجزارة

ففي رمضان قد مرَّت ليالٍ

وكم أخفى الفقيرُ به انكساره

يُناشِدُ بالمَوَدَّةِ كُلَّ حُرٍّ

فَلَم يَفهَم له فَطِنٌ إشَارَة

وجاءَ العِيدُ والأيَّامُ ثَكلَى

ودمعُ العَينِ قد مَلَّ انهمَارَه

ونادينا عليًّا كلَّ يومٍ

فلم يَفتَحْ لنا بَابَ المَغَارَة

ولم نَظفَرْ بياقوتٍ وَدُرٍّ

وَحُمِّلنَا من الإملاقِ عَارَه

أنا الفلاح، لم أحلُم بيَختٍ

ولم أركبْ سوى ظَهرِ الحِمَارَة

ولم أعرف سوى الإخلاصِ نَهجًا

ولم أعبث بجارٍ أو بجَارَة

ولم أكتُبْ سوى الإيمانِ شِعرًا

شَجِيًّا حِينَ تُسعِفُني العِبَارة

فَهَبْ لي يا إلهَ الكَونِ رِزقاً

إذا ما البُخلُ قد أرخى سِتارَه

يُجنِّبُني الشَّحيحَ ولؤمَ قَومٍ

كَأنَّ قلُوبَهُم خُلِقت حِجَارَة

إذا ما جئتَ مُقتَرضًا إليه

كأنَّك جئتَ تَسلُبُ منه دَارَه

يَموتُ الصَّالحونَ بكُلِّ أرضٍ

وفي أفواههم طَعمُ المَرارة

وَمَن سَلَكَ النِّفاقَ اليومَ دَربًا

وكانَ الزَّيفُ في الدُّنيا شِعَاره

يُشارُ إليه إجلالا وعلمًا 

ويحلمُ كُلَّ يَومٍ بالإمارة

وَحَسبُكَ أن تَرى الدُّنيا سَرابًا

ولا تَعبَأ بربحٍ أو خَسَارة

إذا ما شئتَ أن تَحيَا كَريمًا

وتملكَ تِبرَ كسرى أو نُضَاره

فإمَّا أن تعيشَ العُمرَ لِصًّا

وإمَّا أن تَنَالَ رضَا السِّفارة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights