الأثنين مايو 20, 2024
مقالات

ناصر صلاح يكتب: وقفات مع الآيات (14)

مشاركة:

«ما يخطّه قلمي ليس تفسيرًا، فلستُ من أهلِه، وإنما هي وقفات أديبٍ عند بعض المعاني والكلمات»

﴿أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ طه (39)

وقفتُ كثيرا أمام فعل الأمر (اقذفيه) وتعجبت عجبا شديدا محيّرا، إذ كيف يطلب الرحمن الرحيم من الأم المرعوبة على ابنها أن تقذف به، بكل ما تحتويه الكلمة من قسوة وإهمال وعدم رغبة؟! هل في هذا الموقف تحتمل هذه المعاني؟!

لكن ما أثلج صدري وأرشد عقلي أن المعنى هنا ليس معجميا بما يوحي به مباشرة، بل هو إنساني بَحت في هذا الموقف.

فالقذف هنا لسرعة الإنجاز قبل أن يلحق به جنود فرعون، هذا هو الأساس: الاعتماد على سرعة حركة الفعل.

ولو نظرنا إلى المكان المقذوف فيه، نجد القذف الأول داخل الصندوق، وهو بالطبع قريب منها، بين يديها، وبالتأكيد به ما يصلح من فرش ليّن لإقامة الطفل، بجانب ما التفّ به الصغير.

والقذف الثاني بالصندوق في اليمّ، وهو ليس بصلب فيخشى على تحطّم الصندوق منه، بل بمياهه ممهد كأنه أرجوحة، أو كأنه بين ذراعَيْ أمه، وفي حضنها.

ثم الأهم من هذا كله، هو أن هذا القذف بحَول الله وقوته منذ أوحى إليها: (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي)

فمركب النجاه دائما لسيدنا موسى عليه وعلى نبينا السلام (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي)

فقسوة القذف هنا رحمة المنقذ وعنايته.. سبحانه وتعالى.

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب