ما يخطّه قلمي ليس تفسيرًا، فلستُ من أهلِه، وإنما هي وقفات أديبٍ عند بعض المعاني والكلمات، فربما أصبتُ، وربما أخفقتُ.
(ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (125 – النحل)
ووقفتُ أتسائل: ما دامت الدعوة إلى سبيل ربك، فلماذا لم يأت قوله تعالى بالموعظة الحسنة قبل الحكمة؟
فالموعظة الحسنة تُبنى أعمدتها على القرآن والسُّنّة، لأنهما أساسا الدعوة إلى سبيل ربك؟
فالقرآن كلام الله، وليس أصدق منه قولا، والسُّنّة حياة الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) والتي توافق القرآن تماما.
لكن الحكمة هي الرؤية السديدة، وهي إعمال العقل بما هداه الله إليه.
وأرى أن الله تعالى هنا لعلمه بالنفس الإنسانية، وأنها لا تقبل بسهولة النصيحة المباشرة، مثل هذا حلال، وذاك حرام.. هذا صحيح، وذاك خاطئ، وإنها في البداية تأبى الانصياع للموعظة.
أراد اللهُ تعالى أن يعمل العقل أولا
أراد أن تجادل بالحكمة، بضرب الأمثال، وبالتدبر..
فإذا ما استجاب مجادلك بما يعايشه ويراه، تقبّل نصحك دون جدال،
وتقبّل موعظتك الحسنة له،
تقبّل قال الله وقال الرسول.
ويحفظ لنا التاريخ كثيرا من المناظرات والحوارات والمجادلات للعلماء، عبر كل الأزمنة، وكيف كان تأثيرها كبيرا على الملحدين والمشككين.
ثم في ختام الآية.. هذا التنبيه العظيم: وجادلهم، أي لا تستسلم، لكن بالتي هي أحسن، فلا يبعثونك إلى مواقع ذلاتهم.
والله تعالى أعلم.