ناصر صلاح يكتب: وقفات مع الآيات (22)
ما يخطّه قلمي ليس تفسيرًا، فلستُ من أهلِه، وإنما هي وقفات أديبٍ عند بعض المعاني والكلمات.
تأملوا معي أيها الأحباب هاتَين الآيتين الكريمتين:
1- (… وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [40: الحج]
2- (… وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ).. [البقرة:251].
ما أريد أن أركّز عليه هو حرف واحد فقط..
ماذا لو قال تعالى (بعضهم لبعض) بـ (ل) بدلا عن (ب)
لو كانت الآية هكذا لجاء المعنى العكسي لما أراده الله من استخدام الباء
ببساطة الدفع لـ.. (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ) سيكون الأمر هنا للبعض الذي يدفع البعض الآخر، ويقوده لهدف ما.
فهناك قادة وجنود..
آمر ومأمور.. فاعل ومفعول به.. إقطاعيون وخدم
وتسير الحياة بيد المتحكّم على هواه، ويعيش البعض في قهرٍ ومذلةٍ أبد العمر.
لكن الله تعالى يقول بالباء..
(وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ)
أي أن هناك من يدفع باتجاه، وهناك من يدفع بالاتجاه المقابل.
الدفع بين الاثنين بين البعض والبعض..
الصراع بين الاثنين: الحق والباطل..
فكلما ظهر باطل؛ كان ولا بدّ من ظهور الحق ليقاومه ويدفع به بعيدا
ولذا قال تعالى معقبا فى الآية الأولى: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ)
هنا الأمر للقوة الربانية
وفي الثانية: (.. اللَّهَ ذو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)
إذ أن قدرة الله وقوّته تحفظ الأرض من فساد التدافع بنصرهِ لفئة الحق التي تنصره.
واللهُ تعالى أعلم