ناصر صلاح يكتب: وقفات مع الآيات (3)

(الوقفاتُ ليست تفسيرا، فلستُ أهلا له، لكنها تفاعل جمال المعاني مع خيال نفس الأديب، فربما أصبتُ وربما أخفقتُ)
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ،وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ،قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)
(30، 31، 32: البقرة)
وقفتُ عند هذه الأسماء التي علّمها اللهُ لآدم، وتساءلتُ: ترى ما هذه الأسماء؟
وخطر لدي خاطر، لكن بحثتُ أولًا لعلّي أجده عند أحدٍ من السابقين..
وملخّص ما وجدتُ:
قال ابن عباس: عَلّمه أسماء كل شيءٍ حتى الجفنة والمحذب، وعَلّمه أسماء الحيوانات كلها، والطيور بأنواعها، وجميع المخلوقات حتى الجماد والشجر وكل شىء.
وقال الطبرى: عَلَّمه أسماء الملائكة وذريته، واختار هذا ورجّحه بقوله: {ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلَائِكَةِ}.
وذكرَ القرطبى أقوالًا أخرى، واختار أنه عَلَّمه أسماءجميع الأشياء كلها: جليلها وحقيرها.
ولأن مثل هذه الأشياء والأسماء بالطبع تعرفها الملائكة مِن قَبل، من خلال إقامتهم في الجنة والسماوات، وخلال حروبهم على الأرض لتطهيرها، وليست بذات الأهمية – من وجهة نظري – لتخصيص هذا الحوار في السورة لها..
كانت خاطرتى وما حدّثتني به نفسي أن هذه الأسماء رَدًّا على تساؤل الملائكة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء)
أي سيكون هذا الخليفة كمن كان فيها مِن قَبل، فكان الرد علي تساؤل الملائكة بعرض الأسماء التي اعترفوا بعجزهم عن معرفتهم بها.
إذن ما هذه الأسماء؟
أعتقدُ والله أعلم أنها أسماء الرُّسُل والأنبياء والمصلحين والمجاهدين الذين سيواجهون هذا الفساد والسفك للدماء، ويهدون البشرية لطرائق السلام والهداية.
والله من وراء القصد