أصدرت الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة اللواء خالد اللبان، اليوم الثلاثاء، العدد (390) من المجلة الثقافية الإلكترونية “مصر المحروسة”، التي تصدر عن الإدارة المركزية للوسائط التكنولوجية برئاسة د. إسلام زكي، حاملة بين صفحاتها تنوعًا معرفيًا لافتًا بين الأدب، والنقد، والتراث، وقضايا المجتمع العربي المعاصر.
يفتتح العدد بمقال رئيس التحرير د. هويدا صالح، بعنوان “رائدات في الظل والنور: سردية مصرية لنساء متميزات”، والذي تستعرض من خلاله سيرة نبوية موسى، إحدى الرائدات النسويات في مصر الحديثة، باعتبارها أول من نادى بحق الفتاة في التعليم والعمل والتفكير كشريكة فاعلة في بناء المجتمع.
وتسلط الكاتبة الضوء على صورة المرأة المصرية في مطلع القرن العشرين، حين كانت معظم النساء حبيسات الجدران في أغلب أرجاء العالم العربي، قبل أن تظهر أصوات نسائية جريئة في مصر تمهد لوعي جديد.
ويأتي المقال كجزء من سلسلة تحمل العنوان نفسه، في محاولة لرد الاعتبار لنساء صنعن التاريخ بصمت، ووقفن على مفترق التحول بين الظل والنور.
في باب “دراسات نقدية”، يكتب الباحث الجزائري إبراهيم المليكي عن “استلهام التاريخ في رواية زبيبة – الجدة ماكدا”، حيث يرى أن الروائي الأردني خالد الجبر يقدم من خلالها سردًا مقاوِمًا يُعيد تشكيل التاريخ من زاوية الأنثى المغيبة في المتن الثقافي العربي، مستخدمًا لغة واعية تنحاز إلى الحكاية النسوية.
أما في باب “ملفات وقضايا”، فيتناول الباحث الفلسطيني حسن العاصي قضية “الأقليات المدمجة في المجتمعات العربية”، مؤكدًا على أن الخصوصيات الثقافية لتلك المجموعات لا تعني انفصالها عن النسيج العام للمجتمع، بل تشكل عنصرًا من عناصر ثرائه وتنوعه، رغم اختلاف الأصول الثقافية أو اللغوية أو الدينية.
وفي باب “آثار”، يكشف د. حسين عبد البصير عن تفاصيل العثور على مدينة أثرية بمنطقة عين الخراب في الواحات بالصحراء الغربية، تعود لبدايات الفترة القبطية، مؤكدًا أن الكشف يحمل دلالات تاريخية مهمة لمرحلة انتقال مصر من الوثنية إلى المسيحية.
كما يضم العدد عدة مقالات لافتة، منها في باب “كتب ومجلات” مقال أكرم مصطفى حول كتاب “كتابات عصر النهضة – درية شفيق: رحلتي حول العالم”، الصادر عن منشورات الربيع (2024)، ويضيء على الجوانب الإنسانية في حياة المناضلة المصرية، خصوصًا في سنوات الإقامة الجبرية التي قضتها في الكتابة والترجمة.
في باب “قصة”، ينشر الكاتب الليبي عمر أبو القاسم الككلي نصًا قصصيًا بعنوان “أثناء شرب الشاي”، بينما تقدم الشاعرة رحاب الخالدي في باب “شعر” قصيدة بعنوان “امرأة لا تنحني”، مؤكدة حضورًا نسويًا قويًا في مضامين العدد.
ويكتب عبده الزراع في باب “أطفالنا” عن “اللغة والكتابة للأطفال”، داعيًا إلى مراعاة الجماليات اللغوية المبسطة عند مخاطبة الأطفال، مستشهدًا بتجارب عدد من رموز الكتابة الطفولية في مصر عبر أجيال متعاقبة.
وفي باب “كتاب مصر”، تواصل شيماء عبد الناصر سلسلتها “كي تفهم نفسك اكتب”، متأملة الفرق بين الامتلاء العقلي والفراغ، وموضحة كيف أن التفكير الزائد يعيق أداء العقل، وتدعو إلى لحظات هدوء منتظمة تعيد التوازن النفسي.
أما في “خواطر وآراء”، فتطرح الباحثة أمل زيادة تساؤلًا فلسفيًا بعنوان “ماذا لو كنا في كوكب تاني؟”، لتتناول من خلاله قضايا حياتية يومية ترتبط بذهن القارئ وتساؤلاته عن الوجود والاختلاف.
عدد زاخر بالمحتوى الثقافي والفكري، يكرّس حضور المرأة، التاريخ، الطفل، والفكر الحر في آنٍ واحد، ويواصل مجلة “مصر المحروسة” دورها كمنبر معرفي يعكس نبض الثقافة المصرية والعربية.