دائما ما تلجأ الأنظمة الديكتاتورية إلى الحرب وإراقة الدماء للحفاظ على سلطتها والتغطية على أزماتها الداخلية.
ويُعد نظام ولاية الفقيه في إيران، منذ عهد خميني واستمراره تحت قيادة خامنئي، مثالاً صارخاً على هذه الاستراتيجية المدمرة.
فسياسة إشعال الحروب بحسب المعارض الإيراني وعضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لم تكن مجرد الحرب أداة لحرف أنظار الرأي العام عن المشاكل الداخلية، بل كانت أيضاً وسيلة لفرض أيديولوجية النظام الرجعية والتوسعية على المنطقة والعالم.
وعلي سبيل المثال عندما يعجز الديكتاتوريون عن حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فإنهم غالباً ما يجدون في الحرب مخرجاً.

والنظام الإيراني ليس استثناءً. فمنذ ثورة عام 1979، انهار الاقتصاد الإيراني تحت إدارة الملالي، حيث أدى التضخم الجامح والفقر الواسع والبطالة إلى إثارة غضب شعبي عارم واحتجاجات متكررة.
وفي مثل هذه الظروف، يتم استخدام الحرب كطريقة لتحويل انتباه الشعب عن مشاكله الحقيقية. وقد كان أبرز مثال على ذلك هو الحرب الإيرانية العراقية، التي وظفها الخميني لترسيخ سلطته، وكلفت إيران خسائر بشرية ومادية فلكية.
ومؤخراً، عندما دفعت انتفاضة عام 2022 النظام إلى حافة الهاوية، لجأ مجدداً إلى إشعال الحروب في المنطقة، في محاولة يائسة لتصدير أزماته.
تحت شعار “تصدير الثورة”، الذي هو في حقيقته “تصدير للرجعية”، تدخل النظام الإيراني في شؤون دول المنطقة بهدف نشر الأصولية وترسيخ نفوذه.
وكانت الأداة الرئيسية لتنفيذ هذه السياسة هي “قوة القدس” التابعة لحرس النظام، التي أنفقت المليارات من أموال الشعب الإيراني لإنشاء وتمويل شبكة واسعة من الميليشيات الوكيلة.
ففي لبنان، قام النظام ببناء ودعم حزب الله، وحوله إلى ترسانة تضم آلاف الصواريخ، مما قوض سيادة الدولة اللبنانية وجعلها ساحة لتنفيذ أجندة طهران.
وفي اليمن، دعم النظام الحوثيين بالسلاح والمال والخبرة، وأشعل حرباً أهلية مدمرة زعزعت استقرار المنطقة بأسرها. وفي العراق، أنشأ وموّل ميليشيات طائفية مثل كتائب حزب الله وغيرها من الفصائل المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي، واستخدمها لفرض هيمنته على القرار السياسي والأمني في العراق.
ومن المهم الإشارة إلي إن هذه الشبكة من الوكلاء لم تهدد أمن المنطقة فحسب، بل استنزفت أيضاً ثروات إيران التي كان يجب أن تُنفق على رفاهية شعبها.

لكن استراتيجية إشعال الحروب لم تحقق أهدافها، بل أدت في النهاية إلى هزائم استراتيجية للنظام. ففي الصراعات الأخيرة، تعرض حلفاؤه الرئيسيون لضربات قاصمة، حيث تم إضعاف حزب الله بشكل كبير، ووجد الحوثيون أنفسهم على شفا الهزيمة.
وعلى الصعيد الداخلي، لم يخسر النظام موارده المالية الهائلة فحسب، بل فقد أيضاً العديد من كبار قادة الحرس الثوري، مما جعله في أضعف موقف له منذ عقود.
ودأب نظام ولاية الفقيه الحرب، كما فعل هتلر وموسوليني وغيرهم من الديكتاتوريين، لتوظيف الصراعات كذريعة لقمع المعارضة وتوطيد السلطة.
وقد ساهمت سياسة الاسترضاء التي اتبعتها الدول الغربية، بدافع من المصالح الاقتصادية، في تمهيد الطريق أمام إرهاب النظام وأصوليته. لكن هذه الاستراتيجية وصلت إلى نهايتها.
فالشعب الإيراني، كما يري إفشار الذي سُحق تحت وطأة الفقر والقمع، أظهر من خلال انتفاضاته المتكررة أنه لم يعد مستعداً لتحمل هذه الديكتاتورية.
وقد أثبت التاريخ أن الديكتاتوريين، باستخدام الحرب، يمكنهم فقط تأخير سقوطهم، لكنهم لا يستطيعون منعه. وهذا هو المصير الذي ينتظر الآن نظام خامنئي، والذي سيتحقق حتماً على يد الشعب الإيراني وبقيادة بديله الثوري المنظم