أقلام حرة

نظام مير محمدي يكتب: أزمة المفاوضات النووية ودور خامنئي المزدوج؟!

تغرق الأخبار المتعلقة بالمفاوضات النووية النظام الإيراني في دوامة من الأزمات الداخلية والخارجية. هذه الأزمات لا تقتصر على فئة معينة في الحكم، بل تشمل النظام بأكمله، وتتفاقم مع مرور الوقت.

يمكن رؤية دلائل هذه الأزمات في خطب أئمة الجمعة، وردود فعل نواب البرلمان، والتناقضات في تصريحات المسؤولين.

التحدي الكبير للنظام

حدد النظام الإيراني هويته منذ البداية بتأسيس الحرس الثوري وشعارات نارية، مبنية على العداء لدول أخرى وتوسيع النفوذ في المنطقة.

شعارات مثل “الشيطان الأكبر” للولايات المتحدة والعداء لها جعلت التفاوض مع هذا البلد تحديًا كبيرًا للنظام.

دفعته الضغوط الاقتصادية الناتجة عن العقوبات، والعزلة الدولية، والفشل في المنطقة، والتهديدات العسكرية إلى طاولة المفاوضات.

هذا التناقض بين الشعارات والأفعال وضع النظام في موقف صعب، تفاقم مع مفاوضات عُمان.

المفاوضات النووية الجارية، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، تشبه سيفًا ذا حدين بالنسبة للنظام.

قبول المفاوضات يعني التراجع عن الشعارات النارية ويُعتبر إظهارًا للضعف أمام “العدو”.

أما رفضها فقد يؤدي إلى زيادة العقوبات، والعزلة الأكبر، أو حتى الصراع العسكري.

هذا الازدواجية تعمق الانقسامات داخل النظام وتضعه أمام أزمات جديدة.

الخلافات الداخلية في الخطب والبرلمان

تُظهر خطب أئمة الجمعة في 22 أبريل 2024 هذه الأزمات بوضوح. انتقد أحمد علم الهدى، ممثل علي خامنئي في مشهد، المفاوضات مستشهدًا بتجربة الاتفاق السابق (الاتفاق النووي)، وتحدث عن عدم الثقة بالولايات المتحدة.

سخر من المفاوضات وقال إن أمريكا لم تلتزم بالتزاماتها. هذه التصريحات تعكس القلق من إضعاف مكانة النظام في حال التوصل إلى تسوية.

في طهران، وصف كاظم صديقي المفاوضات بأنها خطيرة، واعتبر الولايات المتحدة عدوًا لا يمكن الوثوق به.

وفي همدان، حذر محمد علي شعباني من مخاطر الانقسام في المجتمع، وطالب بالثقة في قرارات النظام.

هذه التصريحات محاولة للحفاظ على الوحدة الظاهرية وسط الضغوط الداخلية والخارجية، لكنها تعكس الخوف من الانقسامات الداخلية والاستياء العام.

في البرلمان، ظهرت هذه الأزمات بشكل أكثر وضوحًا. وصف مهدي كوجك زاده، نائب طهران، مفاوضات عمان بأنها غامضة، وقال إن النواب يفتقرون إلى المعلومات الكافية.

تحدث عن ضرورة تمييز الأصدقاء من الأعداء. هذه التصريحات تعكس استياء بعض الفصائل وتقليص دور البرلمان في اتخاذ القرارات الكبرى.

تداعيات المفاوضات

سواء نجحت المفاوضات النووية أم فشلت، ستكون لها تبعات ثقيلة على النظام. في حال التوصل إلى اتفاق، سيتعين على النظام التراجع عن شعاراته السابقة، مما قد يقلل من دعم أنصاره.

الفصائل المتشددة، التي ترى المفاوضات استسلامًا، قد تعارض علي خامنئي علنًا، مما يزيد من الانقسامات الداخلية.

في حال فشل المفاوضات، سيواجه النظام عقوبات أشد، وضغوطًا عسكرية من إسرائيل والولايات المتحدة، واستياءً داخليًا متزايدًا.

أظهرت تجربة الاتفاق النووي السابق أن النظام لم يحقق أهدافه في المفاوضات السابقة.

دور خامنئي

يلعب علي خامنئي دورًا معقدًا في هذه الأزمة. من جهة، يوافق على المفاوضات لتخفيف الضغوط الاقتصادية والدولية، ومن جهة أخرى، يتجنب تحمل المسؤولية المباشرة بالصمت أو التصريحات الغامضة.

لكن هذه الاستراتيجية لم تعد فعالة كما كانت. الضغوط الداخلية والخارجية، إلى جانب استياء المسؤولين، تضعف موقفه.

تصريحات كوجك زاده حول افتقار النواب للمعلومات تكشف عن انعدام الثقة حتى بين المقربين من النظام.

فرصة أم تهديد؟

تشكل المفاوضات النووية الجارية تهديدًا أكثر من كونها فرصة للنظام. في الوقت نفسه، توفر هذه الأزمات فرصة للشعب الإيراني الغاضب للاحتجاج ضد النظام.

الاستياء العام وفشل النظام المتكرر يمهد الطريق لتوسيع الاحتجاجات الاجتماعية.

ما يُرى في خطب أئمة الجمعة والبرلمان هو علامات على أزمات عميقة في النظام، الذي لم يعد قادرًا على مواجهة التحديات الكبرى.

باختصار، وضعت مفاوضات إيران والولايات المتحدة في عمان النظام الإيراني في واحدة من أصعب مراحل تاريخه.

الخلافات الداخلية، والتناقضات في تصريحات المسؤولين، والعجز عن اتخاذ قرارات حاسمة تظهر عمق هذه الأزمات.

تصريحات علم الهدى وصديقي ونواب البرلمان ليست سوى جزء من هذه المشكلات الكبيرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى