في ظل أزمات اقتصادية حادة وتوترات سياسية عميقة، حذر حزب الله اللبناني الجمعة من عواقب مواجهة محتملة مع الحكومة، مؤكدا أن أي مسار يستهدف وجوده المدعوم من إيران قد يؤدي إلى تقويض السلم الأهلي، وربما إعادة تشكيل خريطة السلطة في لبنان.
تأتي هذه الرسالة في سياق تعقيدات داخلية وتوتر إقليمي قائم وتعبير عن محاولة الحزب فرض معادلة ضغط للحفاظ على قواعده ووزنه السياسي في المشهد اللبناني، بينما يواصل لبنان معاناته من انهيار اقتصادي عميق وتدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين.
لاحياة.. تهديد مباشر
تصريحات الجمعة من حزب الله تحذر من تبعات مواجهة الحكومة وتؤكد أن لبنان لن تكون له “حياة” في حال الاستمرار في تقويض الحزب أو محاولة محوه، بينما يراقب المجتمع الدولي التطورات عن كثب وتزداد المخاوف من تداعيات أمنية واقتصادية على الاستقرار الداخلي.
توازنات ونفوذ
تاريخ العلاقة الحكومية والحزب تميزت بتقلبات وتوازنات نفوذ داخل الدولة، ويظهر الحزب كقوة عسكرية وسياسية تلعب دورا محوريا في العديد من الملفات، كما ترتبط تحركاته بتحالفات إقليمية مع إيران ومع محور المقاومة وتنعكس في وجوده داخل بنى الدولة وخارجها وتتأثر العلاقات اللبنانية بإطار إقليمي معقد يخص ملفات المنطقة وتوزيع القوى.
تفاصيل التصريحات والتحليل الفوري
النصوص الواردة من الحزب توحي بنبرة حازمة تحذر من مس بالوجود الحزبي، وتؤكد أن أي خطوة لمواجهة الحزب أو محاولة القضاء عليه قد تقود إلى تفكيك السلم الأهلي وإعادة تشكيل خريطة السلطة، أو حرب أهلية، بينما تحمل الرسالة في طياتها هدفا واضحا وهو إبقاء الحزب كلاعب رئيسي في المشهد السياسي وتوجيه رسالة إلى القاعدة الشعبية والمجتمع الدولي بأن الحزب لن يتنازل بسهولة عن مكاسبه رغم الضغوط الداخلية والخارجية.
ردود الفعل المحلية والإقليمية والدولية
على الساحة السياسية اللبنانية تباينت القراءات بين قيادات الحكومة وأنصار القوائم المختلفة حيث رصدت ردود فعل تتراوح بين الدعوة إلى الحوار وتفادي التصعيد، وبين مخاوف من آفاق أمنية واقتصادية أسوأ، كما أبدت القوى السياسية الاخرى تخوفها من انعكاسات التوتر على مسارات تشكيل الحكومة، وتبنيها المواقف الدولية عبر تصريحات رسمية من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة والدول العربية، غير أن التحرك الدولي يظل حذرا ومقسما بين المطالب بتقليل التصعيد وحماية المدنيين وبين دعم الاستقرار السياسي والاقتصادي.
التداعيات المحتملة
احتمالات أربعة تتصدر المشهد : الحوار والتسوية كسبيل لتخفيف التوتر، وتوفير بيئة للحوار السياسي، وتخفيف المخاطر الأمنية المحتملة، ففي حال التصعيد يرى العديد من المحللين أن التصعيد قد يفتح الباب أمام اشتباكات محتملة وتقييم تأثيرات ذلك على الخدمات الأساسية واللحمة الاجتماعية، كما أن التدخل الدولي قد يظهر بشكل مراقبة أو دعم محدود للمساعدة في ضبط التصعيد، وفي السياق الأوسع قد يعيد التصعيد تشكيل مسار المساعي السياسية الراهنة ويؤثر على محاولات الحوار بين الأطراف.
التهديد كان صريحا
وقد أطلق حزب الله اللبناني تحذيراً شديد اللهجة يوم الجمعة، مشيراً إلى أن أي محاولة لمواجهته عسكرياً ستؤدي حتماً إلى اندلاع حرب أهلية وانهيار كامل للبنان، وجاء هذا التحذير رفضاً للضغوط الدولية الرامية لنزع سلاح الحزب المدعوم إيرانياً.
وأكد نعيم قاسم الأمين العام للحزب في خطاب متلفز أن أي محاولة لاستهداف الحزب تعني تدمير لبنان بالكامل، وقال قاسم هذا وطننا جميعاً إما أن نعيش فيه معاً بكرامة أو لن يكون هناك لبنان إذا اختار البعض الوقوف مع الأعداء ضدنا.
وتواجه الحكومة اللبنانية ضغوطاً أمريكية ودولية للسيطرة على ترسانة حزب الله العسكرية، خاصة بعد التصعيد الأخير مع إسرائيل التي تستهدف الحزب منذ تأسيسه قبل أربعين عاماً بدعم من الحرس الثوري الإيراني.
ويرفض حزب الله أي حديث عن نزع سلاحه قبل توقف الهجمات الإسرائيلية وإنهاء ما يسميه احتلال الأراضي اللبنانية الجنوبية التي كانت معقلاً تاريخياً للحزب.
يأتي هذا التصعيد في وقت تشهد فيه المنطقة توتراً متزايداً بين القوى الإقليمية والدولية حول مستقبل لبنان ودور حزب الله في معادلة القوى بالمنطقة.