تختلف طبيعة نفوذ رجال الأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بشكل كبير، بسبب التباين الجذري في الأنظمة السياسية والاقتصادية. وفيما يلي مقارنة شاملة توضح الفروقات الرئيسية:
1. طبيعة النظام السياسي والاقتصادي:
•في أمريكا:
النظام يقوم على اقتصاد السوق الحر، وتعددية سياسية حقيقية. رجال الأعمال يكتسبون نفوذًا عبر الثروات الضخمة، الإعلام، شركات التكنولوجيا، والقدرة على تمويل الحملات الانتخابية. هناك نوع من الفصل بين المال والسياسة، لكن النفوذ الاقتصادي يمكن أن يترجم إلى تأثير سياسي قوي.
•في روسيا:
النظام سلطوي ومركزي، يتمحور حول شخص الرئيس فلاديمير بوتين. معظم رجال الأعمال الكبار (ما يُعرف بالأوليغارشيين) مرتبطون بالكرملين، ونفوذهم الاقتصادي والسياسي مرتبط بولائهم للدولة. الدولة يمكنها مصادرة أموالهم أو اعتقالهم إذا خرجوا عن الخط السياسي.
2. نماذج من رجال الأعمال المؤثرين:
•في أمريكا:
من أبرز الأسماء:
•إيلون ماسك (Tesla, SpaceX, X): له تأثير كبير في مجالات التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، وحتى الخطاب العام عبر منصته X.
•جيف بيزوس (Amazon): يمتلك صحيفة “واشنطن بوست”، ويؤثر في الاقتصاد والإعلام.
•بيتر ثيل: مستثمر في شركات كبرى وداعم سياسي واضح للرئيس السابق دونالد ترامب.
•بالإضافة إلى قوة اللوبيات المؤثرة مثل لوبي السلاح (NRA) ولوبي إسرائيل (AIPAC) ولوبي الصناعات الدوائية.
في روسيا:
من أبرز الأسماء:
•رومان أبراموفيتش،
•فلاديمير بوتانين،
•أليكسي ميلر (رئيس شركة غازبروم)،
•أليشر عثمانوف.
هؤلاء يملكون ثروات هائلة، لكن لا يتمتعون بحرية سياسية حقيقية، ويخضعون للسلطة المركزية بشكل كامل.
3. النفوذ السياسي ومدى التأثير على الرؤساء:
•في أمريكا:
رجال الأعمال يستطيعون التأثير على السياسيين من خلال تمويل الحملات الانتخابية، العلاقات العامة، والإعلام. في حالة دونالد ترامب، هناك رجال أعمال دعموه بشكل مباشر وكان لهم تأثير في بعض قراراته. بعضهم شارك في حملاته أو تم تعيينهم في مناصب داخل إدارته.
•في روسيا:
لا يستطيع رجال الأعمال التأثير على بوتين بسهولة، بل العكس هو الصحيح. بوتين هو من يمنح النفوذ أو يسحبه. أي رجل أعمال يجرؤ على معارضته يواجه العقاب (كما حدث مع ميخائيل خودوركوفسكي). النفوذ مرهون بالولاء الكامل للكرملين.
4. النفوذ الإعلامي والجماهيري:
•في أمريكا:
العديد من رجال الأعمال يمتلكون أو يسيطرون على وسائل إعلام ضخمة أو منصات رقمية مؤثرة. يمكنهم توجيه الرأي العام والتأثير في الانتخابات. كما أن امتلاكهم لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والبيانات يعزز من قدراتهم السياسية والاجتماعية.
•في روسيا:
وسائل الإعلام تحت سيطرة الدولة. لا يتمتع رجال الأعمال بقدرة مستقلة على التأثير في الرأي العام. وحتى الشركات الكبرى مثل غازبروم الإعلامية تخضع للتوجيه السياسي المباشر من الكرملين.
5. الاستقلالية وحرية الحركة:
•رجال الأعمال في أمريكا:
يتمتعون باستقلالية كبيرة، ويمكنهم التعبير عن آرائهم أو حتى انتقاد الحكومات دون خوف حقيقي من العقاب المباشر.
•رجال الأعمال في روسيا:
استقلاليتهم محدودة، وهم معرضون لفقدان ثرواتهم أو حريتهم إن خرجوا عن الخط الرسمي أو أبدوا مواقف سياسية معارضة.
الخلاصة :
• أن رجال الأعمال في أمريكا أكثر نفوذًا وتأثيرًا واستقلالية. يستطيع بعضهم التأثير فعليًا على صناع القرار، خاصة في حالات مثل دونالد ترامب، الذي يولي اهتمامًا خاصًا للمال ورجال الأعمال، بل ويأتي من خلفية رجال الأعمال نفسه.
•أما في روسيا، فالوضع مختلف تمامًا. النظام السياسي هو الذي يصنع رجال الأعمال ويحدد حدود نفوذهم. التأثير على بوتين من خارج دائرته الضيقة أمر يكاد يكون مستحيلًا، وأي محاولة لذلك تُعتبر تحديًا للسلطة يمكن أن يقابل بعقوبات قاسية.