يبدو أن مشروع نظام “الولي الفقيه” في إيران، القائم على الهيمنة الإقليمية وتصدير الأزمات عبر ما يُعرف بـ “الهلال الشيعي”، يواجه تحديات غير مسبوقة قد تكون مؤشراً على بداية نهاية نفوذه.
فالتحركات الدبلوماسية الأخيرة لطهران، التي تهدف إلى ترسيخ قبضتها على دول المنطقة، قوبلت بمواقف حازمة ورفض مباشر في عواصم كانت تُعتبر تاريخياً من الساحات الرئيسية لنفوذه، مثل بيروت وبغداد، مما يعكس ديناميكية إقليمية جديدة تعطي الأولوية للسيادة الوطنية.
في لبنان، كانت زيارة علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بمثابة اختبار نوايا لم يمر مرور الكرام.
فقد نقلت وكالة الأنباء الفرنسية أن الرئيس اللبناني جوزيف عون، وصف تصريحات النظام الإيراني بشأن خطط نزع سلاح حزب الله بأنها “غير بناءة”.

وفي رسالة مباشرة وصريحة إلى لاريجاني، أكد الرئيس عون رفض لبنان القاطع لأي تدخل في شؤونه الداخلية، مضيفاً أنه “لا يجوز لأحد… أن يحمل السلاح ويستخدم الدعم الخارجي كوسيلة ضغط”.
ويمثل هذا الموقف الرسمي، الصادر عن رئاسة الجمهورية، تحولاً نوعياً في التعامل مع محاولات طهران فرض إرادتها على الساحة اللبنانية
ومن الغريب ان المواجهة السياسية من الجانب اللبناني تجاه الضيف الإيراني الثقيل جاءت علنية. فالرئيس جوزيف عون أبلغ لاريجاني أن اللغة التي استخدمها بعض المسؤولين الإيرانيين في تصريحاتهم عن لبنان “غير مساعدة” للتعاون بين البلدين، مؤكداً أن بيروت منفتحة على علاقات صداقة مع طهران، لكن ضمن حدود السيادة.
ونفس الأمر تكرر من رئيس الحكومة نواف سلام، حيث ، شدد من جانبه أمام الضيف الإيراني على أن مواقف شخصيات مثل عباس عراقجي وعلي أكبر ولايتي بشأن سلاح حزب الله “مرفوضة شكلاً ومضمونًا”.
حتى داخل معسكر حلفاء حزب الله، برزت أصوات ناقدة، مثل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي أعلن أن “ردعية سلاح حزب الله سقطت”، وأن أي سلاح خارج الدولة “غير شرعي” ويشكل خطرًا على أمن لبنان.

الجدل حول زيارة لاريجاني لم يقتصر على المواقف الرسمية، بل شمل أيضًا ملاحظات حول ضعف الحضور الشعبي الذي اعتاد حزب الله حشده في استقبال المسؤولين الإيرانيين. كما أن قوى سياسية، بعضها كان حليفًا سابقًا للحزب، استبقت الزيارة بانتقادات مباشرة لسلاحه.
وقد جاءت الزيارة في وقت تحاول فيه طهران إعادة صياغة خطابها تجاه لبنان. فهي تؤكد رغبتها في علاقة رسمية مع الدولة اللبنانية، لكنها في الوقت نفسه ترفض التخلي عن ارتباطها العضوي بحزب الله.
ويضع هذا التوازن الدقيق إيران في موقع اللاعب المزدوج: طرف في المعادلة السياسية الرسمية، وراعٍ لفصيل مسلح يرفض تسليم سلاحه..
في هذا السياق، يبرز دور المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كبديل ديمقراطي موثوق يدعم شعوب المنطقة في استعادة سيادتها. وفقاً لتصريحات السيدة مريم رجوی، رئيسة المجلس، على موقع المجاهدين، يسعى المجلس إلى إقامة جمهورية ديمقراطية في إيران تعزز السلام الإقليمي وتنهي المد الإيراني التوسعي.
المجلس، الذي يضم ممثلين من مختلف أطياف المعارضة الإيرانية، قدم خطة عشرية للمستقبل تشمل الفصل بين الدين والدولة والمساواة الكاملة، مما يجعله شريكاً استراتيجياً لدول المنطقة المطالبة باستقلالها، مثل لبنان والعراق واليمن، ضد هيمنة طهران