الجمعة يوليو 5, 2024
مقالات

نقد مذهب الشنقيطي في فقه الثغور وحلف إيران (10)

بقلم: مضر أبو الهيجاء

الخلاصة:

إن معاركنا في فلسطين معارك واجبة ومشروعة كما أن بطولاتنا كانت دوما عظيمة ومشهودة، لكن علاقة وحلف حركة حماس مع إيران قد أوقع فلسطين في الفخ الذي أحرق وأغرق غزة، وخسرت الأمة جميعها الرصيد والمكون الاسلامي السني الوحيد في مواجهة المشروع الصهيوني على أرض فلسطين المباركة، حتى أن معركة الطوفان التي ابتدأت من غزة وهي ماضية في التوسع نحو لبنان والقدس والضفة تكاد تسدل الستار عن مسرح قديم ليرتفع الستار مجددا أمام مسرح جديد تعيد ترتيبه أمريكا بأشكال جديدة ستتجاوز النكبة الفلسطينية ولن تتوقف ولو لبرهة عند محرقة غزة.

لقد حان الوقت الذي يجب فيه التوقف والمراجعة الجادة للعلاقة والحلف القائم بين حركة حماس وإيران، لاسيما وقد أثمرت تلك العلاقة اتلافا للقضية الفلسطينية من الناحية السياسية وتشويها للنسيج الفلسطيني المنسجم ثقافيا واجتماعيا -وهو ما لم تحقق ربعه سلطة التنسيق في رام الله-، وانتهت مؤخرا بإتلاف واغراق غزة، وفتحت الباب أمام العبث في الضفة وعبدت الطريق أمام مصادرة الأقصى، لاسيما وقد أثبتت قدرتها وبرهنت لأمريكا أنها الأقوى والأقدر على ضبط الساحات لصالح الرؤية الأمريكية في إدارة المنطقة وإعادة ترتيبها من جديد -الأمر الذي يزعج إسرائيل-، وذلك عقب ثورات الربيع العربي والتي كانت إيران أكبر أسباب اجهاضها لصالح الرؤية الأمريكية ولصالح أمن إسرائيل، والعراق والشام خير الشاهدين.

وفي الوقت الذي باتت فيه المراجعة والتراجع عن الحلف مع إيران هي واجب الوقت في المشروع الفلسطيني، يتصدر كثير من الكتاب وتضخ مواد إعلامية ضخمة عبر قنوات فضائية، وتتزاحم كلمات الشكر والعرفان الحمساوي لإيران لتغلق الطريق أمام المراجعة الداخلية التي تستهدف إنقاذ عموم الأمة من الأخطبوط الإيراني المتوافق استراتيجيا مع الأمريكان.

إن الإرادة الدولية تصر على بقاء المشروع الإيراني كإطار حاضن ومدير للملف الفلسطيني، لاسيما وقد حققت إيران ما تريده أمريكا العميقة وأوقعت حركة حماس في الفخ ثم تركتها تتآكل وتستهلك رصيدها ورصيد الأمة في غزة وفلسطين أمام وحشية العدو الإسرائيلي للدرجة التي أصبحت فيها غزة الأندلس الثانية، دونما تدخل فاعل يقلب الموازين، بل كان الايقاع الإيراني العسكري في ساحات تواجده مثالا للالتزام بقواعد الاشتباك مدا وجزرا، وحتى يتموضع بشكل قادم وكبير فقد أحاط بالحدود الأردنية العراقية، وما ذلك إلا ليثبت كمال قوامه وقوة أدواته القادرة على ضبط أي دولة في محيط فلسطين في حال خرجت عن السيطرة -لاسيما وهو رافع لواء النصر والتحرير للأقصى-، تماما كما أثبته من قبل في العراق واليمن والشام وأنهى حلم ومحاولة النهضة فاستحق نفوذا واسعا في اليمن والشام وساد في لبنان واستلم سدة الحكم في العراق العظيم.

لم تنجح إسرائيل خلال قرن بإنهاء القضية الفلسطينية أو إتلاف المحيط العربي لفلسطين رغم كل الحروب التي خاضتها ورغم حجم الإنفاق الغربي عليها ورغم الفيتو الأمريكي الدائم لأجلها.

لكن إيران دولة الملالي -ومنذ أن نقل الغرب الخميني ومكنه من طهران- نجحت في تفكيك دول المنطقة سياسيا بعد أن أسست لاحتراب ثقافي في شعوبها، كما أنها نجحت في إفشال ثورات الربيع العربي لصالح أمن إسرائيل فكافأتها أمريكا بمد نفوذها، ثم إنها قد نجحت فيما فشل فيه الصهاينة عبر إتلافها القضية الفلسطينية وسحق مكونها المقاوم عبر جره لحرب كونية غير متكافئة في ظل خنوع عربي رسمي، وفي ظل استلامها لزمام المبادرة في محيط فلسطين وضبطها الساحات والتزامها بقواعد الاشتباك.

إن خطورة طرح الشنقيطي -رغم تهافته- والضخ الإعلامي لقناة الجزيرة في سياق تدعيم وتشريع وتأصيل العلاقة بين حركة حماس وإيران هو في منعهما من انبثاق وعي جديد في لحظة اهتزاز عنيف، وكأن المكون الثوري الفلسطيني الذي بدأ يفوق من سكرته بسبب حجم الزلزال الذي أصابه فيدرك الأمور كما هي على حقيقتها، لن يجد إلا من يسقيه خمرا من جديد ليبقى مختلا في وعيه وعاجزا عن القيادة الحقيقية بل تاركا للمقود في يد إيران التي تتوسع وتعيد صياغة تفاهماتها مع الأمريكان في مسقط وما خفي أعظم.

لكن المسؤولية الكبرى والحساب الأكبر سيبقى في رقبة القيادات الفلسطينية والتي تعرف وتحرف، وبعد أن تحرك ضميرها واهتز وعيها وتمتم لسانها مع الغدر الإيراني الكبير في بداية المعركة، إلا أنها مضت وقبلت وسوقت للعلاقة مع المشروع الإيراني من جديد، فيالويلها من وقفة أمام الله وعذاب في القبر شديد.

إن المراهنة الصحيحة لأجل تحرير فلسطين والأقصى هي على الشعوب العربية والمسلمة، وليست على إيران المجرمة في حق الأمة والدين وفلسطين، وإن الله سبحانه لا يستعجل مهما استعجل عباده تحصيل النتائج وتاهوا في الطريق.

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب