نيويوركر: 5أسباب وراء عودة نتنياهو للحرب في غزة .. هذه أهمها

قدمت مجلة “نيو يوركر “الأمريكية في تقرير لها اسباب هروب نتنياهو للحرب في غزة مجددا وعرقلة الوصول للمرحلة الثانية من وقف اطلاق النار وتبادل الأسري.
وقالت المجلة :رغم فداحة خسائر إسرائيل في هجمات 7 أكتوبر، ومأساة الرهائن، ومعاناة سكان غزة، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعيد بلاده إلى أتون الحرب.
كما يفاقم نتنياهو بحسب المجلة الأمريكية الانقسامات الداخلية، بوضعه التديّن القسري في مواجهة سيادة القانون العلماني.

وكتب محلل الدفاع البارز في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، أن “الهدف الحقيقي لنتنياهو يبدو أكثر وضوحاً الآن: انزلاق تدريجي نحو نظام استبدادي الطابع، يسعى إلى ترسيخه عبر حرب دائمة على جبهات متعددة”.
في 18 مارس، وبموافقة إدارة ترامب، استأنفت الطائرات الإسرائيلية قصف غزة، ما أسفر عن مقتل خمسة من كبار قادة حماس على الأقل، وقرابة 400 شخص، أغلبهم نساء وأطفال، بحسب وزارة الصحة في غزة.
منذ ذلك الحين، استأنفت حماس والحوثيون في اليمن إطلاق الصواريخ على إسرائيل، فيما اقتحمت القوات الإسرائيلية ممر نتساريم وقطعت غزة من جديد إلى نصفين. كما أُطلقت صواريخ من لبنان على بلدة المطلة شمالاً، والنتيجة: تصعيد لا يبدو أن هناك ما سيوقفه.
قال مكتب نتنياهو إن الضربات كانت ضرورية لأن حماس رفضت مقترحات مبعوث إدارة ترامب، ستيف ويتكوف، بتمديد وقف إطلاق النار الذي بدأ في 19 يناير، مقابل الإفراج عن رهائن.
وقال المكتب: “إسرائيل ستتحرك من الآن فصاعداً ضد حماس بقوة عسكرية متزايدة”. لكن منتدى عائلات الرهائن والمفقودين اتهم نتنياهو بـ”التخلي” عن أحبّائهم وخداعهم بالكامل.
في السبت التالي، تظاهر أكثر من 100 ألف شخص في تل أبيب والقدس.

نتنياهو وسموتريش
ودعا زعيما المعارضة يائير غولان ويائير لابيد إلى العصيان المدني، بما يشمل عدم دفع الضرائب وإضراباً عاماً، بينما أيدهما قائد “المعسكر الوطني” غادي أيزنكوت.
وتعهد الثلاثة بتشكيل جبهة ديمقراطية موحدة لإسقاط الحكومة. وقال غولان: “نحن نوقف الاقتصاد، والموانئ، والنقل، والمدارس، والأعمال والشوارع… نوقف الدولة من أجل إنقاذها”.
كان اتفاق وقف إطلاق النار ينص على مرحلتين: الأولى انتهت بداية مارس، وشهدت إطلاق سراح 33 رهينة مقابل نحو 2000 أسير فلسطيني.
صفقة تبادل الأسري
أما الثانية فكان يفترض أن تشمل الإفراج عن 24 رهينة متبقين مقابل انسحاب إسرائيلي من غزة وتشكيل حكومة فلسطينية جديدة تحظى بدعم إقليمي.
وكان يُفترض أن تبدأ السعودية بتمويل إعادة إعمار غزة وتطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
لكن نتنياهو عرقل منذ البداية أي جهد لتشكيل حكومة فلسطينية بديلة، لأن ذلك سيتطلب إشراك السلطة الفلسطينية ويقود لاحقاً إلى استقلال فلسطيني.
ووفقاً لعاموس هرئيل، فإن حكومة نتنياهو تتجه ليس فقط نحو الاستبداد بل أيضاً “نحو ثيوقراطية وقحة”، هدفها ضم الضفة الغربية المحتلة.
ورغم أن حكومة بديلة في غزة ليست مستحيلة، إلا أن نتنياهو لا يريدها.
فقد اجتمعت دول عربية حليفة للغرب في القاهرة هذا الشهر لطرح خطة حكومة فلسطينية من “التكنوقراط”، لا تختارها السلطة الفلسطينية، بل تحت إشراف منظمة التحرير.

وتعهدت مصر والأردن بتقديم الدعم الأمني، بينما يُتوقع أن تموّل دول الخليج إعادة الإعمار بـ53 مليار دولار.
وقد تقبل حماس بهذه الحكومة الانتقالية، بشرط دمجها في منظمة التحرير كمكون سياسي، وليس كميليشيا مسلحة، على أن تُسلَّم أسلحتها لقوات أمن فلسطينية.
لكن بدلاً من المضي في هذا المسار، قدم ويتكوف عرضاً مخففاً: نصف الرهائن مقابل هدنة لـ50 يوماً، ما أثار مخاوف العائلات من أن نتنياهو سيعود بعدها لاجتياح غزة، متخلياً عن الرهائن المتبقين.
من جانبه يزعم نتنياهو أن حماس رفضت كل المبادرات، وهو ادعاء شكك فيه ويتكوف نفسه خلال مقابلة مع تاكر كارلسون.
قدرات المقاومة
في الوقت ذاته، تشير التقارير إلى أن حماس والجهاد الإسلامي جندوا مقاتلين جدداً في غزة، ما يبرر، من وجهة نظر نتنياهو، استمرار القصف حتى استسلام حماس – لكن دون الإفراج أولاً عن الرهائن، في تناقض منطقي واضح.
ومن المهم الإشارة إلي أن تبرير نتنياهو للعودة إلى الحرب هو أيضاً خطوة سياسية حاسمة لترسيخ حكمه، كما أن معسكره السياسي نفسه هو من قاد محاولة تقويض القضاء في 2023.
وكتب رئيس تحرير هآرتس، ألوف بن، أن الهدف الدائم لحكومة نتنياهو هو إقامة “ثيوقراطية دينية على أنقاض الديمقراطية الإسرائيلية”، مضيفاً أن الحكومة تعيد المحاولة الآن في ظل معارضة أضعف واحتجاجات أقل.
ورغم أن استطلاعاً أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي أظهر أن 70% من الإسرائيليين يريدون من نتنياهو تحمّل مسؤولية 7 أكتوبر والاستقالة، فإن 70% منهم أيضاً يعارضون إقامة دولة فلسطينية. بل أظهر استطلاع آخر أن 80% يؤيدون خطة ترامب غير الواقعية التي تدعو الأردن لاستيعاب سكان غزة.
وبدوره يلعب نتنياهو على عامل الوقت ويستغل الانقسامات. وقد هدد مؤخراً بضرب إيران، ويسعى للحصول على دعم أمريكي لشن هجوم، بينما تستمر حكومته رغم الركود الاقتصادي وانخفاض الاستثمار بنسبة 20%.
وقد غادر أكثر من 80 ألف إسرائيلي البلاد في 2024، ومع ذلك، تُضخ أموال طائلة في المدارس الدينية والمستوطنات على حساب موظفي الدولة والمعلمين.
وفي موازاة ذلك، يواصل نتنياهو إجراءات تعزز سلطته: تمرير قوانين تعطي الكنيست صلاحيات تجاوز المحكمة العليا، السيطرة على لجنة الانتخابات، والسعي لإغلاق هيئة البث العامة. مثل ترامب، يغرق المشهد العام بكمّ هائل من الأحداث لخلق فوضى دائمة تُضعف المعارضة.

يقول البروفيسور يوآف غرويس، أخصائي علم النفس، إن أكثر من 40% من الإسرائيليين أظهروا أعراضاً سريرية للقلق والاكتئاب بعد الحرب، لكن القلق اليوم بات يتمحور حول تهديدات وجودية للأمن والاقتصاد. ونتنياهو، بحسب غرويس، “يجعل هذه التهديدات تبدو متجذرة في تاريخ اليهود، وليس ناتجة عن قراراته”.
ورغم أن حماس فقدت الكثير من دعمها، وخرجت مظاهرات مناهضة لها في غزة، لا يزال الإسرائيليون يرفضون أي سيطرة متبقية لها هناك.
ومع ذلك، يرى يائير غولان أن العودة إلى الحرب لا مبرر لها دون محاولة المسار الدبلوماسي، قائلاً: “الأولوية للرهائن.
وإذا عادت حماس للتهديد لاحقاً، يمكننا القتال مجدداً”. ويدعو لإدخال قوات أمن من الإمارات والسعودية والأردن، وتوسيع القوة متعددة الجنسيات في سيناء شمالاً إلى غزة.
حماس وإغمار غزة
لكن بدلاً من ذلك، يعمل نتنياهو على تعيين موالين له في الجيش والأمن.
وقد أصدر الجيش والشاباك تقارير داخلية تكشف عن قصور استخباراتي، وتحمّل رئيس الأركان هرتسي هليفي وقائد الشاباك رونين بار المسؤولية، وأعلنا عزمهما على الاستقالة.
لكن نتنياهو عزل بار قبل موعده، بعدما بدأ الأخير التحقيق في تسريبات من مكتب نتنياهو تتعلق بمفاوضات حماس، وعلاقات مالية مع قطر.
وكذلك تدحلت المدعية العامة غالي بهاراف-ميارا للمطالبة بفحص قانونية عزل بار، وهو ما أيدته المحكمة العليا، ليرد نتنياهو بالسعي لعزل المدعية نفسها.
فيما تحولت التظاهرات ضد الحرب إلى حركة مدنية للدفاع عن الديمقراطية وسيادة القانون. وقال الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ: “ما هو مستوى الجنون الذي يمكن أن نصل إليه كأمة؟”
ويبدو أن نتنياهو يعيد تشكيل الجيش، كما حذّر المؤرخ العسكري يورام بيري، مشيراً إلى أن 40% من خريجي مدارس الضباط يأتون من التيار القومي الديني المتطرف. وقال إن تعيين أيال زمير قائداً جديداً للجيش، وهو من الموالين لنتنياهو، يعكس رغبة في خلق جيش لا هدف له الحفاظ على الطابع العلماني المهني، بل العكس تماماً.
–