انفرادات وترجمات

نيويورك تايمز حرب إسرائيل علي لبنان .. هكذا تبدو اختبارا صعبا للقانون الدولي

منذ بدء غزو إسرائيل للبنان الشهر الماضي، يدور نقاش حول حكمة استراتيجية إسرائيل ذات الجبهتين وسط الصراع المستمر في غزة، والخطر الذي يمثله القتال ضد حزب الله على المدنيين، والمخاطر التي قد تؤدي إلى إشعال حرب إقليمية مع إيران.

ولكن ربما يكون السؤال الأكثر أهمية هو ما إذا كان غزو إسرائيل قانونيًا بموجب القانون الدولي وفقا لتقرير لصحيفة “نيويورك تايمز ” ترجمته جريدة الأمة الاليكترونية .

حيث تقول إسرائيل إن لديها الحق في الدفاع عن نفسها، مستشهدة بعام من الهجمات الصاروخية التي شنها حزب الله من الأراضي اللبنانية. ويختلف بعض منتقديها مع هذا الموقف.

يقول هيو لوفات، خبير في القانون الدولي والصراعات المسلحة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: «الشرعية تعتمد بشكل كبير على وجهة نظر المتلقي». وأضاف: «هل يتفوق حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها على حق لبنان في السيادة؟ يمكننا أن ندور حول هذا السؤال مرارًا وتكرارًا».

العدوان الاسرائيلي علي لبنان

إضافة  إلى ذلك، يقول بعض الخبراء إن الدفاع عن النفس له حدوده القانونية، خاصة إذا كان استخدام إسرائيل للقوة في لبنان غير متناسب مع التهديد الذي تواجهه أو إذا فشلت في إعطاء الأولوية لحماية المدنيين

يقول القاضي كاي أمبوس، أستاذ القانون في جامعة غوتنغن في ألمانيا، الذي يعمل في محكمة خاصة في لاهاي تُحاكم جرائم الحرب المرتكبة في كوسوفو في التسعينيات: «لديك حق الدفاع عن النفس، ولكن يجب أن تمارس هذا الحق بطريقة معينة». وأضاف: «ليس بلا حدود».

وبحسب الصحيفة فإن تحديد قانونية الغزو الإسرائيلي قد يكون أمرًا معقدًا، ويتيح مجموعة واسعة من التفسيرات التي يجب في معظم الحالات أن تحسمها محكمة أو مجلس الأمن الدولي. ولكن نادرًا ما تتناول المحاكم أو مجلس الأمن هذه القضايا، وإذا حدث ذلك، فمن غير المرجح أن تصل إلى نتيجة سريعة أو أي نتيجة على الإطلاق.

وهنا يطرح تساؤل نفسه ما الذي يقوله القانون الدولي؟إذ تنص المادة 2(4) من ميثاق الأمم المتحدة على «تحريم التهديد أو استخدام القوة» وتدعو جميع الأعضاء إلى احترام سيادة وسلامة أراضي واستقلال الدول الأخرى. ولكن المادة 51 من الميثاق توضح أيضًا أن الدول الأعضاء لها الحق في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات المسلحة.

المسألة تصبح أكثر تعقيدًا عند النظر إلى لبنان كدولة ذات سيادة، لكن إسرائيل تقول إنها تقاتل حزب الله، الذي هو جماعة مسلحة ولاعب مؤثر في الحكومة اللبنانية. تم تأسيس حزب الله في الثمانينيات بمساعدة إيران لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي للبنان في ذلك الوقت، ومنذ ذلك الحين، كان هناك صراع مستمر بين إسرائيل وحزب الله، بما في ذلك حرب دامية في عام 2006.

جيش الاحتلال ينشر الدبابات والآليات العسكرية على الحدود اللبنانية

ويقول بعض الخبراء إن الغزو قانوني لأن لبنان يسمح لحزب الله باستخدام أراضيه لضرب إسرائيل ويؤكد خبراء قانونيون إسرائيليون أن «إسرائيل لها الحق القانوني في اتخاذ إجراءات دفاعية ضد حزب الله، وربما أيضًا ضد الدولة اللبنانية» بسبب هجمات حزب الله الصاروخية.

بصرف النظر عن مسألة قانونية الغزو، فإن لكل دولة التزامًا قانونيًا بحماية المدنيين خلال النزاعات المسلحة. حتى لو استخدم حزب الله أهدافًا عسكرية داخل المباني المدنية، يجب على إسرائيل أن تأخذ في الاعتبار سلامة المدنيين غير المقاتلين عندما تنفذ ضربات جوية.

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 1,500 شخص قد قُتلوا في لبنان خلال الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك مئات القتلى في يوم واحد أثناء غارة جوية مكثفة. كما أن أكثر من مليون شخص قد أُجبروا على الفرار من منازلهم في لبنان، ما خلق أزمة إنسانية متصاعدة.

في النهاية، القانون الدولي يفرض معايير أخلاقية لحماية المدنيين يجب على الدول أن تبرر أفعالها بناءً عليهاحتى إذا لم يتم تنفيذ القانون الدولي بشكل فعال في جميع الحالات، فإنه يظل قائمًا كمعيار أخلاقي وقانوني يجب على الدول مراعاته. يقول القاضي كاي أمبوس: «القانون يفرض معايير أخلاقية لحماية المدنيين لا يمكن لأي دولة أن تعترف بأنها انتهكتها عن عمد». وأردف قائلاً: «هل نحن أفضل حالًا أو أسوأ حالًا مع هذه الآليات، حتى إذا لم يتم فرضها؟ بدون هذه القوانين، سيكون الوضع أسوأ. القانون موجود، ويجب على الدولة على الأقل أن تبرر أفعالها».

لكن تطبيق القانون الدولي في النزاعات المسلحة غالبًا ما يكون معقدًا، خاصة عندما تختلف الدول حول كيفية التعامل مع الانتهاكات أو ما إذا كانت ستتصرف أساسًا ضدها. يسمح القانون الدولي برفع الدعاوى القضائية ضد الدول التي يُتهم فيها بارتكاب انتهاكات لمعاهدات معينة، مثل قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.

ولكن إذا تم تقديم قضية بشأن العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان، قد ترفض إسرائيل الامتثال لنتائج المحكمة. وإذا حدث ذلك، يمكن أن يُحال النزاع القانوني إلى مجلس الأمن لاتخاذ الإجراءات اللازمة، لكنه نادرًا ما يتخذ خطوات حاسمة في مثل هذه القضايا.

من ناحية أخرى، يمكن أن يُطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة السعي للحصول على قرار، ولكنها لا تملك السلطة لاتخاذ إجراءات مباشرة ضد إسرائيل، إلا من خلال الدعوة للدول الأعضاء لاتخاذ تدابير ضدها.

في النهاية، قد يكون من الصعب، إن لم يكن مستحيلاً، فرض القوانين الدولية الخاصة بالحرب عندما لا توجد إرادة سياسية دولية قوية لتطبيقها.

وفي هذا السياق  يقول القاضي أمبوس: «السؤال هو، من سيفرض هذا؟» :ورغم ذلك، يظل القانون الدولي وسيلة لفرض ضغوط أخلاقية وسياسية، حيث يكون على الدول أن تبرر أفعالها أمام المجتمع الدولي. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه إنفاذ هذه القوانين، فإن وجودها يضمن أن هناك على الأقل إطارًا قانونيًا وأخلاقيًا يمكن العودة إليه لضمان حقوق المدنيين وحمايتهم خلال النزاعات المسلحة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى