“هاتفُ المعنى”.. شعر: د. عماد نصّار القيسي

يَتَحدّاني بَياضُ الوَرَقاتِ
بأنْ أكتُبَ أحزانًا جديدةْ
هاتفُ المعنى يُنادي الآنَ
لا شيء يثنيهِ، وهمْساتٌ عنيدةْ
رجلاً يمشي إلى قلبي
على ثِقةِ المالِكِ
خطْواتٍ وَئيدةْ
مثل شيخٍ عاد للبيتِ
وفي يدهِ المفتاحُ والروحُ الوحيدةْ
حَلَّ بابي، دخلَ الصالةَ
ثم استوى في جِلسة المُلكِ الرشيدةْ
ثم قال: اكتبْ
– وما أكتبُ؟
– ما قد ترى في جَذوةِ الشِعرِ الوَقيدةْ
– دعكَ مني، مرهَقٌ حتى دمي
ما تُرجّي فكرةٌ ليست سديدةْ
حامَ في رأسي عَجولاً مُغضَبًا
ورمى بالنومِ في دنيا بعيدةْ
مَدَّ في قلبي يديهِ
ناكثًا جمَراتٍ سَكَنَتْ قلبي جَحودَةْ
ثم قال: اكتبْ
تجاهلتُ
فحَطَّتْ على صدري عصافيرُ سعيدةْ
رَقّصَ الأفكارَ في الغرفةِ قدّامَ عينيَّ
على كفٍّ مَريدةْ
ثم قال: اكتبْ
تحيّرتُ
فقال: انظر الدنيا بكفيَّ وَليدةْ
كلُّ ما قد كان في الدنيا معي كلماتٍ
ترتجي عينًا حَديدةْ
ملأَ الغرفةَ أطيافًا سوانِحَ
تُغري بِيضَ أوراقي اللدودةْ
طيفُ سلمى
صورتي طفلاً
أبي
ثورةُ الشعبِ على العيشِ المَكيدةْ
صوتُ فيروز أتى زنزانةً
أُمّةٌ قادتْ
وأيامٌ مجيدةْ
وشبابٌ أسقطوا طاغيةً
وشهيدًا كان كابْنِي
وشهيدةْ
ومساكين شقاهُم عمرُهمْ
يأكلونَ الصَّبرَ قوتًا وعقيدةْ
قال: فاكتبْ
كلُّ هذا بعض ما في يدي
فاستَدرِج المعنى الطريدةْ
قلتُ: إني كاتبٌ عنكَ
فدعني قليلاً
أقتفي تلك الشريدةْ
غِبتُ حينًا في بياضِ الوَرَقاتِ فقيدًا
وهي في كفي فقيدةْ
وتنبّهتُ، إذا الشيخُ مضى
حين صارت في يدي
هذي القصيدةْ.