انفرادات وترجمات

هذه الدولة هي الرابح الوحيد من محادثات السلام بين روسيا وأمريكا

قالت  مجلة ذا سبيكتاتور البريطانية أنه بينما تجتمع الولايات المتحدة وروسيا في العاصمة السعودية الرياض لمناقشة وقف إطلاق النار في أوكرانيا، تشير هذه المحادثات إلى اقتراب حسم معركة دبلوماسية دارت حول من سيتولى دور الوسيط لإنهاء الحرب.

وقالت المجلة في تقرير لها ترجمته جريدة الأمة الاليكترونية لقد كانت المنافسة على لعب دور الوسيط في حرب أوكرانيا محتدمة، لكن كيف تمكنت السعودية من الخروج على القمة؟ الجواب يكمن في علاقات المملكة الودية مع كل من روسيا بقيادة فلاديمير بوتين، وإدارة دونالد ترامب في البيت الأبيض — وبالطبع، المال الوفير.

واستدركت الصحيفة قائلة :لم تكن “انتصارات” السعودية مضمونة مسبقًا. فقبل جهود إدارة ترامب الأخيرة، قدّمت عدة دول مثل تركيا، فرنسا، الهند، المجر، النمسا، الدنمارك، وحتى إسرائيل (قبل مجزرة 7 أكتوبر) عروضًا للوساطة.

واضافت :فكما يعلم ترامب جيدًا، فإن نيل لقب “الوسيط الناجح” على الساحة الدولية يمنح قدرًا كبيرًا من الهيبة. وقد جذبت هذه الحرب الجميع، من وسطاء الدول المتمرسين إلى المغامرين الباحثين عن فرص.

من جانبه قدم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، على سبيل المثال، نفسه كوسيط سلام فردي، حيث عانق كلًا من بوتين وزيلينسكي في زيارات تاريخية، وأعلن استعداده للعب “دور شخصي” في تحقيق السلام.

أما البرازيل والصين، فقد تقدمتا في مايو 2024 بخطة مشتركة من ست نقاط تدعو إلى عقد مؤتمر سلام دولي. وفي يونيو 2023، قدم سبعة زعماء أفارقة مبادرة سلام مكونة من عشر نقاط، وأرسلوا وفودًا إلى موسكو وكييف لطرح مبادرتهم.

قبل فوز السعودية بدور الوسيط، كانت تركيا وقطر هما الأقرب لذلك المنصب، حيث حققتا بعض النجاحات الملموسة.

ففي يوليو 2022، نجحت تركيا في التوصل إلى اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، ما ساهم في خفض أسعار الغذاء العالمية، حتى انسحبت روسيا من الاتفاق بعد عام. وفي لقاء جمعه بزيلينسكي الشهر الماضي، وصف رجب طيب أردوغان بلاده بأنها “المضيف المثالي” لمفاوضات السلام.

بوتين وبن سلمان

أما قطر، فقد توسطت في عدة اتفاقيات إنسانية لإعادة الأطفال الأوكرانيين والروس الذين شُرّدوا بسبب الحرب. كما كانت على وشك التوسط في اتفاق لوقف الهجمات على البنية التحتية للطاقة بين وفدي روسيا وأوكرانيا في الدوحة، قبل أن تُفشل عملية أوكرانية مفاجئة في كورسك، أغسطس 2024، تلك القمة.

لكن العلاقة الطويلة بين ولي العهد محمد بن سلمان وبوتين هي التي حسمت الأمر لصالح الرياض.

حيث يعرف الرجلان بعضهما البعض من خلال منظمة أوبك، التي توسعت عام 2016 لتضم روسيا ضمن ما أصبح يُعرف بـ”أوبك+”. ورغم بعض التوترات، فقد صمد هذا التحالف أمام الزمن.

وكان كلا الزعيمين حريصين على التعاون للحفاظ على أسعار النفط مرتفعة — فابن سلمان بحاجة إلى أسعار مرتفعة لتمويل مشاريعه الضخمة، مثل مدينة “نيوم” المستقبلية، في حين يحتاج بوتين إلى الأموال النفطية لمواصلة تمويل آلته الحربية.

ورغم إدانة السعودية العلنية للعدوان الروسي، فإنها رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا، وواصلت لقاءاتها الثنائية مع موسكو طوال فترة الحرب. وخلال زيارة بوتين للرياض في ديسمبر 2023، صرح الرئيس الروسي قائلًا: “لا شيء يمكن أن يمنع تطور علاقاتنا الودية”.

وفي وقت سابق من العام نفسه، استضافت السعودية محادثات دولية في جدة لبناء دعم لخطة سلام سعودية خاصة، وبدأت في الترويج لنفسها كوسيط محتمل.

ومع تولي ترامب زمام التفاوض، كان لا بد للوسيط المختار أن يتمتع أيضًا بعلاقات شخصية ممتازة معه — وهنا لم تواجه السعودية أي صعوبة. فترامب يصف محمد بن سلمان بأنه “رجل عظيم”، ويُقال إنه زعيمه الأجنبي المفضل.

و كان أول من اتصل به بعد تنصيبه، وسيكون أول من يزوره في جولاته الخارجية. وخلال مكالمتهما في يناير، تعهد ابن سلمان باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال فترة ترامب الرئاسية — وهو رقم طلب ترامب رفعه إلى “نحو تريليون دولار”.

فلاديمير بوتين وحرب أوكرانيا
فلاديمير بوتين وحرب أوكرانيا

وقد يكون ترامب قد وافق على منح المملكة دور الوسيط لاستمالتها نحو الانضمام إلى اتفاقات أبراهام، التي أُبرمت خلال ولايته الأولى وطبّعت العلاقات بين عدة دول عربية وإسرائيل. إلا أن الحرب في غزة عرقلت انضمام السعودية.

ولا يزال ابن سلمان يسعى إلى تحسين صورته عالميًا بعد أن شوهتها جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، التي تقول الاستخبارات الأميركية إنها تمت بأمر مباشر منه. وقد يساعده الدور في عملية سلام دولية على استعادة علاقاته مع الغرب وتسهيل انضمامه للاتفاق الإبراهيمي.

من المبكر الجزم بنجاح الجولة الأخيرة من المفاوضات. قد تنتهي الحرب كما انتهى الصراع في أيرلندا الشمالية، حين التزمت الأطراف بالسلام، وتمكنت الولايات المتحدة من لعب دور الوسيط الفعّال.

لكن من المرجح، بالنظر إلى طبيعة النظام الروسي المعادية لأوكرانيا، أن تتحول الأمور إلى نموذج يشبه الكوريتين أو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي — حيث جرب العديد من الوسطاء دون الوصول إلى حل.

وفي هذا السياق يؤمل  ألا تكون السعودية مجرد أولى المحاولات الفاشلة في سلسلة طويلة من الوسطاء، حتى وإن كان ذلك يعني أن محمد بن سلمان سينال الفضل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights