هذه خيارات نظام الملالي الإيراني حال توجيه تل أبيب ضربات لأهداف استراتيجية
أصبحت العلاقات الخارجية للنظام الإيرانية، وخاصة في مجال العلاقات مع دول المنطقة، معقدة وحساسة للغاية في ظل التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط والمواجهة مع إسرائيل. يعتقد العديد من المحللين الإيرانيين والدوليين أن إيران تواجه مجموعة من التهديدات الداخلية والخارجية، وأن أي حرب أو صراع عسكري قد يؤدي إلى إضعاف النظام وزيادة الاستياء الشعبي. هذا الوضع يمثل معضلة حيوية للنظام الإيراني، الذي يواجه احتجاجات واسعة واستياءً اجتماعيًا.
الصحف الحكومية، كل منها حاولت بطريقتها الخاصة تبرير السياسات الإقليمية لإيران وإظهار قوتها الدفاعية. ومع ذلك، يمكن رؤية الخوف من الحرب والقلق من عواقبها في بين السطور. في هذا الموجز، نستعرض مقالات من الصحف الحكومية التي تناولت العلاقات الخارجية والوضع الحالي لإيران في مواجهة إسرائيل والتطورات الإقليمية.
من ناحيتها ركزت صحيفة جمهوري الحكومية : إيران الآن يمكنها بسهولة مهاجمة البنية التحتية الإسرائيلية حيث ناقش هذا المقال زيادة قدرة إيران على مهاجمة البنية التحتية الإسرائيلية. تحاول الصحيفة هنا إظهار القوة العسكرية لإيران وتوضح أن القدرات الصاروخية والطائرات بدون طيار الإيرانية قد وصلت إلى مستوى يمكنها من استهداف البنية التحتية الحساسة في إسرائيل بسهولة. ولكن خلف هذا العرض للقوة، يظهر القلق من رد فعل إسرائيل وإمكانية نشوب حرب كبيرة
.
. فيما ركزت صحيفة ستاره صبح الحكومية أن هناك احتمال وقوع حرب بين إيران وإسرائيل حيث حذرت الصحيفة من أن احتمال نشوب حرب بين إيران وإسرائيل في تزايد. تشير الصحيفة إلى أن التوترات الحالية قد تؤدي إلى عواقب وخيمة على المنطقة، ولن تكون إيران بمنأى عنها. وعلى الرغم من أن المقال يحاول تبرير الموقف الدفاعي لإيران، إلا أن القلق من اتساع رقعة الحرب وعدم القدرة على السيطرة عليها يظهر بوضوح بين السطور
وفي مقال أخر قالت نفس الصحيفة الحكومية أن حماس كانت تعتقد أن العالم العربي يدعمها، لكنها واجهت واقعاً مريراحيث يشير هذا المقال إلى وضع حركة حماس وتراجع دعم العالم العربي لها، محاولاً تقديم إيران كالداعم الحقيقي الوحيد للمقاومة الفلسطينية. ومن جهة أخرى، يشير المقال إلى أن حتى الحلفاء التقليديين لإيران في العالم العربي لا يقدمون دعماً كاملاً لحماس، مما يعكس تراجع موقع إيران في المنطقةً
وفي نفس السياق روجت صحيفة ” هايبرسونيك” الحكوميةللتقنيات العسكرية الإيرانية وقدرتها على مواجهة التهديدات الإسرائيلية. يحاول الكاتب خلق صورة لمستقبل خالٍ من التهديد لإيران، ولكن من الواضح أن هذه المحاولة أكثر طابعاً دعائياً وتظهر عدم اليقين بشأن عواقب الحرب .
من جانبها أكدت صحيفة اعتماد الحكومية في مقال لها بعنوان العدوان الصهيوني وحتمية انتصار القيم الإنسانية حيث يقدم هذا المقال الهجمات الإسرائيلية باعتبارها انتهاكات لحقوق الإنسان، ويظهر إيران كداعم للقيم الإنسانية ومكافح للظلم. هذه الرواية تهدف إلى جذب الرأي العام الداخلي لدعم سياسة النظام. ومع ذلك، يظهر الخوف من الفشل في هذه المعركة الأيديولوجية وعواقبها على إيران بوضوح بين السطور
. من جانبها شددت صحيفة شرق الحكومية شرق علي أهمية الخوف والعقلانية في اتخاذ قرارات الحرب حيث يناقش هذا المقال النهج العقلاني في التعامل مع التهديدات العسكرية، ويحاول أن يظهر القرارات الإيرانية على أنها تعتمد على حسابات عقلانية ودقيقة. ولكن هذا التركيز على “العقلانية” مقابل “الخوف” يكشف عن وجود خوف عميق من نشوب حرب شاملة قد تفقد الحكومة السيطرة عليها
.في المقابل انتقدت صحيفة اعتماد الحكومية اعتماد المغالطة الكبرى في الدفاع عن الوطن بعض الحجج في الدفاع عن السياسات العسكرية، ويبدو أن هناك قلقًا حتى بين الصحف الحكومية حول النهج العسكري وتبعاته. يشكل هذا المقال نوعاً من التحذير للساسة من أن اتخاذ قرارات عسكرية قد يدفع البلاد إلى مزيد من الأزمات!
ودخلت صحيفة كيهان الحكومية علي الخط حيث أوضحت أن طوفان الأقصى”،شكلت نقطة تحول كبيرة في نضال الشعب الفلسطيني
وتبنت الصحيفة موقفاً هجومياً، وفي هذا المقال اعتبرت “طوفان الأقصى” نقطة تحول في نضال الفلسطينيين. محاولة بشدة إظهار قوة إيران وحلفائها في المنطقة، لكن من منظور آخر، يمكن أن تكون هذه التأكيدات المستمرة على “الانتصارات الكبرى” محاولة لتغطية الخوف من الهزيمة وعواقب الحرب المحتملة.
من خلال استعراض هذه المقالات، يمكن ملاحظة أن هناك خوفًا عميقًا من الحرب وعواقبها للنظام الإيراني، على الرغم من الدعاية المستمرة لعرض القوة العسكرية. القلق من أن الحرب، إلى جانب إضعاف البنية التحتية للبلاد، قد تؤدي إلى استياء شعبي أكبر واندلاع احتجاجات، يظهر بوضوح بين السطور.
في الوقت نفسه، تسعى السياسات الحالية للنظام الايرانية في المنطقة، رغم أنها تسعى لتعزيز الردع، إلى تعزيز هذا القلق من أن أي تصعيد عسكري قد يؤدي إلى نفس النتيجة: زيادة الاستياء الداخلي واندلاع انتفاضات جديدة.