تقارير

هذه خيارات نظام الملالي للرد علي تصعيد مجلس حكماء وكالة الطاقة الذرية

في الاجتماع الأخير لمجلس الحكام التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية صدر قراريدين النظام الإيراني للمرة الثانية هذا العام بسبب عدم تعاونه الكامل مع الوكالة.

هذا القرار، الذي قدمته فرنسا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة، طالب إيران بتقديم تفسيرات بشأن وجود آثار اليورانيوم في موقعين غير معلنين، وهما في ورامين وتورقوز آباد، حيث امتنعت طهران عن تقديم تقارير حولهما للوكالة.

بالإضافة إلى ذلك، تخضع إيران لضغوط للسماح للمفتشين بالدخول إلى جميع المواقع النووية لضمان أن برنامجها النووي يقتصر على الأغراض السلمية. جاء هذا القرار استنادًا إلى تقارير سرية تشير إلى زيادة إيران لمخزونها من اليورانيوم المخصب إلى مستويات قريبة من الدرجة العسكرية، مما أثار مخاوف جدية بشأن احتمال انحراف برنامجها النووي نحو تصنيع الأسلحة النووية.

يأتي هذا التصعيد في وقت تجاهلت فيه إيران الدعوات الدولية لتقييد تخصيب اليورانيوم. وقد طلب مجلس الحكام من إيران تقديم تقرير محدث عن أنشطتها النووية بحلول ربيع 2025، مما قد يمهد الطريق لفرض عقوبات جديدة وزيادة التوترات بين طهران والغرب. هذا القرار اتخذ في مرحلة حساسة، حيث قد يعود ترامب إلى البيت الأبيض، وهو ما يجعل البرنامج النووي الإيراني موضوعًا رئيسيًا في العلاقات الدولية.

في مواجهة هذه الضغوط، هدد المسؤولون الإيرانيون، لا سيما كاظم غريب آبادي، نائب وزير الخارجية، بأنه في حال إعادة فرض العقوبات وتفعيل آلية “سناب باك” (آلية إعادة فرض العقوبات تلقائيًا في حال انتهاك الاتفاق النووي)، فإن إيران ستنسحب فورًا من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية

تعكس هذه التهديدات إصرار طهران على مواجهة الضغوط الدولية والحفاظ على حرية التحرك في برنامجها النووي. كما أشار المسؤولون الإيرانيون إلى أنه إذا أعيد فرض العقوبات، فقد تسارع إيران عمليات تخصيب اليورانيوم إلى مستويات قريبة من الدرجة العسكرية.

تأتي هذه التحركات في ظل تأكيد مجلس الحكام في تقاريره السابقة على ضرورة تقديم إيران تفسيرات فنية حول آثار اليورانيوم المكتشفة في المواقع غير المعلنة وتوفير الوصول للمفتشين إلى هذه المواقع. هذه الضغوط، مع اقتراب انتهاء بعض بنود الاتفاق النووي (JCPOA) في عام 2025، قد تؤدي إلى تصعيد الأزمة النووية وزيادة التوترات بين إيران والقوى العالمية.

وتضمن قرار مجلس الحكام الأخير عدة محاور رئيسية تشمل ما يلي:

  1. وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز 60٪

على إيران التوقف فورًا عن التخصيب بنسب تتجاوز 60٪، حيث تعتبر هذه النسبة أعلى بكثير من الاحتياجات السلمية للطاقة النووية، ما يثير مخاوف من أهداف عسكرية محتملة.

  1. الشفافية بشأن المواقع غير المعلنة

يتعين على إيران تقديم تفسيرات واضحة بشأن اكتشاف آثار يورانيوم في مواقع غير معلنة، بالإضافة إلى السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى هذه المواقع للتحقق.

  1. العودة إلى الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق النووي (برجام)

طالب القرار إيران بإعادة الامتثال للقيود المحددة في الاتفاق النووي، بما في ذلك إدارة مخزونها من اليورانيوم المخصب وتقليل الأنشطة المتقدمة التي تتجاوز البنود المتفق عليها.

  1. ضمان التعاون الكامل مع الوكالة

يجب على إيران أن تضمن تعاونًا كاملاً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من خلال توفير إمكانية الوصول إلى المواقع والمعلومات ذات الصلة التي تسهم في تقييم طبيعة برنامجها النووي.

واستنادًا إلى التجارب السابقة وسلوك النظام الإيراني في التعامل مع الضغوط الدولية وقرارات مجلس الحكام، يمكن توقع السيناريوهات والاستراتيجيات التالية التي قد يعتمدها النظام في المرحلة المقبلة:

  1. تصعيد التكتيكات النووية لتعزيز الموقف التفاوضي

قد يسعى النظام الإيراني إلى رفع مستوى تخصيب اليورانيوم أو تركيب أجهزة طرد مركزي متقدمة لتغيير أجواء المفاوضات. تهدف هذه التحركات إلى تعزيز أدوات الضغط في أي مفاوضات مستقبلية، وغالبًا ما تكون مصحوبة بتهديدات مثل الانسحاب من البروتوكول الإضافي أو تقليص وصول المفتشين الدوليين.

 

  1. مواصلة اللعب المزدوج بين المفاوضات والمواجهة

من المحتمل أن يستمر النظام في اتباع تكتيكه المعتاد الذي يجمع بين المفاوضات المحدودة والتهديدات العملية. في هذا السيناريو، قد يرسل النظام إشارات إيجابية عن استعداده للتفاوض (مثل التعامل مع الأوروبيين أو الإعلان عن تعاون محدود مع الوكالة)، بينما يواصل تطوير أنشطته النووية.

 

  1. استقطاب دعم القوى الشرقية

يُعتبر التقارب مع الصين وروسيا أحد التكتيكات الثابتة للنظام الإيراني. وقد يسعى النظام للحصول على دعم سياسي واقتصادي أكبر من هاتين الدولتين لتخفيف الضغوط الغربية وإيجاد بدائل للتعامل مع العقوبات.

 

  1. زيادة التهديدات الإقليمية وتأجيج الأزمات

قد يلجأ النظام إلى تصعيد التوترات الإقليمية لتحويل الانتباه عن ملفه النووي، وذلك باستخدام وكلائه الإقليميين في لبنان، العراق، اليمن، أو فلسطين لتنفيذ تحركات تهدد الاستقرار في المنطقة.

 

  1. تغيير تكتيكي في النهج الداخلي والخارجي

على الصعيد الداخلي، قد يعتمد النظام على ترويج مفهوم “المقاومة الاقتصادية” كحل داخلي للتخفيف من تأثير العقوبات، مصورًا ذلك كجزء من الصمود الوطني. أما خارجيًا، فقد يستخدم حملات إعلامية تظهره في موقع الضحية الساعية للسلام، محاولًا كسب تأييد دولي يخفف من حدة الضغوط المفروضة عليه.

 

من المرجح أن ينفذ النظام الإيراني مجموعة من هذه الاستراتيجيات بشكل متزامن لكسب الوقت من جهة، وإدارة الضغوط الدولية من جهة أخرى. مع ذلك، يبقى الضعف الاقتصادي والعزلة السياسية تحديات رئيسية تهدد النظام، وقد تؤدي في الأمد البعيد إلى تغييرات غير متوقعة في سياساته الداخلية أو الخارجية.

لكن التحدي الأكبر الذي يواجه النظام هو الوضع المتفجر داخل المجتمع الإيراني واندلاع انتفاضة شاملة. هذا هو الهاجس الأكبر للنظام، الذي يجعله يفكر مليًا قبل اتخاذ أي خيار ويتعين عليه إيجاد حلول لهذه المخاطر. حتى الآن، اعتمد النظام على رفع مستوى الأمن، القمع، تنفيذ الإعدامات، وتعزيز الرقابة الأمنية كاستراتيجيات رئيسية. لكن هذه الإجراءات، وإن كانت فعالة إلى حد ما، تصبح عكسية إذا تجاوزت حدودها، مما يؤدي إلى تصعيد الاحتجاجات واتساع نطاق الانتفاضة الشعبية.

شرعية مواقف المقاومة الإيرانية تجاه مشروع النظام الإيراني النووي

عقب صدور قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مساء الخميس، الأول من ديسمبر، صرحت الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية برسالة تضمنت شكرًا وتحيةً للمواطنين الإيرانيين وأنصار المقاومة قائلة:

“إن صدور هذا القرار، الذي كان ينبغي اتخاذه منذ وقت طويل، يعكس صحة ودقة وشرعية مواقف المقاومة الإيرانية تجاه أهداف وخداع النظام فيما يخص مشاريعه النووية. وعلى الرغم من المناورات والمحاولات المكثفة للنظام لمنع صدور القرار، فقد فشلت تلك المحاولات، وعلى النظام الآن أن يتحمل المسؤولية”.

كانت المقاومة الإيرانية أول من كشف، في يونيو 1991، عن البرامج والمنشآت السرية الخاصة بأسلحة الدمار الشامل التابعة للنظام. وفي عام 2002، أفصحت المقاومة عن منشأتي نطنز وأراك، مما سلط الضوء عالميًا على تهديد النظام الإيراني بالسلاح النووي. ومع ذلك، استمر النظام على مدى ثلاثة عقود في اتباع سياسة الخداع والتضليل، مكبدًا الشعب الإيراني أكثر من 2000 مليار دولار بسبب مشروع إنتاج القنبلة النووية.

وقد بنى النظام الإيراني علاقاته مع الغرب والوكالة الدولية للطاقة الذرية على أساس الخداع، ولم يتخلَّ عن هذه السياسة حتى في تنفيذ الاتفاقيات النووية (برجام). وفي الوقت الذي استمر فيه المماطلون الدوليون في الانخداع بخداع النظام وعملائه، أكدت المقاومة الإيرانية دائمًا على ضرورة الحزم وإحالة الملف النووي وجرائم النظام ضد الإنسانية إلى مجلس الأمن الدولي.

في 21 نوفمبر، شددت السيدة مريم رجوي، في كلمتها أمام البرلمان الأوروبي، على أن الخطوة الأولى والضرورية لمنع هذا النظام الإرهابي من الحصول على قنبلة نووية هي تفعيل آلية “سناب باك” الواردة في القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن، وإعادة تفعيل القرارات الستة الخاصة بمشاريع النظام النووية. وبعد صدور قرار مجلس محافظي الوكالة، أكدت مجددًا:

“لا ينبغي لمجلس الأمن الانتظار. يجب أن يتخذ إجراءات عاجلة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ضد النظام الإيراني حفاظًا على السلام والأمن الدوليين”.

المعارضة الايرانية

بينما تواصل المقاومة الإيرانية فضح أكاذيب وخداع النظام على الساحة الدولية، توسع شبكاتها الداخلية من خلال “معاقل الانتفاضة” التي تشهد نشاطًا غير مسبوق، استعدادًا لظروف الانتفاضة ضد النظام.

وتعكس مواقف المقاومة الإيرانية واستراتيجياتها، سواء على الساحة الدولية أو داخل إيران، التزامها بفضح المشروع النووي للنظام وكشف تداعياته الكارثية على الشعب الإيراني والمجتمع الدولي. وتستمر في التأكيد على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي خطوات حاسمة، بينما تعزز جهودها داخليًا لتهيئة الظروف لإسقاط نظام الملالي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى