هكذا افشل نتنياهو اتفاق وقف إطلاق النار بغزة بعد موافقة مفاوضيه عليه
بعد يوم من تأكيد إسرائيل أن حركة حماس قتلت ستة رهائن في غزة، توجه رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي إلى الدوحة لإجراء محادثات حول المبادرة الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة، والتي تسعى إلى الإفراج عن باقي الرهائن وإنهاء الحرب في القطاع.
تُركّزت المحادثات بحسب تقرير لصحيفة “فايننشيال تايمز “يوم الاثنين بين رئيس الموساد دافيد بارنياع ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وهو أحد الوسطاء الرئيسيين، على العقبة الرئيسية التي تحول دون التوصل إلى اتفاق: إصرار إسرائيل على الاحتفاظ بقواتها على شريط من الأرض على طول حدود غزة مع مصر، يُعرف باسم ممر فيلادلفيا. وقد أبدى بارنياع بصيصاً من الأمل.
زتمسك بارنياع بموقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل لن تسحب قواتها من الممر خلال المرحلة الأولى من الصفقة المكونة من ثلاث مراحل والمدعومة من الولايات المتحدة، والتي نوقشت لعدة أشهر من قبل الوسطاء.
لكنه أضاف أنه إذا نجح الاتفاق ودامت الهدنة لمدة ستة أسابيع، فإن إسرائيل ستكون “مستعدة لسحب قواتها من هناك”، وفقاً لدبلوماسي أُطلع على المحادثات وهو ما تم النظر إليه باعتباره تطوراً إيجابياً و”شيئاً يمكن للوسطاء العمل عليه”، وفقاً لما قاله الدبلوماسي.
وجرت هذه المحادثات بين بارنياع والقطريين في وقت تزايدت فيه الضغوط الشعبية على نتنياهو، بعد الإضراب العام في إسرائيل، للموافقة على اتفاق بعد مقتل الرهائن الستة. وتبع الإضراب احتجاجات جماهيرية مساء الأحد، حيث كانت التظاهرات الأكبر منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر الذي أشعل الحرب، وخرج مئات الآلاف من الإسرائيليين للتعبير عن إحباطهم من رئيس الوزراء وحكومته اليمينية المتطرفة.
ومع ذلك، تلاشت الآمال في تحقيق اختراق سريعاً، كما حدث مراراً وتكراراً في الأشهر الماضية. في وقت لاحق من يوم الاثنين، عقد نتنياهو مؤتمراً صحفياً مطولاً تعهد فيه بعدم “الاستسلام” من خلال الموافقة على اتفاق، ورفض مطالب المحتجين، وأكد مرة أخرى على ضرورة الاحتفاظ بالقوات في ممر فيلادلفيا، مشيراً إلى أنه قد يكون ذلك إلى الأبد.
واستخدم نتنياهو الخرائط في خطابه، واصفاً شريط الأرض، الذي تقول إسرائيل إن حماس تستخدمه لتهريب الأسلحة عبر الحدود، بأنه “ذو أهمية حاسمة سواء في إعادة الرهائن إلى الوطن أو ضمان سحق حماس”.
وأضاف: “لهذا السبب تصر حماس على ألا نكون هناك، ولهذا السبب أصر أنا على أن نكون هناك”.
وقد نظر العديد من المراقبين من الأمر باعتباره تحديا من جانب نتنياهو للضغوط الداخلية والدولية المتزايدة للتوصل إلى اتفاق – وذلك بعد ساعات من محادثات بارنيا في الدوحة – أبرز التحديات التي يواجهها الوسطاء في محاولة التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس.
وقال الدبلوماسي المطلع على المحادثات إنه لم يكن هناك جولة جديدة من المفاوضات المقررة، على الرغم من أن المسئولين الأمريكيين حذروا من أن المحادثات الأخيرة قد تكون الفرصة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق.
فيما يعتقد الكثيرون أنه لا حماس، ولا مصر، وهي أحد الوسطاء الرئيسيين الآخرين، مستعدة لقبول اتفاق يبقي القوات الإسرائيلية في ممر الحدود الذي يبلغ طوله 14 كيلومتراً.
وبعد المؤتمر الصحفي الذي عقده نتنياهو، والذي أشار فيه إلى أن مصر قد أغمضت أعينها عن تهريب حماس للأسلحة، أصدرت القاهرة إدانة غير معتادة لتعليقات نتنياهو، متهمة إياه “بالإشارة إلى مصر لصرف الرأي العام الإسرائيلي وتعطيل التوصل إلى وقف لإطلاق النار وتبادل الرهائن والأسرى”.
وقالت الحكومة المصرية: “تحمّل مصر الحكومة الإسرائيلية مسئولية عواقب هذه التصريحات التي تعمق الأزمة وتهدف إلى تبرير التحريض والسياسات العدائية”.
وأصدرت قطر بيانًا يعرب عن “تضامنها” مع مصر، قائلة إن “نهج الاحتلال الإسرائيلي القائم على محاولة تزوير الحقائق وتضليل الرأي العام العالمي من خلال تكرار الأكاذيب سيؤدي في النهاية إلى تراجع جهود السلام وتوسع العنف في المنطقة”.
وقال شخص مطلع على المناقشات الحكومية المصرية إن أسابيع من المحادثات بين القاهرة وواشنطن، بمساهمة من المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين، كانت تناقش “آلية مراقبة” لحدود مصر مع غزة لإقناع نتنياهو بأن الحدود يمكن تأمينها دون وجود القوات الإسرائيلية.
ويمكن أن تتضمن هذه الآلية حاجزًا عالي التقنية تحت الأرض يُبنى على الجانب المصري من الممر، على غرار التحصينات التي بنتها إسرائيل قبل عدة سنوات حول غزة لمنع الأنفاق. كما سيتم نشر أجهزة استشعار إضافية لتتبع بناء الأنفاق، بالإضافة إلى وحدات نخبة من القوات المصرية مكلفة بوقف التهريب فوق الأرض، وفقاً لما قاله الشخص.
وأضاف أن الولايات المتحدة من المرجح أن تمول هذا المشروع، مشيرًا إلى أن القاهرة ألمحت إلى أن “الضمان الوحيد ضد تهريب الأسلحة هو التعاون المصري الإسرائيلي”.