في خطوة تكشف عن عمق مأزقه، خرج الولي الفقيه علي خامنئي يوم الأحد 7 سبتمبر، ليعترف بأزمة المعيشة الطاحنة، لكنه في الوقت ذاته حذر مسؤولي نظامه من الحديث عن نقاط الضعف والأوضاع المتأزمة عبر المنابر الرسمية.
وقال: “عندما يقف المسؤولون أمام الناس، يجب ألا يكونوا رواة للضعف والعجز واليأس، بل رواة لقوة وإمكانيات البلاد”. وعلى الفور، ردد رئيسه، بزشكيان، هذه الدعوة كالببغاء داعيًا إلى “الوحدة ونبذ الخلافات”.
في هذا السياق، تسببت تظاهرة 6 سبتمبر في بروكسل، التي جمعت عشرات الآلاف من الإيرانيين الأحرار وشخصيات غربية بارزة، بحسب عضو المجلس الوطني للمقاومة الايرانية مهدي عقبائي في تصعيد “صراع الذئاب” بين سُراة النظام، مما عزز الضغط الداخلي والدولي على القيادة.

لكن لم تمر 24 ساعة على هذه التوصيات، حتى قام أتباع الولي الفقيه أنفسهم، ومن على “منبر” البرلمان الصوري، بشن هجوم كاسح على حكومة بزشكيان، ليصبحوا هم أنفسهم رواة الضعف والعجز والتشتت الذي لا علاج له في نظامهم.
فقد هاجم النائب حاجي دليگاني وزير الخارجية عراقجي بشأن الاتفاقات السرية مع مصر والتنازلات المحتملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية،
انتقادات لعراقجي
وهدده قائلاً: “سيد عراقجي، أحذرك! ماذا تفعل؟ إذا تجاوزت ما نص عليه القانون، فسنعاقبك، وبالإضافة إلى استجوابك، سنقدمك للمحاكمة. ليس لك الحق في التفريط بحقوق الشعب الإيراني بهذه الطريقة”.
وقبل أن يوجه هجومه نحو لاريجاني، قام رئيس الجلسة بقطع الميكروفون عنه.
وفي نفس اليوم، روى النائب حسيني كيا فصولاً أخرى من عجز نظام خامنئي، قائلاً: “إن البنك المركزي في هذا البلد قد مات. السيد فرزين (محافظ البنك المركزي) بتدبيره السيئ تسبب في انهيار قيمة العملة الوطنية كل يوم.
وتساءل لماذا كل هذا العجز وانعدام التخطيط في البنك المركزي؟ يا سيادة الرئيس، فكر في حل للبنك المركزي. لا يوجد اليوم شخص في هذا البلد أكثر عجزًا من السيد فرزين”.
كما هدد حسيني كيا باستجواب عراقجي أيضًا. أما النائب آريايي نجاد، فقد فجر بالون “الوحدة” الذي أطلقه بزشكيان، واصفًا “وفاقه” بـ”النفاق”، وهاجم حكومته قائلاً: “بينما يعاني الناس من صعوبات معيشية واقتصادية، تُنفق تكاليف باهظة على المهرجانات”.
ولعل الاعتراف الأكثر فضحًا جاء من الحارس حيات مقدم، الذي قيّم أداء رئيس خامنئي بالقول: “أداء الحكومة في مجال التوظيف صفر. أداء الرئيس صفر. أداء وزير العمل صفر، وأداء المحافظ صفر”.
ثم كشف عن جوهر أزمة النظام وقلقه الحقيقي، قائلاً: “نحن لا نخشى تهديد أمريكا أو إسرائيل أو أي دولة أخرى، لكن التحديات الاجتماعية هي التي أصبحت تهديدًا لنا. إن التحدي الاجتماعي والبطالة يتحولان إلى تحدٍ سياسي، ثم إلى تحدٍ أمني، ثم إلى أزمة. لكن السادة لا يفهمون هذه الأمور”.
هذا ليس سوى جزء من “صراع الذئاب” ورواية “الضعف والعجز واليأس” في اليوم التالي لتحذير خامنئي.
وقبل أسبوعين، كان علم الهدى في مسرحية صلاة الجمعة بمشهد قد كشف عن حجم اليأس والانهيار في أعمق طبقات النظام، حين قال: “يقولون لا تستمعوا إلى الإذاعة والتلفزيون لأن أخبارها كاذبة. يقولون لا تهتموا بتقارير المسؤولين لأنها مخالفة للواقع. ومؤخرًا يقولون لا تستمعوا حتى لكلام المرشد لأنه مكرر”.
وفي اعتراف آخر، تناولت إحدى وسائل إعلام النظام جذر هذه الأزمة، أي الفجوة التي لا يمكن ردمها بين الشعب والنظام وخطر الانفجار الاجتماعي،
أزمات النظام
وكتبت: “عندما يرى العامل والمتقاعد أن نتيجة سنوات من دفع أقساط التأمين في مهب الريح، وأن الحكومة ليس لديها أي عزم جاد لإنقاذها،
فماذا يتبقى سوى اليأس والغضب الاجتماعي؟… أزمة الضمان الاجتماعي ليست مجرد مسألة محاسبية، بل يمكن أن تتحول بسرعة إلى أزمة اجتماعية وحتى أمنية…
وخلص عقبائي في النهاية للقول :تخيلوا ما هي الأبعاد التي سيتخذها احتجاج عدة ملايين من الأسر المتقاعدة وأي هزة ستحدثها في جسد اقتصاد وسياسة البلاد… إذا استمرت الحكومة في مكتوفة الأيدي، فإن نقطة الانفجار ليست بعيدة”.