هكذا يقوض اليمين الصهيوني المتطرف أجندة بايدن في الشرق الأوسط
كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن محاولات مكثفة تقوم بها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لمحاولة موازنة أصعب الظروف في الشرق الأوسط في حين أن الولايات المتحدة تظل ثابتة في دعمها لإسرائيل وهي تتابع حربها ضد حماس، فإنها تحاول أيضا تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين الفلسطينيين في غزة وتقليل نطاق الصراع، الذي يهدد بالتوسع في جميع أنحاء المنطقة.
وأفادت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها ترجمته “جريدة الأمة الإليكترونية ” يجادل منتقدو الموقف الأمريكي من حرب غزة بما في ذلك المتظاهرين المؤيدين لوقف إطلاق النار الذين قاطعوا الرئيس بايدن في حدث يوم الاثنين في تشارلستون، إس سي – بأن هذه الجهود المبذولة للتخفيف تفشل على نطاق واسع، وأن البيت الأبيض ضالع عمدا أو بلا ذكاء في مذبحة واسعة للفلسطينيين “ما لا يقل عن 23210 شخصا، في آخر إحصاء” والتطهير العرقي الفعلي لقطاع غزة.
ومضت الواشنطن بوست للقول :في جولة في عواصم الشرق الأوسط هذا الأسبوع تضمنت توقفا في تل أبيب يوم الثلاثاء، أوصل وزير الخارجية أنتوني بلينكن رسائل من نظرائه عرب إلى المسؤولين الإسرائيليين، وحث حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في زمن الحرب على تقليص كثافة عملياتها العسكرية وتوسيع المساعدات الإنسانية للسكان الذين دمرهم الجوع والمرض.
بل وكرر بلينكن أيضا دعم الولايات المتحدة لحملة إسرائيل وتجاهل مبادرة بقيادة جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية بأنها “لا أساس لها”.
ويلوح في الأفق في رحلات بلينكن هذا الأسبوع قلق إدارة بايدن من أن الحرب قد تتصاعد على الصعيد الإقليمي بشكل قد تسحب إسرائيل معه بعض القوات من غزة – على الرغم من أن عدد القتلى الفلسطينيين قد ازداد سوءا – ولكن التوترات تتصاعد على حدودها الشمالية مع لبنان، حيث شاركت القوات الإسرائيلية في قصف متبادل يومي مع حزب الله. “إن خطر شن إسرائيل لهجوم طموح على حزب الله لم يختفي أبدا”، نقلا عن مسؤولي البيت الأبيض ووزارة الخارجية،
واستدركت الصحيفة “ولكن كان هناك قلق أوسع بشأن التصعيد في الأسابيع الأخيرة، خاصة وأن إسرائيل أعلنت الانسحاب المؤقت لعدة آلاف من القوات من غزة في 1 يناير – وهو قرار يمكن أن يفتح الباب لعملية عسكرية في الشمال”.
ومضت للقول :ثم هناك سؤال عما سيأتي بعد ذلك في غزة. يدفع المسؤولون الأمريكيون من أجل سيناريو ما بعد الحرب من شأنه أن يشهد مشاركة واستثمارا جوهريين من جيران إسرائيل العرب، وعودة الحكم الإداري الفلسطيني غير التابع لحماس إلى غزة وإحياء المسار السياسي لحل الدولتين – الرؤية المحتضرة الآن للدول الإسرائيلية والفلسطينية المنفصلة التي تعيش جنبا إلى جنب.
في كل هذا، تواجه إدارة بايدن عقبات من داخل ائتلاف نتنياهو اليميني المتطرف.
وقضى رئيس الوزراء اليميني الكثير من حياته السياسية في التخلص من احتمال حل الدولتين وعاد إلى السلطة مع الحلفاء في اليمين الذين يرفضون صراحة أي حديث عن الدولة الفلسطينية. كما أنهم يدعون إلى مزيد من الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية وحتى غزة التي تعاني من الحرب. جعل الخطاب القادم من داخل إسرائيل المحاولات الأمريكية لولادة خطة إقليمية لتهدئة الأزمة أكثر صعوبة.
“فيما لا تزال الفجوات بين الإسرائيليين والقادة العرب واسعة حيث يدعو أعضاء اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو إلى التشريد الجماعي للمدنيين من غزة ورفضوا الدعوات الأمريكية إلى سلطة فلسطينية “مجددة ومفعلة” للعب دور في غزة بعد الحرب”، أشار نظرائي العرب إلى رفض نتنياهو العلني للسماح للسلطة الفلسطينية بتأكيد السيطرة على غزة بعد الحرب.
وتشير إحدى مسارات التحليل إلى أن نتنياهو يخضع للقوى التي ستبقيه في السلطة – وهي الزعامات اليمينية المتطرفة مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير ووزير المالية بتسلائيل سموتريتش. “يؤجج هذان العضوان اليمينيان المتطرفان باستمرار النزاعات بين إسرائيل وأمريكا ويشعلان نيران الاستقطاب في إسرائيل.” كتب عاموس هاريل في صحيفة هآرتس الإسرائيلية: “يبدو أن نتنياهو أسيرهم”.
وأضاف هاريل أن شهية اليمين الإسرائيلي لانتصار متطرف والسياسة الداخلية الأوسع في الوقت الحالي قد تعني أن نتنياهو “لديه مصلحة واضحة في جعل الحرب في غزة تطول طوال العام المقبل. ومن الصعب دحض الخوف الأمريكي من أن هذه المرة، مع ظهره إلى الحائط، قد يفكر نتنياهو أيضا في مزيد من التصعيد على الجبهة الشمالية.”
بينما أسقط البيت الأبيض الكثير من أجندة حقوق الإنسان للمنطقة لصالح إعطاء الأولوية لتطبيع إسرائيل للعلاقات مع المملكة العربية السعودية. ستساعد الاتفاقات السياسية والاقتصادية والدفاعية التي ستنبثق من هذا التقارب الرسمي، في أذهان العديد من صانعي السياسات في واشنطن، في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط وتسمح للولايات المتحدة بتحويل تركيزها إلى آسيا والمحيط الهادئ والتحديات الشائكة التي تفرضها الصين الصاعدة.
وتابع تقرير الواشنطن بوست قائلا :لكن استفزازات اليمين المتطرف الإسرائيلي والحجم المدمر للحرب في غزة تجعل المحادثات صعبة مرة أخرى – بما في ذلك الاعتراف بأن الافتقار إلى الحقوق السياسية والمدنية لملايين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي لم يعد من الممكن ببساطة وضعه تحت السجادة.
وبعد اجتماعات في المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع، قال بلينكن للصحفيين إن الرياض لا تزال مهتمة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكنها “ستتطلب إنهاء الصراع في غزة، وسيتطلب أيضا بوضوح أن يكون هناك مسار عملي لدولة فلسطينية”.
في مقابلة يوم الثلاثاء مع هيئة الإذاعة البريطانية، أشار خالد بن بندر، السفير السعودي لدى بريطانيا، إلى اليمين الإسرائيلي باعتباره عائقا أمام المصالحة السياسية. وقال: “المشكلة التي نواجهها اليوم مع الحكومة الحالية في إسرائيل هي أن هناك منظورا متطرفا ومطلقا لا يعمل على تحقيق حل وسط، وبالتالي لن تنهي الصراع أبدا”.
في الوقت الحالي، يحفر نتنياهو وحلفاؤه قبورهم. يزعم المحللون أن مسار الحرب والتوترات الإقليمية المتصاعدة قد تلعب أيضا في أيدي عدو نتنياهو اللدود، إيران.
لاحظ بول سالم، الرئيس والمدير التنفيذي لمعهد الشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث في واشنطن: “إن استراتيجية الجناح اليميني الإسرائيلي الكبرى على غرار عام 1948 لإعادة رسم حقائقه الديموغرافية والجيوسياسية، من ناحية، واستغلال إيران لتوتر متزايد من الصراع، من ناحية أخرى، يهدد بقيادة الشرق الأوسط والعالم، في اتجاه خطير للغاية في عام 2024”.
وأضاف سالم “ومع وجود نفوذ ضئيل للولايات المتحدة على إسرائيل – أو إيران – في هذا الصدد، ولا يوجد لاعب إقليمي أو عالمي آخر قادر على تحويل هذا المسار الخطير، يبدو أن المنطقة تتجه في اتجاه متفجر للغاية.”.