في أعقاب حرب الأيام الاثني عشر، وفي الوقت الذي كانت فيه الدعوات الدولية تتصاعد من أجل التهدئة والدبلوماسية، علت أصوات ممثلي الولي الفقيه من على منابر صلاة الجمعة في مختلف أنحاء إيران، بحسب عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مهدي عقبائي ليس للدعوة إلى السلام، بل لقرع طبول الحرب ورفض أي حديث عن المفاوضات، في محاولة يائسة لإخفاء الهزيمة الاستراتيجية التي مُني بها النظام وإظهار القوة من موقع ضعف غير مسبوق.
ففي مدينة مشهد، صرح الملا علم الهدى، ممثل خامنئي، بوضوح قائلاً: “ليس لدينا قضية سلام. وقف إطلاق النار الذي أعلنوه ليس سلاماً… الحديث عن المفاوضات والسلام المفروض لم يعد له معنى”.
وأضاف، في محاولة لتجييش قاعدته القمعية، أن “المسؤولين الأمنيين في هذه المحافظة أخبروني أنهم تلقوا أكثر من مليون وأربعمئة ألف بلاغ من المواطنين عن حالات مشبوهة في غضون يومين أو ثلاثة أيام”.
وفي كرج، ذهب الملا حسيني همداني، ممثل خامنئي الآخر، إلى أبعد من ذلك، معتبراً أن القضية ليست البرنامج النووي، بل هي استسلام النظام. قال: “إنهم يريدون منا الاستسلام. القضية ليست فوردو أو نطنز، وليست القضية النووية أو التخصيب… نقول لأمريكا وأتباعها الأشرار، إن إيران لن تستسلم، وستأخذون حلم استسلام إيران معكم إلى القبور”.
هذه اللهجة العدائية، التي تحاول إظهار القوة والتماسك، تأتي في وقت يعترف فيه نفس هؤلاء المسؤولين بحجم الخسائر.

فقد أقر الملا دري نجف آبادي في أراك بمقتل العشرات في محافظته وحدها، قائلاً: “في محافظة مركزي وحدها، قدمنا أكثر من 30 شهيداً… والبعض لم يتم العثور على جثثهم بعد”.
إن هذه التصريحات المتناقضة وفقا لعقبائي تكشف عن حقيقة الوضع: النظام يحاول إخفاء ضعفه الشديد بعد الضربات التي تلقاها، والتي أدت إلى تآكل بنيته العسكرية والأمنية. إن التهديد والوعيد والتلويح بمواجهة أشد، ما هو إلا محاولة للتغطية على هذه الهزيمة، وتخويف المجتمع الدولي من الضغط عليه، والأهم من ذلك، قمع أي صوت معارض في الداخل قد يستغل هذا الضعف للانتفاض.

وتؤكد هذه المواقف أيضاً على حقيقة استراتيجية أخرى: أن السلاح النووي يمثل “ضمانة بقاء” لهذا النظام. فهو يرى في القنبلة بوليصة تأمين ضد السقوط، ولهذا السبب لن يتخلى عن برنامجه النووي، وخاصة “التخصيب”، طواعية.
فالتمسك بهذا البرنامج كما يؤكد عضو المجلس الوطني للمقاومة الايرانية هو جزء لا يتجزأ من استراتيجيته للبقاء، حتى لو كلف ذلك الشعب الإيراني والمنطقة ثمناً باهظاً من الحروب والعقوبات والفقر.
وفي مواجهة هذا الواقع، يبرز “الخيار الثالث” الذي طرحته السيدة مريم رجوي في البرلمان الأوروبي، كحل وحيد وواقعي. فهذا الخيار، الذي يرفض كلاً من الحرب والاسترضاء، يؤكد أن الطريق الوحيد لإنهاء هذا الكابوس هو دعم نضال الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة لإسقاط هذه الديكتاتورية.
وشدد عقبائي علي إن قيام جمهورية ديمقراطية غير نووية في إيران، على يد شعبها، هو الضمانة الوحيدة لتحقيق السلام والأمن في إيران والمنطقة والعالم