أخبارسلايدر
أخر الأخبار

هل تنجح الفصائل المسلحة في تفادي سيناريو التقسيم بسوريا؟

تواجه هيئة تحرير الشام، التي قادت معركة الإطاحة بنظام بشار الأسد في سوريا، تحديدا تاريخيا للحفاظ على تماسك الدولة وبسط سيطرتها على كافة أنحاء البلاد.

إلا أنها ليست الطرف المسلح الوحيد على الساحة، دون الحديث عن القواعد العسكرية والقوات الأجنبية.

دخل السوريون مرحلة ما بعد بشار الأسد بكثير من التفاؤل أملا بفتح صفحة جديدة على الرغم من يقين كثيرين، وعلى رأسهم هيئة تحرير الشام وحلفاؤها، بأن إعادة بناء مؤسسات الدولة ليست بالمهمة السهلة وأقرت بأن التحديات كثيرة “وستحتاج وقتا طويلا”.

وعلى مدى 13 عاما من الحرب الأهلية، تشكلت في سوريا عدة جماعات مسلحة وضعت نصب أعينها الإطاحة بالأسد، لكنها ليست “على قلب رجل واحد”، وتتفرق على أجندات مختلفة وتحالفات مع قوى إقليمية ودولية متصارعة.

وعلى الرغم من أن هيئة تحرير الشام تقدم نفسها على أنها البديل الأمثل لتعويض سلطات الأسد، إلا أن قادتها يعون جيدا صعوبات الحفاظ على تماسك الدولة. فرانس24 ترصد أهم المجموعات المسلحة المنتشرة في سوريا إضافة إلى القواعد والقوات العسكرية الأجنبية والسيناريوهات المحتملة لمستقبل البلاد.

هيئة تحرير الشام
تصدر زعيمها الملقب بـ”أبو محمد الجولاني” والذي بات اليوم يستخدم اسمه الحقيقي أحمد الشرع، المشهد طيلة معركة الإطاحة بالأسد وهو من اختار محمد البشير، رئيس حكومة الإنقاذ السابقة في إدلب معقل المعارضة التي انطلقت منها معركة “ردع العدوان” التي انتهت بالسيطرة العاصمة دمشق في فجر 8 ديسمبر، رئيسا للحكومة الانتقالية.

تسيطر الهيئة وحلفاؤها اليوم على معظم المناطق التي كانت تحت سيطرة نظام الأسد وتمكنت من السيطرة مؤخرا على محافظتي طرطوس واللاذقية في الساحل السوري. كما سيطرت على دير الزور في شرق البلاد.

تملك الهيئة عتادا عسكريا متطورا يشمل الدبابات والطائرات المسيرة، أما بخصوص عدد مقاتليها، فلا توجد أرقام دقيقة بشأنها إلا أن تقديرات تشير إلى أن عددهم قد يترواح ما بين 20 إلى 30 ألفا.

ما تزال هيئة تحرير الشام على اللوائح الأمريكية للمنظمات الإرهابية بحكم ارتباطاتها السابقة بتنظيم القاعدة، إلا أن زعيمها الجولاني أظهر قدرا من “البراغماتية”، وأكد أنه فك ارتباطه مع تنظيم القاعدة منذ وقت بعيد وأنه لم يعد يمثل خطرا على الغرب.

فصائل شكلها منشقون عن الجيش
منذ بدء النزاع في سوريا سنة 2011، انشق عدد من ضباط الجيش السوري ليشكلوا فصائل مسلحة تهدف لإسقاط الأسد، وشكلوا “الجيش السوري الحر” الذي ينشط بالأساس في شرق سوريا بدعم من الجيش الأمريكي الذي يملك “قاعدة التنف” قرب الحدود السورية العراقية. وبسقوط الأسد، تمكن من السيطرة على قواعده خصوصا في مدينة تدمر التاريخية في ريف حمص.

وقدمت الولايات المتحدة الدعم لهذه القوات منذ 2015 بهدف محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” في شرق سوريا.

كما تشكلت جماعات أخرى في جنوب سوريا خصوصا في درعا التي تعد من أبرز المناطق التي انتفضت ضد الأسد منذ 2011. وخسرت هذه الجماعات نفوذها في الجنوب بعد اتفاقيات “المصالحة” التي قادتها روسيا في 2018، واضطرت للانتقال إلى الشمال. وساهمت مع هيئة تحرير الشام في دخول العاصمة دمشق في 8 كانون الأول/ ديسمبر. فيما حافظ عدد آخر على مواقعه في الجنوب، وتسلم مواقع الجيش السوري بعد انهيار نظام الأسد في درعا.

لا يوجد أي تنسيق واضح بين مختلف هذه الفصائل المنشقة عن الجيش السوري، إلا أنها ساهمت في المجمل في معركة “ردع العدوان” التي قادتها هيئة تحرير الشام.

فصائل درزية في السويداء
في مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية، تنشط فصائل “رجال الكرامة” التي تسلمت مواقع الجيش السوري بعد انهيار النظام. لم تدخل هذه الفصائل في مواجهة مباشرة مع نظام الأسد إلا أن شباب السويداء رفضوا الانضمام إلى الجيش السوري وتولوا حماية المدينة وريفها بعد الهجوم الدموي لتنظيم “الدولة الإسلامية” في 2018.

الجيش الوطني السوري
يتكون هذا الفصيل من مجموعات غير متجانسة تضم منشقين عن الجيش السوري وتأسس في إطار “عملية درع الفرات” التي شنتها تركيا في سنة 2017 لتشكيل منطقة عازلة في شمال سوريا ضد الفصائل الكردية التي تصنفها أنقرة بـ”الإرهابية”، وتولت إدارة المناطق التي سيطرت عليها تركيا بعد هذه العملية. ويتلقى مقاتلو “الجيش الوطني السوري” رواتبهم وتسليحهم من تركيا وتولى بالأساس قتال “قوات سوريا الديمقراطية” الكردية. وطيلة فترة الهدوء النسبي في سوريا بعد اتفاقات 2017، لم يدخل “الجيش الوطني السوري” في قتال مباشر مع الجيش السوري قبل أن يشارك في عملية “ردع العدوان” للإطاحة بالأسد.

قوات سوريا الديمقراطية
تعرف اختصارا باسم “قسد”، تنشط بالأساس في المناطق الكردية في شمال شرق سوريا، وتأسست في سنة 2015 بدعم من واشنطن التي أسست التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”. لم تشارك “قسد” التي تسيطر على مساحات واسعة في المناطق ذات الأغلبية الكردية على الحدود مع تركيا في معركة الإطاحة بالأسد. ولا تعد حليفا لقوات “هيئة تحرير الشام” باعتبارها معارضة للتيار الإسلامي وتطالب بـ”سوريا علمانية” تمنح الحكم الذاتي للأكراد.

وتعد “قسد” العدو اللدود للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يعتبرها حليفا لحزب العمال الكردستاني ويرى فيها خطرا لإذكاء النزعات الانفصالية للأكراد في جنوب تركيا.

قوات وقواعد عسكرية أجنبية
تحافظ روسيا بعد انهيار الأسد على قاعدتين عسكريتين ضخمتين في طرطوس وحميميم على الساحل السوري توفران منفذا استراتيجيا لموسكو في “المياه الدافئة”.

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن روسيا تتواصل مع السلطات الجديدة في سوريا بشأن الوجود العسكري والتمثيل الدبلوماسي لموسكو بعد سقوط الأسد. وقال “نبقي على تواصل مع أولئك الذين يسيطرون على الوضع في سوريا، لأن لدينا قاعدة (عسكرية) هناك وبعثة دبلوماسية. والأسئلة المتعلقة بسلامة هذه المنشآت بالغة الأهمية”.

أما أمريكيا، فينتشر نحو ألف من جنودها في 22 قاعدة عسكرية في شرق وشمال سوريا بالأساس في المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد. ويعود انتشار هذه القوات لفترة محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”.

مستقبل سوريا كدولة على المحك
بالنظر لما سبق، رجح تحليل لمركز كارنيغي أن تواجه سوريا عقبات متعددة، من بينها تضارب المصالح بين القوى المحلية والأجنبية، والانقسامات الطائفية، والتدخلات الخارجية. وتوقع التحليل أن يؤدي انهيار نظام الأسد بهذه السرعة إلى مفاقمة هذه التحديات. ويقدر تحليل المركز أن تتصادم القوى التي خرجت فائزة في النزاع، مما سيصعب تحقيق تطلعات السوريين لإعادة إرساء إطار وطني جامع وموحد.

ومن بين السيناريوهات التي يطرحها المركز بشأن مستقبل سوريا، قد ينشب صراع على السلطة بين مختلف الفصائل الناشطة في البلاد، أو قد تتسلم مقاليد السلطة قوة واحدة، تتصدرها على الأرجح هيئة تحرير الشام. في مطلق الأحوال. ستبقى سوريا “ضعيفة وغارقة في مستنقع الصراعات الداخلية وستتحول لساحة مفتوحة للتدخلات الأجنبية، ما سيعرقل مساعي التعافي وإرساء الاستقرار في البلاد”.

في المقابل، أبدت هيئة تحرير الشام، الطرف الرئيسي في حكم سوريا حاليا، بوادر انفتاح محلية ودولية في مسعى للحفاظ على مؤسسات الدولة. أولها كان العفو العام على المجندين الإلزاميين في الجيش السوري وتوجيه رسائل طمأنة لمختلف طوائف المجتمع السوري، وتأكيد قائدها الجولاني على تركيز السلطات الانتقالية لتلبية تطلعات السوريين والتعامل مع الملفات الحارقة على رأسها الأوضاع المعيشية. دوليا، قال الجولاني إن سوريا لم تعد تمثل “تهديدا لأي طرف خارجي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى