اقتصاد

هل يتجه ترمب لإضعاف الدولار؟ مخاوف المستثمرين واستراتيجية الإدارة الأميركية

تحول في النظرة إلى الدولار الأميركي

يشهد الدولار الأميركي تحولات غير مسبوقة في الأسواق المالية، مع تزايد التكهنات حول نوايا إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجاه العملة الخضراء. ووفقًا لتقرير صادر عن وكالة “بلومبرغ”، فإن المستثمرين في سوق العملات، التي تبلغ قيمتها 7.5 تريليون دولار يوميًا، أصبحوا أكثر تشاؤمًا بشأن مستقبل الدولار، حيث سجلت مراكز المضاربة على انخفاض قيمته 932 مليون دولار، بحسب بيانات لجنة تداول السلع الآجلة للأسبوع المنتهي في 18 مارس.

هذا التحول يُمثل تراجعًا كبيرًا عن منتصف يناير، عندما بلغت المراهنات على ارتفاع الدولار 34 مليار دولار، مما يشير إلى قلق الأسواق من تأثير السياسات الاقتصادية للإدارة الأميركية.

المخاوف من الركود وسياسات ترمب

دخل المستثمرون عام 2025 بتوقعات إيجابية تجاه الدولار، مدفوعة بتوقعات خفض محدود لأسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي. ومع ذلك، تبدلت الصورة مع تصاعد المخاوف من ركود اقتصادي محتمل في الولايات المتحدة.

ورغم تأكيد وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، على التزام الإدارة بسياسة “الدولار القوي”، فإنه انتقد في الوقت نفسه الدول التي تتعمد إضعاف عملاتها. ومع ذلك، لم ينجح هذا التطمين في تهدئة الأسواق، خاصة مع تزايد الأحاديث حول إمكانية إعادة هيكلة النظام التجاري العالمي لدعم المصدرين الأميركيين.

اتفاقية “مار-أ-لاغو”: خطة خفض الدولار؟

تشير تقارير إعلامية إلى أن واشنطن قد تعمل على إضعاف الدولار عمدًا عبر اتفاقية تجارية دولية أطلق عليها بعض المحللين اسم “اتفاقية مار-أ-لاغو”، في إشارة إلى المنتجع الذي يملكه ترمب في فلوريدا. تهدف هذه الاتفاقية، وفقًا للتكهنات، إلى تقديم حوافز تجارية للدول التي توافق على المشاركة في خفض الدولار، مما يمنح المصدّرين الأميركيين ميزة تنافسية عالمية.

يستحضر هذا السيناريو اتفاقية “بلازا” لعام 1985، عندما اتفقت الولايات المتحدة مع عدد من الدول الكبرى على خفض قيمة الدولار لمواجهة اختلالات التجارة العالمية آنذاك. ولكن بينما نجحت تلك الاتفاقية في تقليص قوة الدولار، فإنها أضرت بالاقتصادات الأخرى، مثل اليابان، التي شهدت فيما بعد ما يُعرف بـ”العقد الضائع”.

الاحتياطات العالمية وسندات الخزانة

بحسب صندوق النقد الدولي، تبلغ احتياطيات النقد الأجنبي العالمية 12.7 تريليون دولار، منها نحو 60% بالدولار الأميركي. كما يملك المستثمرون الأجانب 8.5 تريليون دولار من سندات الخزانة الأميركية، وهو ما يجعل أي تغيير في قيمة العملة الأميركية أمرًا حساسًا للاقتصاد العالمي.

يقترح بعض مستشاري ترمب الاقتصاديين، مثل ستيفن ميران، حلولًا جذرية، مثل إصدار سندات أميركية طويلة الأجل لمدة 100 عام بلا فائدة، وفرض رسوم على حيازة البنوك المركزية الأجنبية للديون الأميركية، بهدف تقليل الاعتماد على التمويل الخارجي.

هل تنجح واشنطن في إقناع العالم؟

يبقى التساؤل الأبرز: هل ستتمكن إدارة ترمب من إقناع الصين والاتحاد الأوروبي واليابان بالانضمام إلى هذه الاستراتيجية؟ وكيف يمكنها دفع المستثمرين العالميين لقبول سندات طويلة الأجل بدون فوائد أو تحمل ضرائب جديدة؟

الإجابة ستتضح في الفترة المقبلة، مع استمرار ترمب في إعادة تشكيل السياسات الاقتصادية العالمية، وتأثير ذلك على الأسواق الأميركية والدولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights