هل يجوز دفع ثمن الأضحية للمرابطين في غزة؟ أستاذ فقه يجيب
أجاب الدكتور فضل بن عبد الله مراد، أمين لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وأستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بجامعة قطر، على تساؤل لبعض المسلمين حول مدى تفضيل دفع ثمن الأضحية للمرابطين في قطاع غزة خاصة في ظل الحرب المستعرة على القطاع منذ ثمانية أشهر.
وأجاب أمين لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بقوله :” إن هذه الأيام العشر من ذي الحجة ثبت في فضلها أن العمل الصالح فيها لا يساويه عمل إلا من خرج بماله ونفسه ولم يرجع بذلك شيء. كما في مسند أحمد (2/ 467 ت أحمد شاكر).
وأضاف :” عن ابن عباس قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “ما منْ أيام العملُ الصالحُ فيها أحبّ إلى الله عز وجل من هذه الأيام”، يعني أياَمَ العَشْر، قال: قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: “ولا الجهادُ في سبيل الله، إلا رجلَا خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء، فكيف إذا كان العمل في العشر هو الجهاد في سبيل الله فإنه لا يعلم أجره إلا الله”.
وتابع :” وما يقوم به إخواننا المرابطون على ثغر الإسلام في غزة لا يساوي علمهم عمل صالح مهما بلغ كما في نص الحديث، وقد اجتمع لهم جهادهم الكفار جهاد دفع ، وخصوصية المكان الذي حدثنا عنه النبي عليه الصلاة والسلام، وخصوصية هذه الأيام وهي العشر.
وبيَّن أن الجهاد بالمال خاصة في هذه العشر له ذلك الفضل الكبير الذي لا يعلمه إلا الله، وبذل المال لإخواننا المرابطين رجالا ونساء وأطفالا ومقاومين واجب وفرض لا صدقة تطوع دل على ذلك الإجماع المنقول نقله جماعات ذكرتها في فتوى سابقة مستقلة.
ولفت إلى أن من كان له سعة فذبح أضحيته وبذل قيمة أضحية أخرى أو أضاحي لإخوانه في غزة فهذا جمع بين الفرض والنفل خاصة إن دفعها في العشر من ذي الحجة.
أما سؤال هل نرسل قيمة الأضحية لغزة وتجزئ عن الأضحية إن لم يستطع المكلف ذبح أضحية أخرى أقول: من العجب أن نساوي الفرض بالنفل وأجر الجهاد بأجر الأضحية.
فلا شك أن من قدم قيمة أضحيته لإخوانه في غزة أن أجره أعلى وأكمل من أجر الأضحية في بيته حتى على القول بوجوبها الخلافي فلا تقرب من رتبة الجهاد ولا تدانيه فأجر تقديم قيمتها لغزة يفوق أجرها الأصلي بما لا يعلمه إلا الله.
فلا يليق بالفقيه أن يقارن بين أجرهما، وعلى هذا فليس لقول من يستفسر هل هذه القيمة يحصل بها أجر الأضحية معنى، لأن تقديم قيمتها لهم تفضلها مرات وأضعاف.
ولكنا نقول طمأنة لهم إن من فعل ذلك فله أجران الأول قيامه بفرض واجب عليه وهو الإنفاق على المجاهدين والمرابطين والمظلومين في غزة وهو أضعاف أضعاف أجر ذبح الأضحية والثاني: له أجر الأضحية فالله تعالى كريم يأجره بنيته والشريعة تدل على ذلك .
فمن نوى عمل طاعة صادقا ولم يقدر على تحصيلها فله أجرها كما ثبت في نصوص كثيرة حتى في الجهاد كما في الصحيحين.
عن أنس رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزاة فقال: إن أقواما بالمدينة خلفنا ما سلكنا شعبا ولا واديا إلا وهم معنا فيه حبسهم العذر» فهؤلاء لم يقدروا على الخروج مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغزو لكنهم مأجورون مثل أجر المجاهدين.
وعلى ما سبق من الأدلة فالمنفق قيمة أضحيته على غزة ولا يقدر على أضحية سواها مأجور أجرين:
الأول أجر الفرض وهو النفقة على المجاهدين وأهليهم وهذا لا يعلم مداه إلا الله لأن الجهاد أعظم الأعمال، والثاني أجر الأضحية وثوابها بنيته الصالحة.