في تطور قد تكون له انعكاسات دبلوماسية واقتصادية كبيرة، كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدرس توسيع نطاق حظر السفر إلى الولايات المتحدة ليشمل 36 دولة جديدة، من بينها مصر، وعدد من الشركاء الإقليميين للولايات المتحدة، خاصة في القارة الإفريقية وآسيا الوسطى ومنطقة الكاريبي.
وثيقة داخلية ومهلة 60 يومًا للامتثال
بحسب الصحيفة، فإن مذكرة داخلية مسرّبة من وزارة الأمن الداخلي الأمريكية كشفت عن قائمة أولية بالدول المستهدفة، وحددت مهلة زمنية مدتها 60 يومًا أمام تلك الدول للامتثال لمجموعة من “المتطلبات الأمنية”، تتعلق بجودة البيانات المقدمة من تلك الحكومات حول المسافرين إلى الولايات المتحدة، والتعاون في تبادل المعلومات الاستخباراتية، وإجراءات التحقق من الهويات ومنع تزوير الوثائق.
وفي حال عدم الامتثال، ستُفرض قيود جزئية أو كلية على دخول مواطني تلك الدول إلى الأراضي الأمريكية، في تكرار موسّع لما يُعرف إعلاميًا بـ”حظر السفر”، والذي طُبّق لأول مرة عام 2017 وشمل حينها سبع دول ذات أغلبية مسلمة.
مصر بين الدول المستهدفة
تأتي مصر، وهي واحدة من أبرز حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، ضمن قائمة الدول التي تدرس الإدارة الأمريكية تقييد دخول مواطنيها. ووجود مصر في هذه القائمة أثار علامات استفهام في الأوساط السياسية والدبلوماسية، نظرًا لما تمثله من ثقل إقليمي، ودورها في ملفات حساسة مثل مكافحة الإرهاب، ووساطاتها في الصراعات الفلسطينية الإسرائيلية.
مصدر في وزارة الخارجية المصرية، رفض الكشف عن اسمه، صرّح لوسائل إعلام محلية أن القاهرة “لم تتلق حتى الآن أي إخطار رسمي من الجانب الأمريكي بشأن إدراجها في قائمة حظر السفر”، مؤكداً أن “العلاقات الثنائية تشهد تنسيقًا مستمرًا في مجالات الأمن والهجرة وتبادل المعلومات”.
قائمة الدول الـ36: توسع جغرافي ملحوظ
ضمّت القائمة، وفقًا للتقرير، 36 دولة من ثلاث قارات، تشمل:
25 دولة إفريقية، مثل: مصر، نيجيريا، السنغال، الكاميرون، جمهورية الكونغو الديمقراطية، جيبوتي، إثيوبيا، غانا، أنغولا، زامبيا، زيمبابوي، مالاوي، بوركينا فاسو، موريتانيا، النيجر، السودان الجنوبي.
دول آسيوية مثل: قيرغيزستان، بوتان، كمبوديا.
دول من جزر المحيط الهادئ والكاريبي، مثل: دومينيكا، سانت كيتس ونيفيس، سانت لوسيا، توفالو، فانواتو، تونغا، أنتيغوا وبربودا.
سوريا، باعتبارها بلدًا لا تتعاون حاليًا مع واشنطن في أي من ملفات الهجرة أو الأمن، استُثنيت من أي مهلة، وتُصنّف ضمن الفئة “الخطيرة”.
دوافع القرار المحتمل
وفق مراقبين، فإن الدوافع الظاهرة لهذا التوسيع تتمحور حول الأمن القومي الأمريكي، و”ضمان دخول المسافرين الآمنين فقط”، لكن هناك من يرى في ذلك توجها انتخابيًا يرتكز على شعارات سابقة لترامب، تتعلق بتشديد القيود على الهجرة، واسترضاء القاعدة الشعبية التي تنظر بعين الريبة إلى الوافدين من دول نامية.
إلا أن توسع الحظر ليشمل هذا العدد الكبير من الدول، قد يعرّض الولايات المتحدة لانتقادات واسعة النطاق من قبل منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية، خاصة في ظل الاتهامات المتكررة للقرار الأولي لعام 2017 بأنه ذو طابع “تمييزي”.
ردود فعل وتحركات محتملة
حتى الآن، لم يصدر أي بيان رسمي من البيت الأبيض بشأن القائمة، غير أن مصادر مطلعة قالت إن القرار لا يزال قيد الدراسة، ويُنتظر حسمه خلال الأسابيع القليلة المقبلة، قبل نهاية المهلة المحددة.
ومن المتوقع أن تبدأ دول مدرجة في القائمة، لا سيما تلك التي تربطها علاقات قوية مع واشنطن، بإجراء اتصالات دبلوماسية مكثفة، إما لتوضيح موقفها أو لتعديل أنظمتها المتعلقة بإجراءات الهجرة والمعلومات الأمنية، لتفادي الانضمام رسميًا إلى قائمة الحظر.
تقديرات مستقبلية
إذا مضت إدارة ترامب في قرارها، فإن ذلك سيمثل أكبر توسع لحظر السفر منذ تولي ترامب الرئاسة، وسيزيد من تعقيد العلاقات الأمريكية مع دول حليفة في أفريقيا والشرق الأوسط. أما إدراج مصر تحديدًا، فسيكون له وقع خاص في ضوء التحالف الأمني والاستراتيجي القائم، مما يرجح أن تكون هناك مفاوضات حثيثة في الكواليس خلال الأسابيع المقبلة لتجنب الصدام السياسي.
وفي انتظار الحسم، تبقى الأنظار شاخصة نحو البيت الأبيض، حيث تتقاطع السياسة والأمن والهجرة في لحظة مفصلية من العلاقات الدولية.