واشنطن بوست : هذا ما تحضر له تل أبيب حول لبنان هدية لترامب
أبلغ مساعد مقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس المنتخب دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشنر هذا الأسبوع أن إسرائيل تتسارع لدفع اتفاق وقف إطلاق نار في لبنان، بهدف تقديم إنجاز في السياسة الخارجية لترامب مبكرًا، وفقًا لثلاثة مسئولين إسرائيليين حاليين وسابقين تم إطلاعهم على الاجتماع.
وبحسب تقرير للواشنطن بوست ترجمته” جريدة الأمة الإليكترونية “بدأ رون ديرمر، وزير الشئون الاستراتيجية في حكومة نتنياهو، جولته في الولايات المتحدة بزيارة منتجع مار-آ-لاغو يوم الأحد قبل الانتقال إلى البيت الأبيض لتحديث مسئولي إدارة بايدن حول سير محادثات لبنان، في إشارة إلى تحول سريع في مركز الثقل السياسي في أمريكا بعد فوز ترامب الانتخابي.
ووفي هذا السياق قال مسئول إسرائيلي: “هناك تفاهم على أن إسرائيل ستقدم شيئًا لترامب… وأنه في يناير سيكون هناك تفاهم بشأن لبنان”. تحدث المسئول إلى صحيفة “واشنطن بوست” بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة المحادثات الحساسة.
لم تعلق مكاتب نتنياهو أو ترامب على الأمر، فيما رفض المتحدث باسم كوشنر التعليق.
كان ترامب قد أبدى رغبته في إنهاء الحروب في الشرق الأوسط، لكنه قال أيضًا لنتنياهو الشهر الماضي أن “يفعل ما عليه” ضد حزب الله وحماس.
واستدركت الصحيفة قائلة :ليس من الواضح مدى تأثير اقتراح لبنان الذي نوقش في مار-آ-لاغو على محادثات وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن في غزة.
من جانبه أشار نتنياهو في تصريح مصور يوم الأحد إلى أنه تحدث مع ترامب ثلاث مرات في الأيام الأخيرة، وأكد أن هناك “فرصًا كبيرة أمام إسرائيل، خاصة في تعزيز السلام” — وهو تصريح لافت بعد أكثر من عام من الحرب المدمرة في غزة وبعد ستة أسابيع من توسيع الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد حزب الله بإرسال قوات إلى جنوب لبنان.
قبل يوم الانتخابات في 5 نوفمبر، كان نتنياهو قد خطط لعهد جديد في واشنطن، حيث كان يتواصل بانتظام مع ترامب، وفقًا لمسئول إسرائيلي، بينما كان ديرمر يتواصل مع كوشنر.
وقال مسئول إسرائيلي إن المحادثات التي جرت في مقر ترامب في فلوريدا يوم الأحد ركزت على اقتراح إسرائيلي لوقف إطلاق النار في لبنان بمشاركة غربية وروسية.
وأوضح المسئول أن الخطط تشمل أيضًا تصعيد العمليات البرية في لبنان في حال فشل المحادثات.
وبحسب المسئولين الإسرائيليين، فإن شروط الاتفاق الناشئ تتطلب انسحاب مقاتلي حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، وهو الحد الشمالي لمنطقة عازلة تخضع لمراقبة الأمم المتحدة منذ النزاع بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006.
ومنذ أكتوبر 2023، وبعد الهجمات التي قادتها حماس على جنوب إسرائيل، استخدم مسلحون لبنانيون المنطقة كمنصة لإطلاق آلاف الصواريخ على إسرائيل، مما أسفر عن مقتل 45 مدنيًا و31 جنديًا وإجبار حوالي 60,000 شخص على مغادرة منازلهم.
وقد نزح ما يقرب من 900,000 شخص داخل لبنان نتيجة لتوسيع الحملة العسكرية الإسرائيلية، فيما أفادت وزارة الصحة اللبنانية بمقتل أكثر من 3,300 شخص، بينهم مئات النساء والأطفال والمسعفين، دون تمييز واضح بين المدنيين والمقاتلين.
وقال شخص مقرب من حزب الله إن الحزب قد يكون على استعداد لسحب مقاتليها شمال الليطاني كجزء من وقف إطلاق نار مؤقت. وأوضح المسئول الإسرائيلي أن الجيش اللبناني سيتولى السيطرة على المنطقة الحدودية لمدة 60 يومًا كمرحلة أولية، تحت إشراف الولايات المتحدة وبريطانيا.
ورأى فرانك لوينشتاين، المبعوث الخاص السابق لمفاوضات السلام الإسرائيلية-الفلسطينية في إدارة أوباما، أن نتنياهو قد يسعى لاتفاق مؤقت قبل مغادرة بايدن للمنصب، مما يتيح لترامب لاحقًا الفرصة لتقديمه كإنجاز في عهده.
وأضاف: “ما يهم نتنياهو أكثر من ترامب هو سياساته الداخلية، وإعادة المدنيين الإسرائيليين إلى الشمال هو هدف رئيسي قد لا يرغب في الانتظار لتحقيقه”.
وتشبه ملامح الاتفاق المقترح تلك التي شهدتها جولات تفاوضية سابقة وتتماشى مع رغبة ترامب المعلنة في إنهاء الحرب متعددة الجبهات لإسرائيل، ولكن الاتفاق لم يُقدم رسميًا إلى حزب الله حتى الآن، وفقًا لمسؤولين من البلدين.
وتتضمن المقترحات السماح للجيش الإسرائيلي بالعمل عبر الحدود في حالة حدوث خروقات، وهو أمر يرفضه المسئولون اللبنانيون بشكل قاطع.
وقال نبيه بري، رئيس البرلمان اللبناني وحليف حزب الله: “هل هناك شخص عاقل يعتقد أننا سنوافق على تسوية تخدم مصالح إسرائيل على حساب مصالح وسيادة لبنان؟” وأضاف أن حزب الله يصر على منع إسرائيل من تنفيذ عمليات داخل الأراضي اللبنانية كشرط لتحقيق التقدم.
يبدو أن نتنياهو، الذي يتهمه منتقدوه بتمديد الحرب لحماية بقائه السياسي بعد تحمله اللوم على الفشل الأمني في 7 أكتوبر، يراهن على أن اللحظة السياسية قد تكون مناسبة لاختراق دبلوماسي.
قال إيزرايل زيف، الرئيس السابق لإدارة العمليات في الجيش الإسرائيلي، إنه “كان هذا اتفاقًا انتظر نتنياهو تقديمه لترامب”، وأضاف: “لكن الانتظار كان له ثمن”، مشيرًا إلى أن حزب الله استعاد قوته في الأسابيع الأخيرة وحقق مزيدًا من الخسائر في صفوف الجنود الإسرائيليين.
بعد لقاءاته في نادي ترامب الخاص في مار-آ-لاغو، التقى ديرمر يومي الاثنين والثلاثاء مع مسئولين في إدارة بايدن في واشنطن، بما في ذلك عاموس هوكشتاين، المبعوث الخاص للرئيس إلى لبنان، وفقًا لمسؤول أمريكي رفيع.
وأشار المسؤول إلى أن نتنياهو لا يزال منخرطًا مع الإدارة في عملية وقف إطلاق النار في لبنان.
وأضاف مسئول أمريكي آخر أن جميع الأعمال المتعلقة بالاتفاق المحتمل لا تزال تُنفذ بواسطة فريق بايدن، وأن هناك تقدمًا قد تم إحرازه في المحادثات.
وتظهر استشارات نتنياهو مع ترامب قبل وبعد الانتخابات مدى اعتماده على نتائج التصويت وكيفية توجيه استراتيجيته للإدارة الجديدة بعناية.
ومع ذلك، ذكر إيزرايل زيف أن على نتنياهو أن يوازن بين “تقلبات” الرئيس المنتخب، الذي يُعرف بتوجهاته غير المتوقعة، وبين الحسابات الأمنية الوطنية، قائلاً إن “كل نفوذه يعتمد على ترامب”.
ويبدو أن هناك عنصرًا جديدًا قد يؤثر في خطة السلام الإسرائيلية في لبنان: روسيا، وهي دولة لطالما عُرفت علاقتها المعقدة بترامب خلال ولايته الأولى.
ووفقًا لمسئول إسرائيلي، يتضمن الاقتراح أن تمنع موسكو حزب الله من إعادة التسلح عبر الطرق البرية السورية، التي تعد طريقًا رئيسيًا لنقل الأسلحة من إيران، الراعي الأساسي لحزب الله.
فيما زار مسؤولون روس إسرائيل في 27 أكتوبر لمناقشة الخطة، وفقًا للمسئول الإسرائيلي. كما قام ديرمر بزيارة سرية إلى روسيا الأسبوع الماضي لإجراء مناقشات متابعة، حسبما أكد المسئولون الإسرائيليون والأمريكيون.
لم ترد وزارة الخارجية الروسية على طلب للتعليق، فيما أوضح مسؤول أمريكي أن روسيا لن تشارك في تنفيذ أو الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار.
من جانبه علق فرانك لوينشتاين على المشاركة الروسية المتوقعة، قائلاً: “من الممكن أن تكون كلا الروايتين صحيحة: لا دور لروسيا الآن في عهد بايدن، ولكن دورا كبيرا لاحقًا عندما يتولى ترامب السلطة”.
إذ تحافظ روسيا، حليفة إيران، على وجودها في سوريا منذ أن تدخلت في الحرب الأهلية لدعم الرئيس بشار الأسد، حيث عملت جنبًا إلى جنب مع حزب الله لقمع الانتفاضة المسلحة ضده بوحشية. الآن، يبدو أن إسرائيل تعتمد على روسيا للضغط على الرئيس السوري لقطع خطوط الإمداد إلى حزب الله.
قال شخص مقرب من حزب الله: “حزب الله في وضع حرج”. وتعتقد إسرائيل أن قوة خصمها قد ضعفت إلى الحد الذي قد يدفعه للقبول بالاتفاق.
إذا قبل حزب الله بالاتفاق، قال زيف إنه سيُطبق “بسرعة كبيرة، نظرًا للتوقعات بأن محاولات خرقه ستكون فورية أيضًا”.
وفي موازاة الحملة الدبلوماسية التي يقودها ديرمر، يستعد الجيش الإسرائيلي لمرحلة ثانية من عملياته البرية، وفقًا لمسئول عسكري إسرائيلي، في حال فشل المحادثات. وفي الأيام الأخيرة، كثفت القوات الجوية الإسرائيلية ضرباتها على لبنان.
وقال المسؤول العسكري الإسرائيلي: “لقد سلبنا حزب الله قدرته على مهاجمتنا كما كان بإمكانه قبل الحرب”. ولكنه أضاف أن “هناك دائمًا المزيد للقيام به”.
وأكد الجيش الإسرائيلي وحزب الله أن ميدان المعركة لا يزال الجبهة الرئيسية في المفاوضات، مشيرين إلى أنه العامل الوحيد الذي يمكنه “تغيير المعادلات السياسية”، وفقًا لما قاله رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي يوم الاثنين