واشنطن بوست : هكذا يكافح الوسطاء لاحتواء الثأر الدموي في الشرق الأوسط

الكاتب ديفيد إجناتيوس في مقال له في ” واشنطن بوست” قال أن اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية هو ضربة أخرى للعمل الدقيق الذي يقوم به المفاوضون الأمريكيون في محاولة لإنهاء الحرب بين إسرائيل وغزة.

وضح أجناتيوس في المقال الذي ترجمته جريدة الأمة الإليكترونية أن الولايات المتحدة قوة عظمى. ومع ذلك، لم تتمكن لمدة تسعة أشهر من التوسط لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. الآن، مع اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية يوم الأربعاء، يبدو أن الثأر الدموي بين الطرفين قد تعمق، مع وقوف الوسطاء الأمريكيين على الهامش.

مضي للقول :ولم تعلق إسرائيل على مقتل هنية في طهران، ولكن لم يكن ذلك ضرورياً. منذ بدء الحرب بين إسرائيل وغزة، كان من الواضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيتخذ إجراءات أحادية الجانب، بغض النظر عن النصائح الأمريكية، للانتقام من حماس على هجومها البشع في 7 أكتوبر على إسرائيل. هدفه ليس صنع السلام مع حماس، بل تدميرها. ومعظم الإسرائيليين ربما يتفقون معه.

ولفت إلي أن عملية الاغتيال تركت  مسئولي إدارة بايدن يتدافعون مرة أخرى يوم الأربعاء للحفاظ على الوضع الخطير تحت السيطرة، مؤكدين أن لا أحد يريد كارثة إقليمية وأن الآمال في وقف إطلاق نار دائم لا تزال قائمة. يعتقد مسؤولو البيت الأبيض أن القنوات الرئيسية للقيادة في حماس كانت داخل غزة، وليس هنية من قاعدته الخارجية في قطر. وربما، يأملون، أن مقتل زعيم حماس الاسمي سيمنح نتنياهو مساحة أكبر للتفاوض.

واستدرك كاتب المقال بالواشنطن بوست قائلا :حتى اليوم، الجميع ما زالوا يتحدثون”، قال أحد المسؤولين الأمريكيين:التفاؤل ضروري للوسطاء، خاصة عندما يبدو أن طاولة المفاوضات قد انقلبت. لذا، من المطمئن أن مدير وكالة المخابرات المركزية ويليام ج. بيرنز ومستشار الشرق الأوسط بريت مكغورك ما زالا في اللعبة. اللحظة التي يخرج فيها الدبلوماسيون الأمريكيون من المسرح فعلاً، تغرق إسرائيل والعرب المعتدلون.

ونبه إلي أن التحالف الأمريكي الإسرائيلي تعرض للتوترات مراراً حول قضايا السلام، ولكن نادراً ما كانت بهذه الشدة. قبل يوم من مقتل هنية، قُتل قائد عسكري في حزب الله، فؤاد شكر، في غارة جوية إسرائيلية في بيروت نفذت رداً على الهجوم الذي وقع السبت وأسفر عن مقتل 12 طفلاً في ملعب كرة قدم في مرتفعات الجولان المحتلة من قبل إسرائيل.

ولم يفت الكاتب الإشارة إلي أن الرسالة كانت أن إسرائيل يمكنها ضرب أي شخص، في أي مكان – ولكن هل سيخيف هذا العرض من القوة حلفاء إسرائيل ويدفعهم إلى السكون؟ أشك في ذلك. هل سيجذب الولايات المتحدة إلى حرب كارثية؟ ربما. ولكن بالنسبة للدبلوماسيين الذين يشاركون في دبلوماسية التنقل، الترس الوحيد هو “الأمام”.

ومن هنا والكلام مازال لاجناتيوس  فإن الصراع بين الحلفاء واضح: هدف فريق بايدن هو خفض التصعيد. هدف نتنياهو هو “النصر التام”، كما كرر الأسبوع الماضي في خطاب أمام الكونغرس. هو ليس الوحيد في اتخاذ موقف صارم. حماس ورعاتها الإيرانيون ما زالوا ملتزمين بتدمير إسرائيل.

وعاد الكاتب للقول :منذ بداية الحرب، كانت الوساطة الأمريكية تشبه مفارقات زينو، حيث يأخذ كل خطوة نصف المسافة نحو الهدف، ولكن لا تصل أبداً. حماس ترفض الاستسلام. وإسرائيل، مع كل هجوم انتقامي جديد في غزة، الصراحة لم تغب عن مقال الواشنطن حيث خاطب قراءه قائلا :عندما ضغطت على أصدقائي الإسرائيليين على مر السنين كيف يمكنهم الخروج من هذه الدوامة الأبدية من العنف، غالباً ما يجيبون بالاستسلام: “إنه الشرق الأوسط.” بمعنى أن العنف والكراهية هما حقائق الحياة، والقوة العسكرية هي الطريق الوحيد للأمن و”السلام” هو وهم.

واضاف كانت هناك لحظة قبل جيل، في وقت اتفاقيات أوسلو عام 1993، عندما شجعت التنازلات الفلسطينية حركة سلام حقيقية في إسرائيل، كما يقول هذا الجدال. ولكن بعد إراقة الدماء في الانتفاضات الفلسطينية وهجمات حماس الشرسة على إسرائيل، تلك اللحظة قد ولت منذ زمن طويل.

ومن المهم الإشارة إلي أنه من الصعب الجدال مع هذا التشاؤم عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط. ولكن يجب على الإسرائيليين أن يسألوا أنفسهم مدى نجاح النهج الصارم والمستمر في الواقع. ما زال الإسرائيليون عالقين في لعبة صفرية، في حين أن العديد من الدول العربية تحركت نحو التكيف.

وشدد الكاتب علي أن معظم الدول العربية لديها اتصالات دبلوماسية هادئة مع إيران؛ وكذلك الولايات المتحدة. يبدو أن الإمارات العربية المتحدة أكثر اهتماماً هذه الأيام بحماية اقتصادها المستقبلي المدفوع بالذكاء الاصطناعي بدلاً من الحفاظ على النزاع العربي الفلسطيني القديم. قافلة الجمال تمضي قدماً، على سبيل المثال. ولكن إسرائيل عالقة.

وخلص الكاتب في نهاية مقاله بالقول :ربما يمكن سحق حماس إلى الاستسلام التام الذي يسعى إليه نتنياهو. ربما ستتحمل إيران مقتل حليف جاء إلى طهران لحضور تنصيب رئيسها الجديد. ربما ستظل هذه الجولة الأخيرة من التصعيد متوازنة على الحافة، بدلاً من الانزلاق إلى حرب شاملة. ولكن في مرحلة ما، ستنفد حظوظ الوسطاء.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights