تُعد المكسيك ثاني أكبر دولة في أمريكا اللاتينية من حيث عدد السكان، ويُشكّل المسلمون فيها أقلية صغيرة لكنها في ازدياد ملحوظ. وعلى الرغم من أن وجود الإسلام في المكسيك يعود إلى فترات تاريخية متفرقة، فإن الجهود الدعوية المنظمة بدأت تتطور بشكل ملحوظ خلال العقود الأخيرة، خاصة مع ازدياد الهجرة من دول إسلامية واهتمام بعض المكسيكيين بالإسلام بوصفه خيارًا دينيًا وروحيًا بديلًا.
أولًا: جهود الدعوة الإسلامية في المكسيك
تنتشر عدة مراكز إسلامية في مدن مثل مكسيكو سيتي، توريون، وغوادالاخارا، من أبرزها:
المركز الثقافي الإسلامي في المكسيك
مسجد دار الضياء
تقوم هذه المؤسسات بترجمة الكتب الإسلامية إلى اللغة الإسبانية، وتنظيم محاضرات تعريفية، ودورات تعليمية لشرح أركان الإسلام وتعاليمه الأساسية.
الدعوة عبر الإنترنت
تعتمد المؤسسات الإسلامية في المكسيك بشكل كبير على الوسائط الرقمية، إذ تنشر محتوى دعويًا باللغة الإسبانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، مما ساهم في جذب العديد من الشباب والمهتمين بالتعرف على الإسلام.
الأنشطة الاجتماعية والإغاثية
تُنظّم بعض الجمعيات الإسلامية حملات خيرية مثل توزيع الطعام على الفقراء، وتقديم الدعم للاجئين والمحتاجين، وهو ما يعزز من الصورة الإيجابية للإسلام في المجتمع المكسيكي، ويعكس الجانب الإنساني فيه.
التحول إلى الإسلام (الاعتناق)
تشير التقارير إلى تزايد عدد المكسيكيين الذين يعتنقون الإسلام، لا سيما بين فئة الشباب والنساء الباحثين عن منظومة روحية متكاملة وقيم اجتماعية مستقرة.
نظرة المجتمع المكسيكي إلى الإسلام
يواجه الإسلام في المكسيك بعض التحديات نتيجة الجهل به والتأثر بالصورة النمطية السلبية التي تنقلها وسائل الإعلام الغربية.
ومع ذلك، يتميز المجتمع المكسيكي بانفتاح نسبي، كما يبدي الكثيرون تعاطفًا مع قضايا المسلمين، خصوصًا تلك المتعلقة بالعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
كذلك، فإن بعض المكسيكيين – خاصة من الشباب – يتجهون للبحث عن بديل ديني في ظل تراجع الثقة بالمؤسسات الكاثوليكية نتيجة الفضائح والفساد، وهو ما يدفعهم للاطلاع على الإسلام.
أبرز التحديات التي تواجه الدعوة الإسلامية
التحديات الحكومية
لا توجد قوانين مباشرة تُقيّد الدعوة الإسلامية، إلا أن هناك صعوبات في استخراج تراخيص بناء المساجد أو افتتاح مراكز إسلامية جديدة.
كما يتأثر بعض السياسيين بخطاب الإسلاموفوبيا العالمي، مما قد يؤثر على السياسات المحلية تجاه المسلمين والمهاجرين.
التحديات المجتمعية
يُشكّل الطابع الديني الكاثوليكي والإنجيلي القوي في المجتمع عقبة أمام انتشار الإسلام، خصوصًا في ظل حملات تشويه يقودها بعض رجال الدين.
كما تعاني الدعوة من قلة عدد الدعاة المتقنين للغة الإسبانية بطلاقة، مما يُضعف فعالية التواصل مع السكان.
التحديات المالية
تعتمد المؤسسات الإسلامية بشكل كبير على التبرعات المحدودة، وهو ما يحدّ من توسعها وقدرتها على تنظيم أنشطة نوعية ومؤثرة.
التوقعات المستقبلية
من المتوقع أن يستمر عدد معتنقي الإسلام في المكسيك بالزيادة، مع تواصل الأنشطة الدعوية وتنامي التواصل الإيجابي مع المجتمع.
إذا تم تطوير وسائل وأساليب الدعوة، والتركيز على الحوار والانخراط المجتمعي، فقد يشهد الإسلام حضورًا أكبر على الساحة الدينية في المكسيك.
إلا أن استمرار التحديات السياسية والثقافية قد يُبطئ هذا النمو، ما لم تتم مواجهتها بوعي وتخطيط استراتيجي ذكي.