الأمة الثقافية

“والآخرون هُم الذين تنكَّبُوا”.. شعر: محمد التميمي

الأُمَّةُ الثَّكلى بغيرِ وِقاءِ = من غارةِ العملاءِ والسُّفهاءِ

تشكو أذى الطاغوتِ في جبروته = وتلوذُ بالحسراتِ في الظلماءِ

فلقد تداعت ربَّنا أُمَمٌ على = قرآننا والسُّنَّةِ الغرَّاءِ

وعلى الكرامِ الصِّيدِ من علمائنا = وعلى الشبابِ أئمَّةِ النُّجباءِ

وعلى البقيةِ من رجالٍ ما ارتضوا = أُكذوبةَ الإعلامِ والأنباءِ

قد دوَّختْنا اليوم من نخبٍ رمتْ = زهوًا لشرعتِنا بلا استحياءِ

ما يأفكون هو الضَّلالُ ولم يكنْ = إلا هباءَ بذاءةٍ وهُراءِ

وهُمُ الذين تنكَّبُوا سبلَ الهدى = ومشوا بلا قيمٍ إلىى الضَّرَّاءِ

لا خيرَ فيهم مذ تولّوا أمرَ مَن = عاشوا صفاءَ الفطرةِ الزهراءِ

ما استسلموا إلا لدين إلههم = لا للهوى الممقوتِ والزعماءِ

أو للطفاةِ وللذين تنكَّروا = لنبيِّهم والملَّةِ البيضاءِ

فمُحَمَّدٌ أغنى بني الإنسانِ من = قيمٍ ومن شيمٍ ومن آلاءِ

وهدى العبادَ فما تقاعس عاقلٌ = عن دعوةِ الإسلامِ في الأرجاءِ

لا ضيرَ فالإسلامُ باقٍ نورُه = يطوي ظلامَ الحقدِ والبغضاءِ

ويردُّ مَن أغرتْهُ شهوةُ نفسه = ليعيدَ وعيَ بصيرةٍ عمياءِ

وهي البشائرُ أُزلِفَتْ لأولي الهدى = لايعبؤونَ بمَن تمرَّدَ ناءِ

أمَّا العتاةُ فكُبكبُوا تَبًّا لهم = فعلى الوجوهِ قُتارُ آذى الرائي

تاللهِ لم ينفعْهُمُ الوعظُ الذي = أصغى إليه الحيُّ في الأحياءِ

فالمرءُ ميتٌ في الحياةِ إذا نأى = عن روحِ مافي الشِّرعةِ الفيحاءِ

فالإفكُ ديدنُه فلم يُرَ صادقًا = حيرانَ في الإصباحِ والإمساءِ

إنَّ المثاني لم تزلْ سكنًا لِمَنْ = يغني ببهجتِها رؤى الأحناءِ

فاستعذبَتْ ما هَلَّ من وطفائِها = طوبى لأهلِ الغيمةِ الوطفاءِ

سيمكِّنُ الرحمنُ في الأرضِ التي = ملَّتْ ضجيجَ الملَّةِ الخرقاءِ

للمؤمنين بربِّهم فَنَبِيُّهم = وعدَ الهُداةَ النَّصرَ للبيضاءِ

لتعودَ أُمَّتُنا إلى خيريةٍ = تغشى البقاعَ بأطيبِ الأفياءِ

يا ربِّ لاتُرْجِئْ عذابَ مَن ارتضوا = حربًا على الإسلامِ والعلماءِ (1)

وامحقْ سفاهَتَهم وألجِمْ غيَّهم = واقصمْ ظهورَ عصابةِ السُّفهاءِ

فلقد أفاضَ طغاتُهم في غيِّهم = ولقد عثوا بالإثمِ في الغبراءِ (2)

ما استأنسوا في الحقِّ بابَ فضيلةٍ = أو عرَّجُوا يومًا بِلا إيذاءِ

هم شرُّ خلقِكَ ياوليُّ فلا تدعْ = منهم شقيًّا جاءَ بالفحشاءِ

هم يسلكون فجاجَ قبحِ سلوكِهم = ويزاولون صناعةَ الأهواءِ

ياربِّ واجْذُذْ شرَّهم فَهُمُ الأذى = للناسِ بالإكراهِ والإغراءِ (3)

قد جمَّعُوا بيدِ السَّفاهةِ أمرَهم = وتواعدوا ظلما على الحنفاءِ

ياربِّ قُدَّ الكيدَ كيدَ قلوبِهم = واهدمْ صروحَ فسادِهم بِبِلاءِ (4)

فالناسُ ضاقوا والمرارةُ أحدقت = بقلوبهم من شدَّةِ اللأواءِ (5)

قَومي قَلَوا مَن أسرفوا في ظلمِهم = وإليك شكواهم مدى الآناءِ

وأولو البقية من رجالٍ آمنوا = بكَ ربَّنا لم يركنوا للدَّاءِ

إنَّ الطغاةَ بلا مبالغةٍ إذا = قلنا : هم السرطانُ للأحياءِ

وهم السِّياطٌ لجلدِ كلِّ موحِّدٍ = ولديك ياربي وفيرُ دواءِ

فأزلْهُمُ ياربِّ حتى يعلموا = أنَّ الطغاةَ مصيرُهم لفناءِ

لا تُخْزِ يا ربِّي عبادَك إنَّهم = في قبضةِ الطاغي من الضُّعفاءِ

ومن الذين بكَ استجاروا مالهم = من منقذٍ إلاَّكَ أو شفعاءِ

فأجرْ عبادَك ياكريمُ فإنَّهم = جاؤوك بالأسرى وبالشهداءِ

وبكلِّ ماجدةٍ بكتْ أبناءَها = وبكلِّ مسجونٍ من العلماءِ

وبكلِّ مَن هجرَ البلادَ مشرَّدًا = بل عاشَ بين الذُّلِّ والإقصاءِ

وبكل قلبٍ لم يزلْ في حزنه = من بعدِ فَقْدِ بقيةِ الأبناءِ

يا ربِّ دنيانا اضمحلَّ هناؤُها = وكأنَّها باتت بلا نعماءِ

فأغثْ عبادَك يارحيمُ وأنقذَنْ = أهلَ الهدى من غمرة اللأواءِ

———————–

هوامش :

(1) لاتُرْجِئْ : لاتؤخِّرْ .

(2) عثوا :عثَا؛ أفسد أشدَّ الإفساد وبالغ في ظلمه وتكبّره وكفره . قال تعالى : (وكُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ ، وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ).

(3) اجذذ : قطِّعْ ، دمِّرْ .

(4) قُدَّ : اقطع دابرهم .

(5) الناس ضاقوا : شعروا بالضيق والانزعاج وضنك العيش .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى