“خيرُ الشهور”.. شعر: رأفت عبيد أبو سلمى

وافــاكـمُ رمــضـانُ يــا خِـلَّانـي
خـيـرُ الـشـهورِ وبـهجةُ الأزمـانِ
إنــي لأسـمعُ صـوتَهُ بـجوارحي
وبـمهجتي ومـشاعري وجَـناني
نــاداكـمُ إنـــي عــلـى أعـتـابكمْ
أنــا قــادمٌ أنــا مَـوْسِمُ الـغفرانِ
أنـا ضـيفُكمْ فـتهيّئوا لضيافتي
بــالـذِكْـرِ والإيــمــانِ والــقــرآنِ
وأنــا أحِــبَّ الـصـائمينَ لـقُرْبِهمْ
ومـكـانِهم مِــن خـالـقِ الأكـوانِ
وكــذا أحــبُّ الـقائمينَ إذا تَـلَوْا
بـقـيامِهمْ جُــزءًا مِــن الـفـرقانِ
وكــذا أحــبُّ الـواصـلينَ قـرابةً
والـباذلينَ الـمالَ فـي الإحـسانِ
والـذاكـرينَ اَلـلـهَ فـي خَـلَواتِهمْ
رَغَـبًـا ، وفــي سِـرٍ وفـي إعـلانِ
وأنـا الـمُحِبُّ لمن بكى بضراعةٍ
فـاضتْ بـدمْعاتِ الأسـى عينانِ
لـمَّـا اعـتـراهُ الـهَـمُّ يَـأكـلُ قـلـبَهُ
رهَـبًـا يـخـافُ فـظـاعةَ الـنيرانِ
هـو مُشفِقٌ كم يستحي مِن ربِّهِ
ويـقولُ ربِّ أنـا الغشومُ الجاني
أسـرفتُ فـي ذنبي بكل طريقةٍ
بــلْ إنـني الـموحولُ بـالعصيانِ
فـاغفرْ لـي يا ربَّاهُ إنّ محاسني
مــرهـونـةٌ بـالـعـفـو والـغـفـرانِ
هــو ذلـكمْ رمـضانُ فـي أفـيائِهِ
هَــبَّـاتُ خــيـرٍ دائــمِ الـفـيضانِ
نـاداكـمُ ، والـسَّـعْدُ فــي أيـامِـهِ
أنـــا شَـهْـرُكـمْ لـزيـادةِ الإيـمـانِ
أنــا فـرصـةٌ أنـا مِـنحةٌ نـفحاتُها
هـبَّـتْ بـفـيضِ عـطائِها الـربَّاني
كـالغيثِ إذ فـيه الـحياةُ تـفيَّأتْ
ظِـــلاً كـسـاها بـهـجةَ الـبُـسْتانِ
فــيَّ الـهُـدَى لـلـطالبينَ هـدايـةً
أنــا بـي تُـفَكُّ قـيودُ قـلْبٍ عـانِ
فــتــأهَّـبـوا بـــــإرادةٍ جـــبَّــارةٍ
وبــتــوبــةٍ لــلـخـالـقِ الــمــنَّـانِ
طـوبـى لـكـمْ إنْ أنـتـمُ أقـبـلتمُ
إقـبـالَ أهْــلِ الـصَّـبرِ والإيـمـانِ
وتـزيَّـنَتْ لـكـمُ الـجـنانُ يـحُفُّها
رَبُّ الــعـبـادِ بــكـلِّ قــطْـفٍ دانِ
إن الـسعيدَ هو التقيّ إذا مضى
مـتـشـبـثًا بــعــداوةِ الـشـيـطانِ
أبــداً ولا يَـرْضَـى الـدَّنـيَّةَ قـلْبُهُ
مـسـتـوحشًا إلا مِـــنَ الـرحـمـنِ
هــو مَــن سَـعَى لـلهِ دُوْنَ تـلكؤٍ
بـالحال كـان الـسَّعيُ قبلَ لسانِ
مـتـزيّـنًا بـالـصـالحاتِ جـمـيعِها
وخُـطـاهُ عـاشقةٌ طـريقَ جِـنانِ
يـا مَـن رأى الخِلانَ في أكفانِهِمْ
سـكنوا الـقبورَ وخـلعةَ الأكـفانِ
فـبـكاهُمُ يــومَ الــوداعِ بـحُرْقةٍ
والـفـقدُ مُــرٌّ فــي فــمِ الإنـسانِ
وكـأنـهم لـو بـالبيان اسْـتُنطِقوا
نُـصـحًا لـنـا نـصحوا بـكلِّ بـيانِ
أتـظـنُّ أنــكَ فــي حـياتكَ هـذهِ
تـحـيا قـرينَ اللهو والـهذيانِ ؟!
لـلـمـوتِ أنــتَ ولـلـفناءِ وبَـعْـدَهُ
لــلـفـرْحِ أوْ لــمــرارةِ الأحــــزانِ
هو شَهْرُكم شَهْرُ العبادةِ والهُدَى
شَـهْـرُ الـعُـلا ونـسائمِ الـرضوانِ
إن الــذي حــازَ الـحـياةَ فــؤادُهُ
حُـــرُّ الـعـزيـمةِ شــاكِـرُ الـمـنَّـانِ
نـاداهُ شـهرُ الـعِتقِ هل مِن هِمَّةٍ
يُـدعَـى بـهـا الـصُّـوَّامُ لـلـريَّانِ ؟
رامَ الـسُّـمُوَّ فـيا لـحُسْنِ مَـرامهِ
طــابَ الـحـنينُ لـرؤيةِ الـرَّحمنِ
حـتـى كـأنَّ الـكونَ يـعلنُ قـائلا
نِـعْمَ الـفتَى مَن فازَ في رمضانِ