الأمة الثقافية

“وطنٌ ينادي أهلَهُ”.. شعر: محمود غنيم

أخي، هذه الأرضُ ما شأنْهَا؟

يكادُ يُنَاجِيكَ بنيانُها!

تكادُ لفَرْطَ أسَاها تفيضُ

من الدَّمع لا الماءِ غدرانُها!

بِرَبِّك: هل فَقَدتْ أهلَهَا

فزادتْ على الأهل أحْزَانُها؟

لقد حلَّهَا غيرُ سُكَّانها

وعنها تَرَحَّلَ سُكَّانُها

على بابها صاح طَيْرٌ غريبٌ

فَنَاحَ على طْيره بَانُها!

إذا ذُكر العُرْبُ؛ حنَّتْ، وأنَّتْ

وراحَتْ تُلوِّحُ أغصانها!

وصاحت تُهيبُ بجيرانهَا

فهل سَمعَ الصَّوْتَ جيرانُها؟

فلَسْطِينُ، أرضُ العُرُبة عَيْنٌ

وأنتِ من العَيْن إِنْسَانُها

فلا غَمَضَتْ عنك عينُ فتَاكِ

ولا ذاقَت النَّوْمَ أجفانُها

إلى أن أُقَبِّل أرضَكِ سَبْعًا

فتهدأ نفسي وأشجانُها

فإن عشت، تخْمُدْ بقلبي حقودٌ

تَسَعَّرُ في القلب نيرانُها

وإن متُّ، لم تُنسنيكِ الجنانُ

وَحُورُ الجنَانِ وَولْدَانُها

وَخَلْفي لِثأري وثَأر بلادي

أُسُودُ الحُرُوب وفُرْسانُها

إذا صفَحَاتُ البطولةِ خُطَّتْ

فإِنَّ العروبةَ عُنْوَانُها

ودينُ العُروبةِ بعد الإِله

وبعد النَّبِيِّينَ أوطانُها

فلَسْطين: أرواحُنا الغالياتُ

ببابكِ تَرْخُصُ أَثْمَانُها

بلادِيَ ليست لغيري، ونَفْسِي

ونَفْسُ وَحِيدِيَ قُرْبَانُها!

——————-

محمود غنيم (30 نوفمبر 1902م – 1972م)

(توجد روايتان في تاريخ مولده.. 1901م و 1902م)

 شاعر مصري، من مواليد قرية مليج التابعة لمحافظة المنوفية بمصر.

بدأ محمود غنيم حياته التعليمية في الكُتّاب، وحفظ القرآن الكريم، ثم نهل من علوم العربية والعلوم الشرعية، وبعد مرحلة الكتَّاب التحق وهو ابن الرابعة عشرة بالمعهد الأحمدي الأزهري بطنطا، وظل به أربع سنوات، ثم التحق بمدرسة القضاء الشرعي، وقد ظل فيها أعوامًا ثلاثة، وقبل أن يحصل على شهادتها تم إلغاء دراسته بها، لكنَّه لم يقف عند هذا الحد، فالتحق بأحد المعاهد الدينية ونال منه الشهادة الثانوية، وبعد ذلك التحق بمدرسة دار العلوم، وكان ذلك عام 1925م، وتخرَّج فيها عام 1929م. ثم بدأ حياته العملية بالتدريس

بدأ «محمود غنيم» رحلته مع الشعر منذ صباه المبكر، واشتدَّ عوده في فن الشعر حتى استوى على سوقه وتبارت المجلات المختلفة في نشر أشعاره ومن هذه المجلات والجرائد ما هو داخل القطر المصري ومنها ما هو خارجه، فمن المجلات والجرائد داخل مصر: السياسة الأسبوعية، والبلاغ الأسبوعي، والرسالة، والثقافة، والأهرام، والمصري، وأبولو، ودار العلوم… ومن المجلات خارج القطر المصري: مجلة الحج السعودية، والعُصبة الأندلسية، وكانت تصدُر في البرازيل.

جمع «محمود غنيم» أشعاره ونَشَرها في دواوين، وكان قد جمع ديوانه الأول وهو «صرخة في واد» عام 1947م، وتقدم به لأول مسابقة شعرية يُعدها مجمع اللغة العربية بالقاهرة ففاز بالجائزة الأولى.

أما ديوانه الثاني فكان بعنوان: «في ظلال الثورة» ونال عنه جائزة الدولة التشجيعية عام 1963م.

ومن دواوينه كذلك ديوان «رجع الصدى»، وقد اجتهد الشاعر في طباعته لكن القدَر لم يمهله، فتُوفي، وتمت طباعة الديوان بعد وفاته (طبع هذا الديوان عام 1399هـ = 1979م، وقد طبعته دار الشعب)

كان «محمود غنيم» صوتًا شعريًا متميزًا في عصرنا الحديث، لم ينل حظه من الشهرة مثلما نالها الآخرون، بسبب اتجاهه الإسلامي الذي تحاربه المؤسسات الثقافية في مصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights