– انتشرت الشائعات والتحليلات في العامين الماضيين، حول بئر عثمان، وأن سيدنا عثمان بن عفان (رضي الله عنه) يمتلك حسابا بنكيا بـ اسمه، في أحد البنوك السعودية، وقالت بعض المواقع إن أرباح مزارع البئر أوجدت فندقا ضخما يحمل اسم عثمان بن عفان..
– نفت وزارة الأوقاف السعودية وجود حساب بنكي لسيدنا عثمان، وقالت إن الفندق الذي يحمل اسم أمير المؤمنين عثمان بن عفان، لا علاقة له بالبئر، ولا بفوائد وأرباح مزارع بئر عثمان..
القصة:
– عُرفت “بئر رُومة” منذ أقدم العصور، وهي بئر قديمة تعود لما قبل الإسلام، وجاء ذكرها في كتب المؤرخين القدامى،
– وجاء في معجم البلدان: رُويَ عن موسى بن طلحة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، أنه قال: «نِعم الحفير حفير المزني» يعني: بئر رومة، المعروفة بعذوبة مائها، وكان يُطلق عليها: زمزم المدينة
– قال الإمام ابن عبد البر: كانت ركية ليهودي يبيع ماءها للمسلمين، ومنه اشتراها عثمان بن عفان، على دفعتين.. اشترى النصف الأول بـ 12.000 درهم، ثم اشترى النصف الآخر بـ 8000 درهم، ..(الرَّكِيَّةُ في لسان العرب: البِئرُ لم تُطْوَ) أي البئر متدفقة الماء.
– بعد الهجرة إلى المدينة، وزيادة أعداد المسلمين، زاد الاحتياج للماء، وكانت “بئر رومة” من أكبر الآبار، وهي المورد الرئيسي للماء بالمدينة، وكان يملكها يهودي مُستغِل،
ذهب سيدنا عثمان لليهودي، بعد أن سمعَ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: مَن يشتري بئر رومة وله الجنة. وأخبر عثمان المالك اليهودي أنه يريد أن يشتري منه البئر، فرفض اليهودي، فعرض سيدنا عثمان بن عفان أن يشتري نصف البئر، فيكون يوما له ويوما لليهودي يبيع منه،
وظن اليهودي أن أرباحه ستزيد مع عثمان بن عفان التاجر الثري الكبير،
ولكن حدث العكس، وتوقّف الطلب تماما على شراء الماء ..
فتعجب اليهودي وبحث عن السبب …
فاكتشف أن سيدنا عثمان جعل يومه لوجه الله، يأخذ الناس حاجتهم من الماء دون مقابل،
فأصبح الناس جميعا: (مسلمون ويهود ومشركون) يشربون في يوم عثمان، ولا يذهبون للبئر في يوم اليهودي،
فاضطر اليهودي أن يذهب لسيدنا عثمان، ويعرِض عليه شراء باقي البئر، فوافق سيدنا عثمان، واشتراه مقابل 20 ألف درهم ..وأوقفه لله تعالى، يشرب منه جميع الناس، وليس للمسلمين فقط.
– وبمرور الزمن، أصبحت النخيل تنمو حول البئر، واهتمت الدولة العثمانية بالبئر المباركة وما حولها، اهتماما كبيرا، وجاءت بعدها الدولة السعودية، واعتنت بها أيضا،
– في عام 1953م، استأجرت وزارة الزراعة السعودية، البئر ومزرعته من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، وبدأت في الاستفادة من مياه بئر الصحابي الجليل، وزرع المنطقة المحيطة به حتى وصلت النخيل المزروعة إلى أكثر من 15,500 نخلة، على مساحة تقارب 100 ألف متر، بالإضافة إلى المشاتل المتنوعة الشاسعة.. ومن المتوقع أن تأتي بإيراد سنوي يقارب 50 مليون ريال سعودي
– أكثر من 1400 سنة مرَّت على شراء الصحابي الجليل عثمان بن عفان (رضيَ اللهُ عنه) لبئر رومة، شمال غربي المسجد النبوي في المدينة المنوّرة، ولا تزال البئر حتى اليوم تروي سكان المدينة بمائها، وتسقي نخيلهم وأشجارهم.
– عُمق البئر يُقدَّر بحوالي 37 مترًا، كما أن قطرها يصل إلى 4 أمتار تقريبًا، ويبلغ مستوى الماء 29 مترًا تقريبًا.
ونقلا عن صحيفة عكاظ، تقول وكالة الأنباء السعودية: إن بئر الصحابي عثمان بن عفان (رضيَ اللهُ عنه) هي البئر الوحيدة التي لا تزال باقية منذ عهد النبوّة، ويتدفق منها الماء، من جملة الآبار النبوية السبعة، وهي:
1- “أريس”
2- “غرس”
3- “رومة”
4- “بضاعة”
5- “بصة”
6- “حاء”
7- “العهن”
– لا يوجد حساب مصرفي بـ اسم عثمان بن عفان (رضي اللهُ عنه) كما تقول الصحف والمواقع والفضائيات، وهذا ما أكدته وزارة الشؤون الإسلامية السعودية،
وقالت الوزارة إن بئر عثمان وما حولها (وقف مؤجّر) يصرف ريعه على مصالح المسجد النبوي، واليتامى والمساكين..
سبحان الله …
هذه تجارة مع الله، بدأت واستمرت طوال 14 قرنا..
فكم يكون ثوابها؟
—————
يسري الخطيب