مقالات

ياسر عبده يكتب: تصحيح لما اشتهر.. وهو غير صحيح

كان سيدنا العمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من أعرف الناس بمكانة خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في الإسلام وأحفظهم لقيمته،

ولكن بعض الناس أبرزوا صورة عجيبة للناس، يرى الناظر إليها سرابًا يحسبه شيئاً وهو ليس بشيء..

كأنّ سيدنا عمر كان يتربص بخالد ويريد عزله بأي شكل منذ وَلِيَ الصدّيقُ -رضي الله عنه- الخلافة؛

ذلك لأنه أشار عليه بعزله أكثر من مرة، وذلك بعض الحق لا كله.

وشاع أن سيدنا عمر -رضي الله عنه- عزل سيدنا خالد بمجرد أن استلم الخلافة،

حتى قرأت في كثير من الكتب أن أول قرار اتخذه سيدنا عمر هو عزل خالد!

وهذا خطأ بيّن؛ إذ لم يكن كذلك، فما عزله حتى راجعه، وهذه الرواية تُظهر الأمر كأنه كان ينقم عليه وعزله لذلك.

والصواب أنه لم يعزله مباشرة، وإنما بعد وقت ومراسلات سبقت عزله، لكنها غير مشهورة.

وأسباب عزل سيدنا عمر لخالد معروفة ومشهورة؛ أشهرها حفظ عقيدة الناس، وأقلها شهرة هي الأسباب الإدارية،

وهي من الأسباب الرئيسة لعزله؛ فمهنا أنه كان لكلٍ مِنهُما طريقته في الإدارة والسياسة التي كان يرفضها الآخر،

الخلاف بين الفاروق وسيف الله على خمس الغنائم

فكان على سبيل المثال سيدنا خالد يريد أن تُطلَق يده في خمس الغنائم وإدارة المعركة دون الرجوع للخليفة في كل أمر، خشية أن يُفوّت ذلك عليه فرصة النصر،

وكانت طريقة سيدنا عمر بخلاف ذلك؛ فكان يريد من عامله أن يرجع إليه في كل أمر.

والذي نريد إيضاحه من ذلك: أن سيدنا عمر -رضي الله عنه- أراد أن يغير من طريقة سيدنا خالد لتتوافق مع طريقته ويستبقيه ويوليه،

لكن سيدنا خالد هو من رفض ذلك، فاضطر سيدنا عمر لعزله، مع حفظه لمكانته، وطلبه من أبي عبيدة بن الجراح أن يستشيره في كل شيء،

فعن مالك بن أنس أن عمر لما ولي الخلافة كتب إلى خالد: ألا تعطي شاة ولا بعيرًا إلا بأمري.

فكتب إليه خالد: إما أن تدعني وعملي، وإلا فشأنك بعملك،

فقال عمر: ما صدقت الله إن كنت أشرت على أبي بكر بأمر فلم أنفذه؛ فعزله،

وقد طلب منه سيدنا أبو بكر نفس الطلب في خلافته فرد بنفس الرد، لكن الصديق تركه وما أراد.

المهم أن سيدنا عمر حاول ثني سيدنا خالد عن طريقته قبل عزله،

لكن سيدنا خالد – كما أشرنا- كان يرى أن تقييده بالرجوع في كل أمر سيعيق عمله بشدة.

ولا يخفى على ذي بصيرة أن الفاروق -رضي الله عنه – كان يحب سيدنا خالد بشدة، ويعرف له قدره ومكانته، ولم يكن يحب عزله لشيء في نفسه،

ولا كان هذا أول قرار له، ولم يعزله إلا بعد محاولات لتغيير طريقته، بل وكان يدعوه إلى العمل والولاية

وسيدنا خالد يشترط عليه في كل مرة أن يتركه وطريقته في الإدارة، وكان عمر يأبى عليه ذلك.

رضي الله عن ساداتنا وألحقنا بهم في جنات النعيم.

ياسر عبده

كاتب وباحث إسلامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى