يسري الخطيب يكتب: أبو الشَّمَقْمَق والولايات الشمقمقية

– مروان بن محمد أبو الشَّمَقْمَق
(730م – 815م)
شاعر هجّاء، بذيء اللسان، بخاري الأصل، ولكنه وُلد وعاش ومات في البصرة بالعراق
الشَّمَقْمَق في اللغة: فارع الطول، الجسيم من الرجال.
– عاصر شعراء عدّة وهجاهم ك: بشار بن برد، وأبي العتاهية، وأبي نواس، وابن أبي حفصة، وله هجاء في يحيى البرمكي وغيره.
– يقول في وصف داره بالبصرة:
بَرَزْتُ منَ المنازِلِ والقِبَابِ/
فلم يَعْسُرْ على أَحَدٍ حِجَابِي/
فمنزليَ الفضاءُ وسقفُ بيتي/
سماءُ اللهِ أوْ قطعُ السحابِ/
فأنتَ إذا أردتَ دخلتَ بيتي/
عليَّ مُسَلِّمًا من غَيْرِ بابِ/
لأني لم أجدْ مصراعَ بابٍ؟
يكونُ مِنَ السَّحَابِ إلى التُّرَابِ/
(جاءت في النص الأصلي هكذا: “يعسر” بمعنى صعب، عسُر الأمرُ: اشتدَّ وصَعُب، وليس يعثر أي يجد)
– كان رثّ الهيئة، قبيح المنظر، هجا الكثيرين من شعراء زمانه..
وكان (بشار بن بُرد) يخشى لسانه، ولذا كان يعطيه (200 درهم) كل سنة، ليسكت عنه ولا يشتمه…
– مرَّ الشمقمق يوما ببشار، فقال له: لقد سمعت صِبية في الطريق ينشدون هذا البيت:
هللينهْ هللينهْ/
طَعْنَ قِثَّاةٍ لِتِينَهْ/
إنَّ بشارَ بنَ بردٍ/
تيسُ أعمى في سفينهْ/
فأخرج له بشار 200 درهم، وأعطاها له قائلا: دعك من رواية: عن الصبيان!
وهكذا كان الشمقمق يتكسّب من الهجاء، (تدفع واللا اشتمك وافضحك)
– وقال الشمقمق في الذين يحجون البيت بأموال جاءت من حرام:
إذا حججتَ بمالٍ أصله دنسُ/
فما حججتَ ولكن حجّت العيرُ/
لا يقبلُ اللهُ إلا كل طيّبةٍ/
ما كلّ مَن حجّ بيت اللهِ مبرورُ/
– ومن أشعاره:
– ما لي أَراكَ بَخيلاً/
أَما تَجودُ بِشَيءِ/
أَما مَرَرتَ بِسَلحٍ/
لِكَلبِ حاتِمٍ طيءِ/
– ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ الخُبزَ فاكَهِةً/
حَتّى نَزَلَتُ عَلى “أََوفَى اِبنَ مَنصورِ”/
يَبِسُ اليَدَينِ فَما يَسطيعُ بَسطَهُما/
كَأَنَّ كَفَّيهِ شَدا بِالمَساميرِ/
– وَلَهُ لحيَةُ تَيسٍ/
وَلَهُ مِنقارُ نَسرِ/
وَلَهُ نَكهَةُ لَيثٍ/
خالَطَت نَكهَةَ صَقرِ/
– أنا مِن زُوارِ بَيتي/
وَأَنا ضَيفٌ لِنَفسي/
أَشتَري في كُلِّ يَومٍ/
حِزمَةَ البَقلِ بِفِلسِ/
– في الماضي، كانت الصحف المصرية، وأقسام الإعلانات تحديدا، تعمل بطريقة الشمقمق: (هتدفع واللا ننشر) وهذا ما رأيتُه وعشتُه في صحف مصر.. وهو نهج الفضائيات الآن، بعد أن بالَ الزمنُ على الصحف الورقية، وانتهى عصرها للأبد
– من العجيب أن الفضائيات المصرية وعلى رأسها برامج ال (توك شو) تبتز الشركات ورجال الأعمال: (هتدفع واللا نقول)
والأعجب أن الدولة عندما علمت بذلك، لم تُحذّر الفضائيات، وتُفعّل القانون، لتحمي رجالها: رجال الأعمال، بل فرحت باللعبة والسبّوبة الجاهزة، واستولت على جميع الفضائيات الكبيرة، وقامت هي بدور الشمقمق بكل (سلاسة)..
هتدفع واللا نخليك جُرسة الإعلام والبلد كلها؟!
حتى ظهرَ الشمقمق الأمريكي البلطجي، بشكل مختلف: (موديل 2025): (هتدفع واللا تعمل عُمرة في الإمارات؟!)