مقالات

يسري الخطيب يكتب: الدراما والثورات المنسية بين «وادي عقرب» و«وادي ماجد»

– يتجدد سنويا، على صفحات الأصدقاء من أبناء مطروح، في ذكرى ثورة «وادي ماجد» 15 ديسمبر 1915م؛ الحديث عن الثورة المنسية، ولماذا يتجاهل الإعلام المصري ملاحم بطولية مُدهشة لقبائل مطروح، وانتصاراتها على «الإنجليز» في «وادي ماجد» وقتل القائد البريطاني.

– السؤال لكل الذين يطرحون علامات الاستفهام السنوية: هل تتوقع من دولة تحذف آيات الجهاد من الكتب المدرسية؛ أن تهتم بتلك البطولات؟

– كلمة الجهاد في حد ذاتها تسبب قلقا لكل أنظمة الحُكم في العالم العربي، حتى لو كانت ضد المحتل، وقد رفضت جميع الصحف التي عملتُ بها  نشر حواراتي مع الفدائيين الذين زلزلوا تاريخ بريطانيا في السويس، لأنها خرجت عن الخط الرسمي للحوار التقليدي .. وما زلتُ أحتفظ بالأوراق وشرائط الكاسيت من سنة 2002م.

– بريطانيا لا تضع أسوارا حول أوراقها الرسمية، وقد نجح كثيرون في الوصول لمذكرات بعض القادة البريطانيين في الحرب العالمية الأولى والثانية، وبريطانيا هي الدولة الاستثناء في ذلك.. فهي تنشر وقائع حروبها لحظة بلحظة، وبصراحة غريبة جدا.. وحتى مذكرات القادة البريطانيين كانت مليئة بالاعترافات الشخصية، والاعترافات بالهزائم والأخطاء، والتمجيد في الخصوم، ولذا فالحصول على تفاصيل «ثورة وادي ماجد» من الزاوية البريطانية، ليس صعبا.. ودخول سفارة بريطانيا في القاهرة متاح للجميع، وهم يساعدون ويحترمون الباحثين جدا.

– استطاع الأفاضل: حَمَد خالد شعيب‏، وقدّورة العَجني، وعبد الله أبو زوير.. وشباب المبدعين: منعم العبيدي، وأحمد ماهر، وغيرهم، في بضع سنين، وبمجهودات شخصية، أن يضعوا ثورة «وادي ماجد» في دائرة الضوء.

– لذا.. لا تنتظر أحدا.. فلن يأتي أحد..

لن يأتي من يمنحك فخرًا لا يشعر هو به، ولم يحسّه..

لا تنتظر إعلاما رسميا، أو مستقلا..

الأمر كله بيدك أنت.. أنت فقط.

– عندما قرأتُ مسودات رواية «وادي عقرب» للباحث الدكتور حامد خالد شعيب، في 2008م، كتبتُ عنها مقالا في جريدة «الجيل» التي كان يرأس تحريرها الأستاذ محمد القدوسي، وقلتُ في آخر المقال: (أصبح لا يُذكر التراث البدوي إلا ويُذكر اسم: حَمَد خالد شعيب (صنوان متلازمان)، ابن الصحراء وحامل مفتاح كنوز التراث البدوي في مصر، دون سواه،

هذا العبقري المدهش فاجأنا كعادته (بمسودات) روايته (وادي عقرب) لتهتز عقارب الساعة، وترتعش جغرافيا السلوم -مسقط رأسه- وحيث تدور أحداث الرواية.. لنقف أمام روائي من الطراز الأول، يضع يده على تفاصيل وأحداث لم يسبقه إليها أحد، وفي بقعة من أطراف مصر -على الحدود الليبية- يتصدر وادي عقرب المشهد بجوار (الوتد) خيري شلبي، و(خالتي صفية والدير) بهاء طاهر، و(الأيام) طه حسين، ويبقى دور الإنتاج الإعلامي ليتلقّف هذا العمل الروائي البديع النادر الذي يتناول أحداثا ورؤى في مصر التي لا نعرفها)

– ولكن مولانا الدكتور حمد خالد شعيب، انشغل بوظائفه الحكومية (مدير عام ثقافة مطروح – مدير عام ثقافة جنوب سيناء)، ثم الانتقال للجمهورية الليبية والعمل هناك،، ولم ينقّح روايته، وتوقف عن الكتابة، ولو أكمل روايته تلك، لفاز بجائزة البوكر العالمية للرواية العربية، ووقتها سيضطر التليفزيون المصري مرغما أن يعرض عليه تحويلها لعمل درامي، ولو حدث ذلك لتغيرت الأوهام الدراميّة المخزّنة لدى الملايين عن مطروح التي رسمها عادل إمام، وعلي الشريف، ويسرا، في فيلم (الإنسان يعيش مرة واحدة)، إنتاج 1981م،، أو سفاسف فيلم (شاطئ الغرام) 1950م، لـ حسين صدقي، ومحسن سرحان، وليلى مراد،،

– الخلاصة

أصدقائي الأحبّاء في مطروح.. لا تنتظروا أحدا.. أنتم فقط من سيغيّر اتجاه عدسة الكاميرا.. فنحن لم نسمع عن أحداث (جمهورية زفتى) إلا بعد أن تحوَّلت لدراما تليفزيونية.. وما زال بعض الناس لا يعرفون «صلاح الدين الأيوبي» إلا من خلال الفيلم السينمائي الشهير عنه..

– ومع عبقرية رواية «وادي عقرب» لـ حمد خالد شعيب، تمتلك مطروح روائيا فنانا عبقريا، آخر.. ابن قرية القصر (قبيلة الجريدات)، الصحافي والروائي «عبد الستار حتيتة» الذي أتمنى أن ينتبه لذلك، ويتحفنا برواية عن “وادي ماجد” تكون في عبقرية رواياته: استراحة الشيخ نبيل -المشرحة- شمس الحصادين…

– الدراما الدراما..

فـ رواية عن أحداث ثورة «وادي ماجد» يتم تحويلها لمسلسل تليفزيوني، كفيلة بأن تغيّر المفاهيم، وتختصر الزمن، وتجعل بوصلة المفكرين والعامة تتجه مع الشمس نحو ثورةٍ كانت منسيّة!!، وما دون ذلك مكلمة وثرثرة لن تُجدي.

يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى