يسري الخطيب يكتب: «تضعيف» الأحاديث النبوية التي لا تناسب الهوى
1- انتشرت في مصر، وبعض بلدان العرب في السنوات الأخيرة، ظاهرة خبيثة، ومجموعة من المتخصصين في (تضعيف الأحاديث النبوية) التي تتعارض مع توجهاتهم السياسية والأيديولوجية، بل وظهرت مجموعة أخرى تعضّد تلك المجموعة، في (تقوية) أحاديث نبوية لا أصل لها، وهو موضوع ممنهج خبيث، تديره مؤسسات كبرى،
2- كل أحاديث الفتن والمبشّرات يقومون بتضعيفها (تابع وستتأكد بنفسك)
فإذا ذكرت حديث النبي الذي رواه مسلم والترمذي وأحمد عن “محمد الفاتح”، وفتح القسطنطينية وروما، تخرج عليك الأفاعي لتكذّب الحديث، وينتفض البرهاميون، والوهابيون وشيوخ السلطان (بسبب توتر العلاقات بين مصر وتركيا. والسعودية وتركيا، في السنوات السابقة، والآن العكس)!!
ورأينا دار الإفتاء المصرية، وهي تسخر على صفحتها الرسمية من الفتح الإسلامي للقسطنطينية، وانحيازها للدولة البيزنطية البائدة، واعتبرت الفتح العثماني للقسطنطينية، احتلالًا، بالمخالفة لحديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش، ذلك الجيش.
3- (المؤسستان الدينيتان الرسميتان في مصر والسعودية تلعبان سياسة دائما، فهما يسيران حسب ريح النظام (أي نظام) وتتجه قرون الاستشعار عندهما حسب هوى الحاكم، ولذا فلا تأخذ منهما إلا في أحكام الزكاة والصوم والصلاة والسواك ودخول المرحاض… إلخ)
4- إذا ذكرتَ حديث النبي الصحيح عن اليهود وشجرة الغرقد، ستجد هجوما شديدا وسخرية من صهاينة العرب، بسبب التطبيع، وحُسن العلاقات الرسمية بين معظم البلاد العربية وإسرائيل (الحكومات وليس الشعوب)
5- كل (الأحاديث المكذوبة) التي تمتدح مصر وعسكرها، يؤيدونها بقوة واستماتة ويختلقون لها الرواة والتأصيل، رغم أنها ليست أحاديثا نبوية.. فالرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يقل شيئا عن جُند مصر (هو كان في عسكر في مصر أصلا) ولم يقل عنهم (خير جنود الأرض) وأتحدى أي إنسان على كوكب الأرض يثبت لي صحة هذا الكلام المنسوب للنبي (صلى الله عليه وسلم).. وقال الشيخان: الألباني والحويني، إنه ليس حديثا ولا حتى (قول مأثور) فهو اختراع مصري.
6- الطريف أنني وجدتُ معظم العرب ينسبون نفس الأحاديث لبلدهم، وكل الأحاديث النبوية المكذوبة التي يرددها معظم المصريين عن مصر، يقولها أهل سوريا عن سوريا، وأهل العراق عن العراق، وأهل الجزائر عن الجزائر،
(يقول شيخ جزائري فاسق كلاما ينسبه للنبي: أَحَبُّ البلاد إلى قلبي بعد مكة والمدينة هي الجزائر) انظر لركاكة الكلمات في الحديث السابق المكذوب على النبي!!
7- وأذكرُ في سنة 2012م، حدثت مشادة بين مصري وسوري، كنتُ شاهدا عليها في الدوحة بدولة قطر، واستعان بي الأصدقاء لأفصل بينهما، فالسوري يؤكد أن حديث خير جنود الأرض المقصود به سوريا، والمصري يرد بحدّة أن الحديث عن مصر.. ولم تنتهِ المناقشة الملتهبة إلا بعد أن أكدتُ لهما أنه ليس حديثا.. ولا يخص مصر أو سوريا.. وأن الجيش الوحيد الذي امتدحه النبي هو جيش محمد الفاتح، فاتح القسطنطينية.
8- لو تابعت ستجد كل الشعوب العربية كذلك.. وكانت مفاجأة لي رأيتُها في الإمارات ثم قطر، عندما عشتُ وتعاملتُ مع جميع شعوب العرب على أرض الدولتين،، كل دولة عربية تؤلّف أحاديثا نبوية، وترى نفسها الأفضل والأروع والأعظم.
9- ستجد في التقوية والتضعيف عند هؤلاء الشيوخ الملاكي أشياءً لا تنطلي على طفلٍ صغير.. فهذا الحديث ضعيف لأن أحد الرواة كان يحمل تليفون إريكسون بإريال، أو نوكيا 3310، وهذا قوي لأن الراوي كان من سكان منتجع بورتو مكة.. مثلا.. (ربنا يسخطكم قرود من غير ذيل)
10- ولأنني من العاشقين للكتب والصحف والمجلات القديمة، وجدتُ – قدرًا – كتابـًا صغيرًا، صادرا عن إعلام محافظة الوادي الجديد، في سنة 1978م، بمناسبة زيارة الرئيس السادات للمحافظة، وفي مقدمة الكتاب، (حديث منسوب للنبي) يقول: (من أَعْيَتهُ المكاسب فعليه بمصر، وعليه بالجانب الغربي منها).. ويؤكد الكاتب في شرحه للحديث المزعوم، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) يقصد محافظة الوادي الجديد، بـ (الجانب الغربي من مصر)!!!..
11- وهذه التخاريف المصرية ليست وليدة اليوم، وقد شاهدتُ أحد الشيوخ الملاكي، الأسبوع الماضي يقول إن النبي كان يعيش في مصر قبل نزول الوحي….
12- هذا هو الحديث النبوي الوحيد الصحيح عن مصر، وما دون ذلك أكاذيب وافتراء على النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا) .
رواه مسلم (2543) عن أبي ذر (رضي الله عنه) مرفوعا .
قَالَ الزُّهْرِيُّ: أما الرحم فهي هاجر أم إسماعيل، لأنها مصرية، وأما الصهر: أم المؤمنين مارية القبطية: أم إبراهيم، فهي مصرية..
13- نحن لا نقلل من هذا أو ذاك.. ولا من بلدنا.. حاشا لله
ومصر عندنا هي الدنيا كلها، لكن من دون نفاق وكذب ومزايدات رخيصة..
وقبل كل ذلك: رسول الله عندي أعظم من الجميع.. فلا تكذبوا عليه..
14- قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)
رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِىُّ.
15- اتقوا الله