الثلاثاء أكتوبر 1, 2024
مقالات

يسري الخطيب يكتب: نشأة الكتابة العربية .. بين الغموض والتخمينات

لم يعتمد العرب قبل الإسلام على التدوين، فكان تطوّر الكتابة العربية بطيئًا، أما بعد الإسلام والحاجة إلى تدوين القرآن الكريم، فقد ظهر الكَـتَبة والنسّاخون والخطّاطون، وتسابقوا لتحسين الخط وتزويقه.

اُبتُكِرَت خطوط جديدة، واشتُقَّت خطوط أخرى من الخطوط القديمة.

ما زال موضوع نشأة الكتابة العربية غامضا، ولا يستطيع أحدٌ أن يجزم ببدايةٍ ما، أو يؤكد طرائق نشأة الكتابة، فكل ما وصل إلينا عن الكتابة العربية مجرد آراء وتخمينات متواترة متوارثة، لا يوجد دليل قطعي يؤكدها…

 توجد آراء متعدّدة متناقضة حول نشأة الكتابة العربية:

1– حُكيَ عن حَبر الأمة «عبد الله بن عباس» (رضي الله عنه) أن أول من كتب بالعربية هو نبي الله إسماعيل بن إبراهيم الخليل (عليهما السلام)، وأن الله أنطقه بالعربية المبينة وهو ابن 24 عاما.

2– رَوَى التابعي العلّامة «مكحول الشامي الهذلي» (تُوُفيَ في 112هـ) أن أول مَن وضعوا الخط والكتابة هُم: (نفيس، ونضر، وتيماء، ودومة)، من أولاد النبي إسماعيل بن إبراهيم، وأنهم وضعوها متصلة الحروف بعضها ببعض حتى الألف والراء، ففرّقها: «هميسع» و«قيدار»، وهما من أولاد سيّدنا إسماعيل.

3– قال برهان الدين الحلبي (تُوفيَ سنة 1438م) في كتابه: «السيرة الحلبية»، إن أول من كتب بالعربية من أبناء إسماعيل هو: “نزار بن معد بن عدنان”.

4– قال صاحب «مروج الذهب» المؤرّخ الأشهر: أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي (تُوفيَ في مصر، سنة 965م) إن أول من وضع الخط هم بنو المحصن بن جندل بن يعصب بن مدين، وكانوا قد نزلوا عند عدنان بن أد بن أدد،

وأسماؤهم: (أبجد، وهَوّز وحطي، وكَلَمُن، وسعفص، وقرشَت)

فلما وجدوا حروفًا ليست في أسمائهم أضافوها، وسمّوها: الروادف، وهي: الثاء والخاء، والذال، والضاد، والظاء، والغين، والتي مجموعها: (ثخذ ضظغ)، فتمت بذلك حروف الهجاء.

5– قيل هُم ملوك مَدْيَن، وأن رئيسهم (لكمن)، وأنهم قوم نبي الله شعيب.

6– وقيل إن أول من وضع الخط ثلاثة من قبيلة طيء، سكنوا الأنبار، هم: (مرامر بن مرة، وأسلم بن سدرة، وعامر بن جدرة)، فوضعوا الخط، وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية، فالأول وضع صور الحروف، والثاني فصلَ ووصَّل، والثالث وضع الأعجام، وأنهم سمّوه: خط الجزم، وهو القطع، لأنه مُقتطع من الخط الحميري.

7– وقيل إن أهل الأنبار تعلَّموا الخط من أهل الحِيرة، وقيل العكس.

8– ما ثبت عن الصحابي «عبد الله بن مسعود» أنه نَهَى عن رقش القرآن، ينفي كل ما تعلمناه عن دور الأسود الدوؤلي، ونصر بن عاصم، في تنقيط الحروف العربية، فالرقش معناه التنقيط، وتوجد أدلة كثيرة تثبت أن الرقش (تنقيط الحروف) كان معروفا قبل الإسلام. والله أعلم.

9- لا يوجد دليل جازم يؤكد أن اللغة التي كلّم اللهُ بها آدم هي العربية، وإذا كان آدم قد تعلّم العربية؛ فلماذا لم يتكلم بها أولاده وأحفاده من الرسل؟… أنا لا أعرف، لكنها مجرد تساؤلات مُحيّرة أتوقف أمامها.

10- لم يرِد أن سيدنا نوح (عليه السلام) كان يتكلم العربية.. وهو الأقرب لسيدنا آدم، كما أن سيدنا إبراهيم (عليه السلام) كان يتكلم السريانية المتفرّعة من الآرامية، وليس العربية.

وما سبق كله، يجعلنا نرفع علامة الاستفهام الكبرى:

(وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا)

ما اللغة التي علّمَ اللهُ بها آدم الأسماء؟

Please follow and like us:
يسري الخطيب
- شاعر وباحث ومترجم - مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب