الأثنين مايو 20, 2024
أقلام حرة

يوسف قبلاوي يكتب: استحضار حقائق التاريخ تقي من تكرار أخطاء الأجداد

لا يشك عاقل أن دول الاستعمار الغربي هي التي صنعت الأنظمة في بلاد المسلمين، وفرضت أنظمة الحكم العلمانية على أهل الإسلام، ووضعت لها منظومة أمنية واستخبارتية لحمايتها، والتاريخ شاهد على هذه الحقيقة، ففي الحرب العالمية الأولى انتصر «الحلفاء» وهم بريطانيا وإيطاليا وفرنسا، على ألمانيا والدولة العثمانية، وسقطت على إثر هذه الهزيمة الدولة العثمانية، وورث أراضيها الشاسعة “الحلفاء”، فتعاملوا مع بلاد المسلمين على أنها غنائم حرب، ووزعوها بينهم، فكانت تقسيمات سايكس بيكو التي هي بمثابة التقسيم للكعكة، فأخذت بريطانيا الحصة الأكبر (الهند وباكستان وإيران ودول الخليج كلها والأردن ومصر واليمن)، وأعطت فرنسا (سوريا ولبنان والمغرب العربي وبعض دول جنوب إفريقيا) وأعطت إيطاليا ليبيا، وبقي الأمر على هذا النحو حتى الحرب العالمية الثانية، حيث وصل الجيش الألماني إلى مشارف لندن، واستنجدت بريطانيا بأمريكا، فأنقذتها ودحرت الجيش الألماني، فتربعت أمريكا على عرش العالم مكان بريطانيا، ووضعت كل أوروبا تحت عباءتها بمشروع مارشال.

والتاريخ يشهد أن أمريكا التي تربعت على عرش الدولة الأولى في العالم لم تكتفِ باحتوائها لأوروبا؛ بل نظرت لبلاد المسلمين الغنية والاستراتيجية كغنيمة مستحقة، وعزمت على نزعها من يد «الحلفاء» المستعمر القديم.

فرفعت شعار الاستقلال في بلاد المسلمين؛ للتحريض على الحلفاء وإجبارهم على مغادرتها، فاضطر الحلفاء إلى إنهاء الاستعمار المباشر في بلاد المسلمين تِبَاعاً، وتنصيب أنظمة عميلة وحكام عملاء تقوم مكانهم وتحافظ على مصالحهم، وتحرس ما أوجدوه من فُرقة بين المسلمين، وتعطيل لشرع الله.

فكان «استقلال» دويلات سايكس بيكو التي ما زلنا إلى اليوم نحتفل بها وبيوم استقلالها المزعوم، الذي فرق جسد الأمة الواحدة.

بعدها لجأت أمريكا إلى خطة الانقلاب على عملاء بريطانيا وفرنسا، واستطاعت من خلال ذلك أن تنهي نفوذ بريطانيا في أكثر من بلد، فمثلاً: عملاء أمريكا -الضباط الأحرار وجمال عبد الناصر- انقلبوا على الملك فاروق عميل بريطانيا، وأنهوا حكمه، وحولوا مصر من كل مملكة إلى جمهورية، ووجود السيسي عميل أمريكا اليوم، ما هو إلا امتداد لذلك.

واستطاعت أمريكا الانقلاب على شاه إيران، والمجيء بالخميني، وحولت إيران من مملكة إلى جمهورية فيما يسمى بالثورة الإسلامية التي ليس للإسلام نصيب منها إلا الاسم، واستطاعت أمريكا أن تقوم بانقلاب عسكري أطاح بالنظام السوري الموالي للإنكليز بعد طرد فرنسا فيشي آنذاك، وبعدها حصلت عدة انقلابات عسكرية في صراع أوروبا مع أمريكا على سوريا، وصل عددها إلى ٩ حتى استقر الأمر لأمريكا بآخر تلك الانقلابات، والذي قام به الهالك حافظ الأسد.

إن فهم هذه المعادلة ضروري جدا لثوار سوريا؛ ليدركوا أن ثورتهم على بشار وريث حافظ في العمالة للأمريكان، يعني أنها ثورة على نفوذ أمريكا، ويعني أنهم في صدام مباشر وغير مباشر مع أمريكا وعملائها في المنطقة، وهذا هو أخطر محور في الصراع مع هذا النظام الفاجر.

وبناء عليه ينبغي رفض كل فكرة أو مشروع تطرحه أمريكا خصوصا، والغرب عموما، وينبغي لفظ كل تشكيل سياسي أو عسكري يتعامل مع أمريكا وعملائها، ويدعي أنه يمثل الثورة، أو يعمل في صفوف الثوار.. إن إدراك تلك الحقائق يؤمن الثورة من المخاطر، ومن تكرار أخطاء الأجداد.

منتدى قضايا الثورة

Please follow and like us:
يوسف قبلاوي
ناشط سياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب