فيما تتسع رقعة الحرب المشتعلة بين إيران وإسرائيل منذ أربعة أيام، لا تقتصر تداعياتها على الشرق الأوسط فقط، بل امتدت لتصيب قطاع الطيران العالمي بشلل جزئي واسع النطاق. فقد أظهرت بيانات حديثة من منصات تتبع الملاحة الجوية وشركات الطيران العالمية، أن أكثر من 112,726 رحلة جوّية حول العالم تأثرت بشكل مباشر نتيجة تصاعد التوترات العسكرية في المنطقة، ما بين إلغاء، تأخير، أو تغيير في المسارات الجوية.
وبحسب تقرير نشره موقع “فلايت رادار 24” (Flightradar24) وتأكيدات شركات طيران عالمية من بينها لوفتهانزا وطيران الإمارات والخطوط القطرية، فقد جرى إلغاء 5,719 رحلة جوّية، بينما تعرّضت 107,007 رحلة أخرى لإعادة جدولة أو تأخير إقلاعها، وهو رقم غير مسبوق منذ تفشي جائحة كورونا عام 2020.
تتمثل أبرز أسباب هذا الاضطراب العالمي في إغلاق المجال الجوي فوق أجزاء واسعة من إيران والعراق وسوريا، وتحول مناطق شاسعة من شرق المتوسط والخليج العربي إلى مناطق طيران عالية الخطورة، مما اضطر الشركات إلى اتخاذ مسارات بديلة تمر عبر تركيا، أذربيجان، تركمانستان، مصر، والسعودية. وقد تسبب ذلك في إطالة أزمنة الرحلات بمعدل يتراوح بين 45 دقيقة إلى ساعتين، فضلًا عن ارتفاع تكاليف الوقود والتشغيل.
وتعتبر شركات الشحن الجوي والخطوط العابرة للقارات من أكبر المتضررين، إذ أصبحت الرحلات من آسيا إلى أوروبا والأمريكيتين أكثر تعقيدًا وتكلفة. وقال متحدث باسم “الاتحاد الدولي للنقل الجوي” (IATA) إن “السلامة تمثل أولوية قصوى، لكن التحدي الآن في الحفاظ على الاستمرارية التشغيلية مع هذا القدر من الغموض الجيوسياسي”.
الانعكاسات الاقتصادية لهذه الفوضى الجوّية بدأت تظهر بالفعل، حيث ارتفعت أسعار شحن البضائع الجوّية بنسبة 18% في يومين فقط، في حين حذّرت شركات طيران أوروبية من نقص في الربحية إذا استمر النزاع.
في المحصلة، يؤكد هذا الاضطراب الجوي العالمي أن الحرب بين إيران وإسرائيل لم تعد أزمة إقليمية، بل تحوّلت إلى عامل اضطراب استراتيجي يُعيد تشكيل خريطة الطيران العالمية، مهددًا بانهيارات أوسع إذا استمر التصعيد دون حل دبلوماسي قريب.