طالبت 114 منظمة مدنية وحقوقية دولية، من بينها “هيومن رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية”، الاتحاد الأوروبي باتخاذ موقف حاسم وتعليق اتفاقية الشراكة الموقعة مع إسرائيل، بسبب ما وصفته بـ”الإبادة الجماعية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” التي تُرتكب بحق المدنيين الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة.
جاءت هذه الدعوة في بيان مشترك صدر اليوم الإثنين، قبل ساعات من اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، والمخصص لمراجعة مدى التزام إسرائيل بشروط الاتفاقية التي تُعد الإطار القانوني للعلاقات السياسية والاقتصادية بين الطرفين منذ دخولها حيز التنفيذ عام 2000.
وتنص المادة الثانية من اتفاقية الشراكة على أن استمرار التعاون مشروط باحترام حقوق الإنسان والمبادئ الأساسية للقانون الدولي، وهي بنود ترى المنظمات الموقعة على البيان أن إسرائيل خرقتها بشكل ممنهج.
دعوات للمحاسبة وتعليق الشراكة الاقتصادية
وأكد البيان أن مراجعة جدية ونزيهة لبنود الاتفاقية تقود إلى استنتاج واضح، وهو أن إسرائيل لم تلتزم بالمعايير الحقوقية التي تفرضها الاتفاقية، مطالبة بضرورة تعليق الجانب التجاري منها، إذا كان الاتحاد الأوروبي جادًا في الدفاع عن قيمه الحقوقية ومصداقيته الدولية.
وفي هذا السياق، قال كلاوديو فرانكافيلا، نائب مدير “هيومن رايتس ووتش” في بروكسل، إن “محاولات الحوار مع إسرائيل أثبتت فشلها”، مضيفًا أن “الاستمرار في الشراكة دون محاسبة حقيقية يُعد تواطؤًا في الانتهاكات”.
وأشار فرانكافيلا إلى تصاعد الاحتجاجات الشعبية في الشوارع الأوروبية منذ أشهر، تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن الرأي العام الأوروبي لم يعد قادرًا على تجاهل صور القتل والدمار والانتهاكات التي تنتشر بشكل يومي عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل.
كما أشار إلى أن النظام القضائي الإسرائيلي يفتقر إلى الجدية في ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب، مستشهدًا بتقارير من منظمات حقوقية إسرائيلية تفيد بأن نسبة المحاسبة لا تتجاوز 3%، ما يعكس غياب الإرادة الرسمية في إرساء العدالة.
ضغط شعبي ومطالبات بموقف أوروبي أكثر صرامة
البيان الحقوقي يعكس حجم الغضب المتزايد في الأوساط الحقوقية والمدنية الأوروبية، التي ترى أن استمرار الاتفاقية يُقوّض القيم التي يدّعي الاتحاد الأوروبي الدفاع عنها، لا سيما في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر حتى الآن عن سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب تقارير أممية وفلسطينية.
ويرى مراقبون أن البيان يعكس تحوّلاً نوعيًا في الخطاب الحقوقي الأوروبي، من مجرد إدانة لفظية للانتهاكات، إلى مطالبة فعلية باستخدام أدوات الضغط السياسية والاقتصادية لوقفها، وسط تساؤلات متزايدة عن مدى التزام الاتحاد الأوروبي بتطبيق معاييره الحقوقية على جميع شركائه دون ازدواجية.