الإمام الذهبي، مؤرّخ الإسلام، وشيخ المحدّثين.
(محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي)
(مواليد 1274م، دمشق)
الوفاة: 4 فبراير 1348م – دمشق
من عائلة تركمانية ثرية، كانت تسكن بمدينة دمشق، وتعمل بصناعة الذهب، ولذا عُرفت العائلة بالذهبي..
حفظَ القرآن الكريم وأتقن تلاوته في سن مبكرة، ثم اتجه إلى تعلم القراءات وهو في الثامنة عشرة من عمره، فتتلمذ على شيوخ القراءات في زمانهِ كالعسقلاني المتوفى سنة 692 هـ/1292م، والشيخ جمال الدين أبي إسحاق إبراهيم بن غال المتوفى سنة 708 هـ/1308م، وقرأ عليهما القرآن بالقراءات السبع، وقرأ على غيرهما من أهل هذا العلم حتى أتقن القراءات وأصولها ومسائلها..
وبلغ من إتقانه لهذا الفن وهو في هذهِ السن المبكرة أن تنازل لهُ شيخه محمد عبد العزيز الدمياطي عن حلقتهِ في الجامع الأموي حين اشتد بهِ المرض.
هو مُحدث وإمام حافظ. جمع بين ميزتين لم يجتمعا إلا للأفذاذ القلائل في تاريخنا، فهو يجمع إلى جانب الإحاطة الواسعة بالتاريخ الإسلامي حوادث ورجالاً، المعرفة الواسعة بقواعد الجرح والتعديل للرجال، فكان وحده مدرسة قائمة بذاتها.
والإمام الذهبي من العلماء الذين دخلوا ميدان التاريخ من باب الحديث النبوي وعلومه، وظهر ذلك في عنايته الفائقة بالتراجم التي صارت أساس كثير من كتبه ومحور تفكيره التاريخي..
كانت رحلاته الأولى داخل البلاد الشامية، فنزل بعلبك سنة 693 هـ/ 1293م، وروى عن شيوخها، ثم رحل إلى حلب وحماة وطرابلس والكرك ونابلس والرملة والقدس، ثم رحل إلى مصر سنة 695 هـ /1295م، وسمع من شيوخها الكبار، على رأسهم ابن دقيق العيد المتوفى سنة 702هـ، 1302م، وبدر الدين ابن جماعة المتوفى سنة 733 هـ، وذهب إلى الإسكندرية فسمع من شيوخها، وقرأ على بعض قرائها المتقنين القرآن بروايتي ورش وحفص، ثم عاد إلى دمشق.[10]
وفي سنة 698 هـ/ 1298م رحل الإمام الذهبي إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، وكان يرافقه في هذه الرحلة جمع من شيوخه وأقرانه، وانتهز فرصة وجوده هناك فسمع الحديث من شيوخ مكة والمدينة.
رغم أن تركيز الإمام الذهبي الرئيس انصبّ على الحديث، فقد درس النحو والعربية على الشيخ ابن أبي العلاء النصيبي، وبهاء الدين بن النحاس إمام أهل الأدب في مصر، واهتم كذلك بدراسة المغازي والسير والتراجم والتاريخ العام.
في الوقت نفسه اتصل بثلاثة من شيوخ العصر وترافق معهم، وهم:
- شيخ الإسلام ابن تيمية (661 هـ – 728 هـ).
- جمال الدين أبي الحجاج المزي (654 هـ – 739 هـ).
- القاسم البرزالي المزداد (665 هـ/ 1267م – 739 هـ /1339م).
وقد جمع بين هؤلاء الأعلام طلب الحديث، وميلهم إلى آراء الحنابلة، ودفاعهم عن مذهبهم. ويذكر الإمام الذهبي أن البرزالي هو الذي حبب إليه طلب الحديث.
مؤلفاته
ترك الإمام الذهبي إنتاجًا غزيرًا من المؤلفات بلغ أكثر من مائتي كتاب، شملت كثيرًا من ميادين الثقافة الإسلامية، فتناولت القراءات والحديث ومصطلحه، والفقه وأصوله والعقائد والرقائق، غير أن معظم مؤلفاته في علوم التاريخ وفروعه، ما بين مطول ومختصَر ومعاجم وسير.
من أشهر كتبه:
موسوعة تاريخ الإسلام.
سِـيَر أعلام النبلاء.
معجم الشيوخ.
- اختصر تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، وتاريخ دمشق لابن عساكر، وتاريخ نيسابور لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري، وتاريخ مصر لابن يونس، وكتاب الروضتين في أخبار الدولتين لأبي شامة، والتكملة لوفيات النقلة للمنذري، وأسد الغابة لابن الأثير. وقد حصر شاكر مصطفى الكتب التي اختصرها الذهبي في 367 عملا.
وإلى جانب هذه المختصرات لهُ كتب في التاريخ والتراجم وإليك بعضها مرتبة على تاريخ تأليفها:
1- تاريخ الإسلام، فرغ من إخراجه الأول سنة 714 هـ وبيض المئة الثانية منه أو قسماً منها سنة 726 هـ.
2- العبر في خبر من عبر، فرغ منه سنة 715 هـ.
3- معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار، ألفه بين سنة 716- 718 هـ.
4- تذهيب تهذيب الكمال، فرغ منه سنة 719 هـ.
5- أسماء من عاش ثمانين سنة بعد شيخه أو بعد تاريخ سماعه، فرغ نحو سنة 719 أو 720 هـ.
6- الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، فرغ منه سنة 720 هـ.
7- المغني في الضعفاء، فرغ منه سنة 720 هـ.
8- ميزان الاعتدال في نقد الرجال، فرغ منه سنة 724 هـ.
9- الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم، فرغ منه بعد سنة 724 هـ.
10- معجم الشيوخ (المعجم الكبير)، فرغ منه سنة 727 هـ.
11- أهل المئة فصاعداً، فرغ منه سنة 728 هـ.
12- المعجم المختص بالمحدثين، فرغ منه سنة 731 هـ.
13- تذكرة الحفاظ، ألفه بين سنة 731- 732 هـ.
14- سير أعلام النبلاء، فرغ منه سنة 739 هـ.
وله أيضاً:
المعين في طبقات المحدثين.
ديوان الضعفاء والمتروكين.
المشتبه في أسماء الرجال.
دول الإسلام.
الطب النبوي.
تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام
وهو أكبر كتب الإمام الذهبي وأشهرها، تناول فيهِ تاريخ الإسلام من الهجرة النبوية حتى سنة 700 هـ/ 1300م، وهي فترة مدتها سبعة قرون، رغم تناول البعض التاريخ البشري كاملا كالحافظ ابن كثير في كتابهِ البداية والنهاية، والنويري في كتابهِ نهاية الأرب في فنون الأدب، ولكن اتساع النطاق المكاني الذي شمل العالم الإسلامي بأسرهِ ميزه بالإضافة إلى أسبقيته على تلامذته كابن كثير.
وتضمن هذا العمل الفذ الحوادث الرئيسية التي مرت بالعالم الإسلامي، وتعاقب الدول والممالك، مع تراجم للمشهورين في كل ناحية من نواحي الحياة دون اقتصار على فئة دون أخرى، ويبلغ عدد من ترجم لهم في هذا الكتاب الضخم أربعين ألف شخصية، وهو ما لم يتحقق في أي كتاب غيره.
————–
يسري الخطيب