تسعي إران بقوة خلال المرحلة المقبلة لإعادة هيكلة قيادتها العسكرية بإنشاء مجلس الدفاع الوطني بعد حرب يونيو، في خطوة تعكس استعدادًا لجولة جديدة مع إسرائيل، وسط تحديات تفرق الدفاع الجوي والتفوق التكنولوجي للخصوم ومخاطر المركزية المفرطة في اتخاذ القرار الإيراني
بعد أقل من شهرين على الحرب مع إسرائيل في يونيو 2025، والتي شهدت تعرض أهداف نووية إيرانية لضربات أمريكية إسرائيلية مركزة أقرّ المجلس الأعلى للأمن القومي في طهران إنشاء “مجلس الدفاع الوطني” لتوحيد القيادة العسكرية زمن الحرب، استنادًا لتجربة مجلس الدفاع الأعلى في حرب الثمانينيات.
دروس الحرب
خلال الصراع الذي استمر 12 يومًا، اخترقت الطائرات الإسرائيلية العمق الإيراني بحسب ورقة بحثية لمركز أمد للدراسات السياسية ، دمّرت بطاريات صواريخ ومراكز قيادة ومستودعات، واغتالت قادة بارزين في الحرس الثوري، ما أظهر عدة ثغرات في التنسيق والاستجابة السريعة للقوات الإيرانية.
يهدف المجلس الجديد لرفع درجة التنسيق وكفاءة الرد السريع، ويرأسه الرئيس مسعود بزشكيان، لكن تركيبته يغلب عليها الطابع العسكري؛ قادة القوات المسلحة والحرس الثوري والجيش ووزير الدفاع ورؤساء الاستخبارات، ما يعزز مركزية الحرس في المنظومة السياسية الأمنية ويعزز من صلاحيته ونفوذخ باعتباره النواة الصلبة للنظام .
رغم وصف المجلس بأنه دفاعي، يتيح الهيكل الجديد اتخاذ قرارات سريعة قد تشمل ضربات انتقامية أو حتى استباقية، متماشياً مع تصريحات قادة الحرس الذين توعدوا بالرد خلال ساعات على أي هجوم جديد كما جري في بعض الأيام خلال حرب الـ 12يوما مع واشنطن وتل أبيب .
كما تمثل هذه التغييرات رسالة طمأنة للحلفاء الرئيسين مثل حزب الله والحوثيين، مفادها بأن إيران تعيد بناء مركز أعصابها العسكري. ولإسرائيل والولايات المتحدة، يقدم رسالة ردع بأن طهران تسعى لتنسيق جبهات متعددة إذا اندلعت جولة جديدة حيث يوصل رسالة بجاهزية إيران للرد علي أي عدوان يطال أراضيها أو مرافقها سواء عسكرية أومدنية .
وفي هذا السياق تبدو فعالية المجلس مرهونة بقدرة إيران على تعويض مخزون الصواريخ، وتعزيز الدفاع الجوي، وحماية مراكز القيادة من الضربات الدقيقة، في مواجهة تفوق تقني أميركي–إسرائيلي يشمل الطائرات الشبحية والقدرات السيبرانية الهجومية المتقدمة.
قد يكون نقطة قوة لتنسيق القدرات العسكرية لطهران بشكل أفضل، وفي المقابل؛ فإن التركيز المفرط للقرار العسكري في مجلس واحد قد يكون نقطة ضعف؛ إذا تم استهدافه في الساعات الأولى من حرب جديدة، قد تُشلّ القيادة بالكامل، كما حدث جزئياً في ضربات يونيو على اجتماع أمني سري في طهران وهو ما ستسعي إيران لتجنبه مجددا عبر سلسلة أجراءات ذات طابع لامركزي .