سلايدرسير وشخصيات

5 أغسطس 1952م: مقتل عالمة الذرّة المصرية “د. سميرة موسى”

هي العبقرية ذاتها، وحُلم العرب الذي مات مبكرا، والزهرة التي ذبلت وصوّحت قبل مجيء الصباح،

إنها سميرة موسى، عبقرية زمانها، ودرّرة العلماء، وأول معيدة في تاريخ الجامعات المصرية..

الميلاد: 3 مارس 1917م، قرية سنبو الكبرى، مركز زفتى، محافظة الغربية (مصر)

الوفاة: 5 أغسطس 1952م، كاليفورنيا، أمريكا

– رحلت والدتها مبكرا، وانتقلت مع والدها للقاهرة، حيث افتتحَ فندقًا صغيرًا في منطقة الحسين.

– تلقت تعليمها بمدارس القاهرة، ثم التحقت بكلية العلوم، جامعة فؤاد الأول (القاهرة) رغم رغبة والدها الذي كان مصرّا على دخولها كلية الهندسة.

– كان لتفوقها المستمر أثرا كبيرا على مدرستها، حيث كانت الحكومة تقدم معونة مالية للمدرسة التى يخرج منها الأول، مما دفع ناظرة المدرسة نبوية موسى إلى شراء معمل خاص حينما سمعت يومًا أن سميرة تنوى الانتقال إلى مدرسة حكومية يتوفر فيها معمل.

تأيف كتاب جبر

– استطاعت النابغة سميرة موسى أن تؤلّف كتاب في عِلم الجبر الحديث، وهي في الصف الأول الثانوي، وإعادة صياغة كتاب الجبر الحكومي المقرر على المدارس، وقام والدها بطباعة 300 نسخة من كتاب الجبر على نفقته، ووزّعهم على الطلاب والمعلمين، بالمجان.

– كانت سميرة موسى الأولى على القطر المصري في الثانوية العامة (التوجيهية)، سنة 1935م، وهي أول أنثى تحقق هذا المركز، كما كانت الأولى أيضا خلال سنوات المرحلة الجامعية.

أول معيدة في الجامعات المصرية

– تحدّى أستاذها الدكتور العالم مصطفى مشرّفة، عميد كلية العلوم، الجميع، بعد رفض المدرسين الإنجليز لوجود امرأة مصرية في الجامعة، وأعلن تهديده بالرحيل عن الجامعة، ووضع استقالته على مكتب رئيس الجامعة، الدكتور أحمد لطفى السيد، مهددًا برحيله إذا لم يتم تعيين سميرة موسى بالجامعة، وبالفعل اجتمع مجلس الوزراء وأصدر قرارًا بتعيينها، وكانت أول امرأة تحصل على لقب معيدة بكلية العلوم، وأول فتاة تحاضر الطلاب بالجامعة.

(الدكتور على مصطفى مشرفة باشا «11 يوليو 1898م – 15 يناير 1950م» .. هو عالم الفيزياء النظرية المعروف، من مواليد دمياط، والمعروف بأينشتاين العرب، كان أول مصرى يحصل على درجة دكتوراه العلوم من جامعة لندن بإنجلترا، عام 1924م، ومُنحَ لقب أستاذ من جامعة القاهرة، وهو دون الثلاثين من عمره، وتم انتخابه فى عام 1936م، عميدًا لكلية العلوم، فأصبح بذلك أول عميد مصرى لها) 

كان لوفاة والدتها أمامها وهي طفلة ترى أمها تصارع المرض اللعين، الدافع الرئيس وراء اتجاهها إلى دراسة العلوم بغية التوصل لاستخدامات نافعة للطاقة النووية، خاصة فى مجال الطب، وآمنت بالاستخدام السلمى للطاقة الذرية وقالت ذات مرة: «أتمنى أن يصبح استخدام الطاقة الذرية فى علاج السرطان فى متناول الجميع كقرص الأسبرين»، حتى يتمكن كل مريض بهذا المرض اللعين من العلاج والشفاء.

– حصلت سميرة موسى على شهادة الماجستير فى موضوع «التواصل الحرارى للغازات». وحصلت على الدكتوراه فى الأشعة السينية – الإشعاع الذرى – وتأثيرها على المواد المختلفة.

أنجزت سميرة رسالة الدكتوراه، فى عام ونصف العام تقريبًا، وقضت السنة الثانية فى أبحاث متصلة توصلت من خلالها إلى معادلة مهمة، وتمكنت من تفتيت المعادن الرخيصة مثل النحاس، وصناعة القنبلة الذرية من مواد قد تكون فى متناول الجميع..

– تابعت دراستها في الفيزياء بإنجلترا وأثبتت نجاحا كبيرا، أدهش كل أساتذتها الإنجليز، حتى قالوا: إن هذه المرأة ستغيّر العالم يومًا ما.

إنجازات سميرة موسى: 

– أسست الدكتورة سميرة موسى “هيئة الطاقة الذرية” في مصر عام 1948م، بعد ثلاثة أشهر فقط من إعلان «دولة إسرائيل» عام 1948م.

– أجرت سميرة موسى العديد من الأبحاث والتجارب على الطاقة الذرية، وأيقنت تمامًا أن مثل هذه الطاقة يجب أن توظف لتحقيق السلام والأمن لا للحروب والدمار، فرفعت شعار الذرّة للسلام “Atoms For Peace”، وأثناء إجرائها لتلك الأبحاث والتجارب توصلت إلى معادلة فريدة أقل ما يمكن القول عنها إنها معادلة تاريخية؛ حيث أتاحت تكسير الذرات في المعادن رخيصة الثمن.

– كان لها الفضل في تنظيم مؤتمر حمل عنوان “الطاقة الذرية لإحلال السلام Atomic Energy For Peace”. كما دعّمت ومولت الحملات التي نادت بعقد مؤتمر دولي تحت عنوان Atom For Peace الذي دُعي إليه كبار العلماء البارزين في العالم؛ حيث صدر عنه توصيات بتشكيل لجنة مهمتها الوقوف على مخاطر استخدام الطاقة النووية.

– شاركت في جميع المظاهرات الرافضة لوجود اليهود على أرض فلسطين، كما شاركت فى مشروع القرش لإقامة مصنع محلي للطرابيش، وكان على مصطفى مشرفة من المشرفين على هذا المشروع، كما شاركت فى جمعية الطلبة للثقافة العامة والتى هدفت إلى محو الأمية فى الريف المصرى، وفى جماعة النهضة الاجتماعية والتى هدفت إلى تجميع التبرعات لمساعدة الأسر الفقيرة، كما انضمت أيضًا إلى جماعة إنقاذ الطفولة المشردة، وإنقاذ الأسر الفقيرة.

المنطقة الملغّمة:

– كل هذا التميز والذكاء الذي ظهر على سميرة جعلها محط أنظار الدول المتقدمة؛ فحصلت على منحة مقدمة من برنامج فولبرايت الذري Fulbright Atomic  للقيام بجولة تتعرف من خلالها على الوسائل والإمكانيات المتاحة في جامعة كاليفورنيا لإجراء الأبحاث.

– ولأن أبحاثها حول الطاقة النووية لم تكن عادية بل حققت شهرة واسعة، وافقت السلطات الأمريكية على منحها الإذن بالدخول إلى المنشآت النووية في البلاد، 

– توصّلت إلى معادلة كيميائية لصناعة القنبلة الذريّة من مواد بسيطة يستخدمها الكثير منا،

– كانت عضوا في كثيرٍ من اللجان العلمية المتخصصة، وعلى رأسها «لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية» التي شكلتها وزارة الصحة المصرية، وكانت في طريقها لصناعة علاج لمرض السرطان بالذرة مثل الأسبرين، وقد رأت أمها وهي طفلة تموت أمامها بهذا المرض.

رفض الجنسية الأمريكية:

– قام الأمريكان بإطلاق لقب “ميس كوري الشرق” على الدكتورة سميرة، وعرضوا عليها الجنسية الأمريكية، لتبقى في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن سميرة رفضت كل الإغراءات، وأعلنت أنها ستغيّر وجه العالم من فوق أرض مصر،  ولم تكن تدري أنها لن ترى مصر مرة أخرى، وستموت في بلاد الأمريكان

القوة تفرض السلام:

– تأثرت سميرة بإسهامات علماء المسلمين الأوائل أمثال الخوارزمى وابن سينا وأبوبكر الرازى وابن الهيثم، وأيضًا بأستاذها العالم الكبير على مصطفى مشرفة، وقد كتبت مقالة حول دور محمد بن موسى الخوارزمى فى إنشاء علوم الجبر، ولها أيضًا عدة مقالات تتناول بصورة مبسطة عن الطاقة الذرية، وأثرها، وطرق الوقاية منها، وتشرح تاريخ الذرة وتكوينها، والانشطار النووى وآثاره المدمرة، وخصائص الأشعة وتأثيرها البيولوجى.

فى آخر رسالة لها كانت تقول لوالدها: «لقد استطعت أن أزور المعامل الذرية فى أمريكا، وعندما أعود إلى مصر سأقدِّم لبلادى خدمات جليلة فى هذا الميدان، وسأستطيع أن أخدم قضية السلام»، كان من بين أحلامه الكثيرة إنشاء معمل خاص لها فى منطقة الهرم بمحافظة الجيزة.

كانت سميرة موسى ترى أن القوة هي الحل الوحيد في فرض السلام، وأن الضعيف لا يملك رأيا، ولا يستطيع أن يفرض شيئا في هذا العالم، ولذا كانت أحلام وآمال سميرة لمصر ولوطنها العربى كثيرة جدا، فقد كانت تأمل أن يكون لمصر وللوطن العربى (مكان) وسط هذا التقدم العلمى الكبير، حيث كانت تؤمن بأن زيادة ملكية السلاح النووى يسهم فى تحقيق السلام، لأن أى دولة تتبنى فكرة السلام لا بد وأن تتحدث من موقف قوة،

مقتلها:

بعد ثورة 23 يوليو 1952م، بحوالي أسبوعين

وقبل عودتها لمصر بأيام، وبعد رفضها للجنسية الأمريكية وكل الإغراءات هناك، تمت دعوتها  لزيارة معامل نووية في ضواحي كاليفورنيا في 5 أغسطس 1952م، وفي طريق كاليفورنيا الوعر المرتفع ظهرت سيارة نقل فجأة، لتصطدم بسيارتها بقوة، وتلقي بها في وادٍ عميق، وقد تمكّن سائق السيارة الهندي من النجاة، حيث قفز من السيارة، واختفى إلى الأبد، أوضحت التحرّيات أن السائق كان يحمل اسما مستعارا، وأن إدارة المفاعل لم تبعث أحدا لاصطحابها.

الممثلة التي شاركت في قتلها:

وقد شاركت الممثلة المصرية اليهودية “راقية إبراهيم” في قتل سميرة موسى، فقد نجحت في خداع سميرة موسى، واقتربت منها، وكانت ترسل للموساد الإسرائيلي كل تفاصيل تحركاتها.. ونجحت في دخول الشقة التي تقيم فيها سميرة موسى، وطبعت مفتاح الشقة على صابونة، وأعطتها لمسؤول الموساد.. واستطاع مسؤلو الموساد دخول الشقة وتصوير جميع أبحاث وأوراق سميرة موسى

وكانت الممثلة المذكورة قد غادرت مصر سنة 1948م، بعد ظهور إسرائيل، واستقرت بالولايات المتحدة الأمريكية، وتم تعيينها سفيرة للنوايا الحسنة لصالح إسرائيل، وكانت عداوتها لمصر قد ظهرت مبكرا، وقبل ظهور إسرائيل، ولذا هجرها الوسط الفني، واعتزلوها، حتى هاجرت وبدأت في مساعدتها العلنية لإسرائيل والهجوم على مصر..

من أشهر أقوالها:

1- سأعمل ليصبح العلاج الذري متاحًا قدر الإمكان، ورخيصًا كدواء الأسبرين.

2- لو كان في مصر معمل مثل المعامل الموجودة في أمريكا كنت أستطيع أن أصنع أشياء كثيرة.

3- لقد استطعت أن أزور المعامل الذرية في أمريكا، وعندما أعود إلى مصر سأقدِّم لبلادي خدمات جليلة في هذا الميدان.

مقتل العلماء المسلمين:

الحقيقة والواقع والمنطق يشيرون دائما للموساد.

دائما ابحث عن المستفيد..

فالموساد الإسرائيلي يصاب بالرعب عندما يعلم بظهور أي عالم أو مخترع، فوق الخريطة المسلمة، ويقرر التخلص منه، باستثناء أحمد زويل الذي كان صديقا لليهود، ولقادة إسرائيل، وزار إسرائيل كثيرا…

– الأعمال القذرة للموساد نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، قتل هؤلاء العلماء والمخترعين:

علي مصطفى مشرّفة (مصر)

سميرة موسى (مصر)

يحيى المَشَدّ (مصر)

سعيد السيّد بدير (مصر)

سلوى حبيب (مصر)

أردشير حسن بور (إيران)

نبيل أحمد فليفل (فلسطين)

نبيل القلّيني (مصر)

سمير نجيب (مصر)

سامية عبدالرحيم ميمني (السعودية)

إسماعيل أحمد أدهم (مصر)

حسن كامل الصبّاح (لبنان)

رمّال حسن رمّال (لبنان)

إبراهيم الظاهر (العراق)

جاسم الذهبي (العراق) 

مسعود محمدي (إيران)

مجيد شهرياري (إيران)

مصطفى أحمد روشن (إيران)

محمد الزواري (تونس)

جمال حمدان (مصر)

فادي البطش (فلسطين)

– لكن يبقى السؤال:

لماذا تقتل إسرائيل كل العلماء العرب والمسلمين، وتنجح دائما، ولم يحدث مرة واحدة، أن قتلت مؤسساتنا السيادية في بلاد العرب والإسلام، عالما إسرائيليا؟!

………

يسري الخطيب

يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights