6 سبتمبر 1798م: إعدام البطل المصري “مُحمّد كُريّم”
(محمّد عبد الرزاق محمّد كُريّم)
أحد رموز الوطنية المصرية، وأساطير الحرية،
– المعلومات الموثّقة عن هذا البطل قليلة، فلا يُعرف تاريخ ميلاده، ولا جذوره، وإن كان اسم جدّه (كُريّم) يؤكد جذوره البدوية.
– مواليد حَيّ الأنفوشي بالإسكندرية، في منتصف القرن الـ 18
اليتيم
– نشأ يتيمًا، فكفله عمه، وافتتح له دكّانًا صغيرًا في الأنفوشي، واستطاع من خلال (الدكان الصغير) أن يُصبح من أكبر تجار الإسكندرية
– من خلال المواظبة، والتردد على المساجد منذ الصغر؛ نجحَ في إتقان القراءة والكتابة، وحِفظ القرآن الكريم، وتعلُّم الخطابة، حتى أصبح خطيبا مُفوَّهًا، وأشهر خطباء الندوات الشعبية التي كانت تقام بالإسكندرية،
محافظ الإسكندرية
– عُرِفَ “محمد عبد الرزاق كُريّم” بالشجاعة، والوطنية، والعطاء، فقد كان تاجرا أمينا ثريا، ومن أكبر وأشهر (أعيان الإسكندرية)، ولذا عرضَ عليه قادة المماليك الذين كانوا يحكمون مصر في ذلك الوقت؛ أن يتولّى زعامة الإسكندرية، وأصبح “محمد كُريّم” محافظا للإسكندرية (1790م – 1798م)
الغزو الفرنسي لمصر
– شهدَ وصول الغزو الفرنسي لمصر، بقيادة المجرم “نابليون بونابرت”، فقاومَ “محمد كُريّم” الجيش الفرنسي، ومعه أهل الإسكندرية، ولكنها كانت مواجهة غير متكافئة، وتم القبض على زعيم المقاومة، محافظ الإسكندرية محمد كُريّم
(الفرنسيون هم أمهر من دفعوا الأموال، واشتروا ضعاف النفوس في البلاد التي غزوها، ولذا ما زال العلمانيون والمنافقون يطلقون على الغزو الفرنسي لمصر: (الحملة الفرنسية)، ويمجّدون في المجرم نابليون.. لأن دولة فرنسا ما زالت تدفع للآن للصحفيين والكُتّاب والفنانين)
– استقبل نابليون “محمد كُريّم” بنفسه، بعد القبض عليه، فقد كان (الجنرال القصير) نابليون، فرنسيا خبيثا، يجيد التمثيل ببراعة (ممثل عاطفي)، وأثنى على “محمد كُريّم” وأشاد بشجاعته، وبسالته ووطنيته، وأبقاه حاكمًا على الإسكندرية، وعيّنَ معه الجنرال كليبر حاكمًا عسكريًا للمدينة.
– ظل “محمد كُريّم” يساعد الثوار المصريين سرا، حافظًا لعهده في الدفاع والنضال عن وطنه، ولما تأكد الفرنسيون من دعمه للمقاومة، وإثارته للأهالي ضدهم؛ قبضوا عليه، يوم 20 يوليو 1798م، وأرسلوه إلى مدينة “رشيد” يوم 4 أغسطس 1798م، بواسطه سفينة فرنسية، ومنها إلى القاهرة، حيث وصلت السفينة، يوم 12 أغسطس 1798م، وظل مسجونا، حتى محاكمته في يوم 5 سبتمبر 1798م، بتهمة خيانة الفرنسيين، وأصدر نابليون أمر إعدامه رميًا بالرصاص، ونُفِّذَ الحُكم بميدان الرميلة بالقلعة (القاهرة) في 6 سبتمبر 1798م.
الفدية والإعدام
– أرسل نابليون رسالة إلى المحقق العسكري الفرنسي يأمره فيها أن يعرض على محمد كُريّم أن يدفع فدية قدرها 30 ألف ريال، خلال 24 ساعة، فرفض محمد كريّم دفع الفدية، ولما ألح عليه البعض أن يفدي نفسه بهذه الغرامة رفض وقال: (إذا كان مقدورًا عليّ أن أموت فلن يعصمني من الموت أن أدفع الفدية، وإذا كان مقدّرًا لي الحياة فعلامَ أدفع)
– في يوم 6 سبتمبر 1798م، أصدر نابليون بونابرت أمرًا بإعدام البطل محمد كُريّم ظهرًا في ميدان القلعة رميًا بالرصاص، فأركبوه حمارًا، وطافوا به إلى أن بلغوا الرميلة بالقلعة، فقتلوه رميًا بالرصاص، وقطعوا رأسه ورفعوه على عصا كبيرة، وظل (منادي) يصيح : (هذا جزاءُ مَنْ يُخالف الفرنسيين)
– استولى المصريون الشرفاء، على رأس محمد كُريّم، التي قطعها الفرنسيون، ودفنوها مع بقية جسده.
– يتحدث المؤرّخ عبد الرحمن بدوي، في كتابه «أيام لها تاريخ» : (اعتصم محمد كريّم بقلعه قايتباي على رأس مجموعة من المقاتلين الشجعان، حتى كلّت قواهم، ونفذت ذخيرتهم، ورأى المحافظ أن المقاومة أصبحت غير مجدية، فكفّ عن القتال، لكن بسالته وما فعله في الحرب كان مثار إعجاب نابليون)
يقول المؤرّخ عبد الرحمن بدوي في كتابه “أيام لها تاريخ”، نقلا عن الجبرتي:
(بعد القبض علي الزعيم المصري محمد كريّم (حاكم الإسكندرية) تم الحُكم عليه باﻹعدام، ولكن (نابليون بونابارت) قابله، وقال له: يعزّ عليّ أن أعدم رجلا يدافع عن بلاده، أنت خصمي ولكني احترمك رغم كل شيء، ولا أريد أن يكتب التاريخ عني أني كنتُ أعدم أبطالا يدافعون عن بلادهم، ولذلك فقد عفوتُ عنك مقابل غرامة 10 آلاف قطعة ذهبية تعويضا للجيش الفرنسي..
فقال محمد كُريّم: ليس معي مال..ولكن لي ديون مستحقه عند التجار تتجاوز 100 ألف قطعة ذهبية
فقال له نابليون: سمحتُ لك بتحصيل ديونك.. اذهب للسوق واحضر لي الفدية..
فكان (محمد كريّم) ينزل للسوق كل يوم مغلولًا في قيوده، وفي حراسة الجند الفرنسيين، فيطوفون به علي دكاكين التجار واحدا تلو اﻵخر، ويطالبهم بسداد بعض ما عندهم من ديون له ليدفع الفدية، ولكن لم يستجب له تاجر واحد.. بل وأنكروا عليه مقاومته للفرنسيين!!!
وبعد عدة أيام عاد محمد كريّم لـ (نابليون بونابارت) خالي الوفاض، وليس معه قطعة ذهب واحدة.. فقال له نابليون كلمة موجعة: أنا حزين عليك، ولكني مضطر لإعدامك.. ولن أعدمك لأنك قاومتنا ودافعت عن بلادك، ولكني أعدمك ﻷنك كنت تبذل حياتك دفاعا عن هؤلاء الجبناء)
القصة أوردها الجبرتي، وعبد الرحمن بدوي، وكذّبها معظم المؤرّخين المصريين
واللهُ أعلم
………
يسري الخطيب