د. إبراهيم التركاوي يكتب: الفكرة الخالدة لا تموت!
إنَّ الفكرة الخالدة لا تموت بموت صاحبها، بل تتأصل وتتجذر، وتمتدُّ وتتفرع بعد ما دبَّت فيها الحياة من جديد، وما كان لها أن تمتدَّ وتتفرع في حياة صاحبها، كما تمتدُّ وتتفرع بعد موته، وتصبح مَعلمًا خالدًا؛ تهتدي به الأجيال عبر التاريخ!
ولله درُّ (عبد الله البردوني) حين قال:
لا تحسب الأرضَ عن إنجابها عقرت ** من كل صخرٍ سيأتي للفدا جبلُ
فالغصن يُنبت غصنًا حين تقطعه ** والليل يُنجب صبحًا حين يكتملُ
ستُمطر الأرض يومًا رغم شحتها ** ومن بطون المآسي يُولَد الأملُ!!
إنها سُنَّة الحياة المتجددة، التي لا تتوقف لموت أحد، ولو كان رسول الله ﷺ. وهذا ما فهمه الصحابة الكرام؛ فمضوْا بعد موت نبيهم ﷺ -بإيمانهم- يعمرون الأرض، ويصنعون الحياة؛ حتى أقاموا حضارة أدهشت العالم كله!
إنها مسيرة الرجال الكرام الأطهار، كلما غاب منهم كوكب طلع كوكب آخر..
ولله درُّ مَن قال:
إذا مات مِنَّا سيدٌ قام سيدٌ ** قؤولٌ لِما قال الكرامُ فعولُ!
وهذا ما لا يفهمه الأغبياء من بني صهيون، من أمثال وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، الذي ينتمي إلى حزب «عوتسما يهوديت» الذي يتزعمه إيتمار بن غفير، قال عقب إعلان اغتيال القائد المجاهد (إسماعيل هنية): إنَّ «هذه هي الطريقة الصحيحة لتطهير العالم»!
منذ تأسيس دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 وحتى عام 2018، نفَّذت أجهزتها الأمنية أكثر من 2700 عملية اغتيال، وظَّفت خلالها باقة متنوعة من الأدوات التقليدية وغير التقليدية، بداية من معجون الأسنان المسموم وحتى الطائرات بدون طيار والسيارات المفخخة، وفق الرصد الذي أجراه الصحفي الاستقصائي الإسرائيلي رونين بيرغمان، وأصدره في كتابه الشهير «انهض واقتل أولا: التاريخ السري للاغتيالات المستهدفة في إسرائيل». [شادي إبراهيم- الجزيرة، في 1/8/2024].
فهل طُهِّرِت الأرض من الرجال الكرام بعد هذا الكم من الاغتيالات، كما يزعم المتطرفون الأغبياء من بني صهيون؟! كلا.. بل عاد الرجال من جديد أقوى بأسًا وأشدّ ضراوة..!!
إنها عقلية البلادة والغباء التي تُلحق بأصحابها العار والشنار عبر التاريخ، وما أجمل ما عبَّر به الشاعر الإسلامي (أكبر إله آبادي) عن هذه الحقيقة: “يا لبلادة فرعون الذي لم يصل تفكيره إلى تأسيس الكليات، وقد كان ذلك أسهل طريق لقتل الأولاد، ولو فعل ذلك لم يلحقه العار وسوء الأحدوثة في التاريخ”!!
د. إبراهيم التركاوي
2 أغسطس 2024م