تقاريرسلايدر

متى نكتب عن الفكر الثوري في الجزائر؟

عندما لا يفرق البعض بين ندوة تاريخية وندوة تربوية

علجية عيش

سؤال تم طرحه خلال ندوة تاريخية بمناسبة إحياء الذكرى السبعين لاندلاع ثورة نوفمبر الجزائرية 1954 لكن المشاركين في الندوة تحفظوا على الرد وظل السؤال مُعَلقا،

وقد شعر صاحب السؤال بالحرج بعد أتيحت له الكلمة لطرح سؤاله، وكأنه داخل زنزانة العبودية الفكرية،

وكأنهم يقولون: «عندما تحضرون ندوة صفقوا ولا تناقشوا» خاصة وأن الكتابة عن تاريخ الجزائر لا تزال شحيحة ماعدا ما نقرأه عن شهادات مجاهدين ومذكراتهم

والتي كتبت بطريقة ذاتية مجردة من الموضوعية حتى أن بعض الباحثين في التاريخ يتحفظون عن ذكر الحقائق التاريخية، ويريدون طمس الحقائق والأحداث واتخاذها «طابو»،

فأن لا يفرق من يدعي أنه مثقف بين ندوة تربوية وندوة تاريخية فتلك كارثة، وهو ما حدث في ندوة احتضنها المتحف الولائي للمجاهدين حول الدبلوماسية الجزائرية أيام الثورة شاركت فيها وجوه تاريخية وثقافية ومنها:

المجاهد والدبلوماسي عبد المجيد صانع وأستاذ من المدرسة العليا للأساتذة وبعض المشاركين عن طريق التواصل عن بعد ومنهم:

ابن أخ الشهيد ديدوش مراد، والذي لم نتمكن من تسجيل تدخله بسبب تقطع الأصوات وهذا مؤشر على أننا لا زلنا بعيدين عن الرقمنة.

دور ومسار الحركة الوطنية في الجزائر

تطرق المشاركون في الندوة التاريخية إلى دور ومسار الحركة الوطنية في الجزائر واتجاهاتها

وهو ما أشار إليه نديم شليخي من المدرسة العليا للأساتذة بعاصمة الشرق الجزائري الذي دعا إلى إعادة النظر في مفهوم الحركة الوطنية وتبسيطه داخل المنظومة التربوية

وقال إن التعريف بالحركة الوطنية على أنها عمل سياسي مفهوم ناقص ويحتاج إلى إثراء، فهي تشمل العمل السلح،

ولذا بات من الضروري إعادة النظر في هذا المفهوم والمعالم الكبرى في اتجاهات الحركة الوطنية

التي تعرضت لانقسامات بسبب الإصلاحات التي مرت بها الجزائر منذ إصلاحات فيفري 1919،

في حين تحدث المجاهد والدبلوماسي عبد المجيد صانع عن الدبلوماسية في الجزائر مقدما في محاضرته تجربته في الكتابة عن الثورة وكيف غرس والده فيه الحماس الثوري عندما كان ينشط مع فرحات عباس،

مما دفعه إلي الالتحاق بالجبل وملاحقته من طرف السلطات الاستعمارية وطريقة تهريبه من الجزائر عبر ميناء سكيكدة بمساعدة منظمة فرنسيس جونسون، كلاجئ سياسي.

دور الهلال الأحمر الجزائري

 وتحدث هذا المجاهد عن قضية حاملي الحقائب والدور الذي قام به الهلال الأحمر الجزائري وجبهة التحرير الوطني كمنظمة مدنية،

ودور سويسرا كذلك في دعم القضية الجزائرية، ما جعل كل المفاوضات تتم في سويسرا، باعتبارها دولة حيادية،

مشيدا بالعلاقات الجزائري السويسرية وكيف تعاملت الحكومة الجزائرية مع الجالية السويسرية في الجزائر وعددهم 3000 سويسري،

مشيرا إلى كيف عالجت الدبلوماسية الجزائرية القضية الجزائرية في الخارج منذ مؤتمر باندونغ إلي مؤتمر الصومام الذي أقر القيادة الجماعية،

فهذه الندوة، لم تشارك فيها وسائل الإعلام ماعدا صحافي (ة) واحد، وكان من الضروري أن يطرح سؤالا بهذه المناسبة،

لكن سؤال الصحفي ظل معلقا، لأن منظم الندوة اعتبرها ندوة تربوية، فمؤسف جدا طبعا عندما لا يفرق إطار تربوي، يدّعي أنه مثقفٌ بين ندوة تاريخية وندوة تربوية،

خاصة وأن هذه الأخيرة لم يشارك فيها تلاميذ من المؤسسات التربوية لنقل أحداث الثورة إلى هذا الجيل الذي لا يزال يجهل تاريخ وماضي بلاده وما وقع من أحداث،

يريد البعض نشر مغالطات لتغليط الشباب، خاصة في هذه المناسبات التي يسترجع فيها الجزائريون ذاكرتهم الجماعية،

هذه الذاكرة التي يريد البعض التكتم عنها ويجعلونها طابو، حتي لا يعرف هذا الجيل الأخطاء التي ارتكبت أيام الثورة وعشية الاستقلال،

ربما هي التراكمات التي أدخلت الجزائر في حرب أهلية في بداية التسعينيات،

فالندوة تزامنت مع ظهور كتاب «الجزائر اليهودية» وفي الفترة التي تستعد فيها الجزائر لإحياء ذكري أول نوفمبر 1954.

ضجة كبيرة أحدثها كِتَاب «الجزائر اليهودية»

وكان كتاب الجزائر اليهودية قد أحدث ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، لما يحمله من أفكار هدامة وقاتلة،

فجمدت عملية التسويق والترويج لهذا الكتاب من طرف وزيرة الثقافة والفنون الدكتورة صورية مولوجي وهو موقف مشرف طبعا،

كان من الضروري إذن طرح هذا السؤال:

متى نكتب عن الفكر الثوري في الجزائر؟

لمناقشة إشكالية تتعلق بالفكر الثوري أو فلسفة الثورة إن صح التعبير في جانبها الفلسفي، التاريخي، العسكري، السياسي،

وتقديم رؤية استشرافية للفكر الثوري في الجزائر واستمراريته في إطار ملتقيات،

فما كتب عن تاريخ الجزائر هو عبارة عن شهادات لمجاهدين ومذكرات، كتبها أصحابها بذاتية،

لكن السؤال للأسف ظل مُعَلَّقًا ولا أحد كانت له الشجاعة الأدبية للرد علي سائله،

خاصة وأن الجزائر لا تزال مهددة من كل الجوانب أمام اختلاف الكتابات التاريخية وما تحتويه من تناقضات،

ما يؤسف له أيضا أن تكون ردة فعل منظم الندوة سلبية وليست في مستوي المثقف عندما قال بالعامية الجزائرية وأمام صمت الجميع: (تْحَوسي يطيروني؟)،

طبعا هي القابلية للاستعمار التي تحدث عنها المفكر الجزائري مالك بن نبي،

فكيف إذن النهوض بهذا الواقع إذا لم نتحرر من التبعية ولما وصلنا إليه من هذا التردي والخذلان والفساد جراء تسلط البعض على مقدرات البلد،

هكذا يتم التكتم عن التاريخ خوفا من فقدان المنصب أو الحصول على الترقيات والامتيازات.

علجية عيش

صحفية جزائرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى