في صباح كارثى من صباحات أغسطس، وقبل أن تجف دموع السماء، انفجر صمت العالم، انفجارًا مزق الأجساد والذاكرة معًا. منذ ثمانين عامًا، وفي اللحظة ذاتها التي توقف فيها الزمن عند الساعة 08:15، تحولت هيروشيما إلى جحيم مُشع.. صرخات أطفال احترقت قبل أن تسمعها الآذان، وأجساد تبخرت فلم يبقَ منها سوى ظلال على الجدران. واليوم، تقف المدينة مرة أخرى، تحمل ذكرى لا تُدفن، وألمًا لا يُنسى، لتقول للعالم: “كفى “
هيروشيما تصرخ بصوتٍ أعلى من القنابل.. فهل من مستمع؟
أحيت المدينة الذكرى الثمانين للقصف الذري الأمريكي الذي حوَّل شوارعها إلى مقبرة جماعية، بمشاركة 120 دولة، لكن الألم الياباني ظل هو البطل الصامت في المراسم. قبل دقيقة الصمت، تهادت أكاليل الزهور على نصب الضحايا، كأنها سراج أخيرة ضد النسيان. بينما يجدد رئيس البلدية صرخته: “أيها القادة، كفاكم جنونًا! فالقنابل التي تختزنونها اليوم، قد تدفن الغد كله!”
من تحت الرماد.. حكاية لا تنتهي
ما زالت الأرقام تقشعر لها الأبدان: 140 ألف قتيل في هيروشيما، و74 ألفًا في ناغازاكي بعد ثلاثة أيام. ضحايا لم يكونوا سوى مدنيين، صاروا وقودًا لأول جريمة نووية في التاريخ. واليوم، بينما يتحدث ماتسوي عن دول تمتلك 90% من الأسلحة الذرية، يبدو العالم وكأنه لم يتعلم الدرس.. فالحروب تتجدد، والتهديدات النووية تُلوح في أوكرانيا والشرق الأوسط، وكأن البشرية تُعيد نفس الكابوس بأسماء جديدة.
هل ننتظر ذكرى مئوية.. على أنقاض الكوكب؟
المراسم انتهت، لكن السؤال بقي: هل يكفي الصمت لإيقاظ الضمير العالمي؟ أم أن البشرية ستظل تدور في حلقة مفرغة من العنف، حتى تُنهي نفسها بيدها؟ غدًا، ستُكرر ناغازاكي المشهد نفسه.. فهل نسمع هذه المرة؟