مصطفى عبد السلام يكتب: زلزال المغرب.. هل يتحرك أثرياء العرب سريعاً؟
تعرض المغرب لزلزال عنيف هو الأقوى منذ قرن، راح ضحيته أكثر من ألفي شخص، إضافة إلى ما يزيد عن ألفي جريح أغلبهم في حالة حرجة.
نتج عن الزلزال كارثة إنسانية تتطلب تحركا عاجلا من حكومة المغرب ودول العالم لدعم المتضررين، وتوفير الغذاء والأغطية والخيام والأدوية والإيواء العاجل لهم، وﺗﺳرﯾﻊ ﻋﻣﻠﯾﺔ الإﻧﻘﺎذ وإﺟﻼء اﻟﺟرﺣﻰ، وإعادة ﺗزوﯾد اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﺗﺿررة ﺑﺎﻟﻣﺎء اﻟﺻﺎﻟﺢ ﻟﻠﺷرب، واﻻﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﺳرﯾﻊ ﻟﻠﺧدﻣﺎت العامة من مياه وكهرباء واتصالات وغيرها، خاصة أن المساعدات التي قد يحتاجها المغرب بعد الزلزال ستكون “هائلة” وفق وصف الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
عدد من دول العالم، ومنها فرنسا والولايات المتحدة، سارع وأعلن استعداده لتقديم الدعم العاجل للمغرب في صورة أدوية وأغذية أو ﺗﻌزﯾز ﻓرق اﻟﺑﺣث، ﻣن أﺟل ﺗﺳرﯾﻊ ﻋﻣﻠﯾﺔ الإﻧﻘﺎذ وإﺟﻼء اﻟﺟرﺣﻰ، خاصة وأن الزلزال وقع في أكثر المناطق فقرا.
وهذا أمر مطلوب بشكل عاجل، لكن يبقى ملف آخر أكثر تكلفة وقد يمثل إرهاقا محتملا للخزانة المغربية العامة وهو إعادة إعمار المناطق التي ضربها الزلزال وإعادة المتضررين إلى بيوتهم، وقبلها إعادة الخدمات العامة إلى طبيعتها.
صحيح أن السلطات المغربية لم تكشف بعد عن حجم الخسائر المادية التي نتجت عن الزلزال العنيف، لكن التقديرات الأولية تشير إلى أنها بمليارات الدولارات بالنظر إلى عدد القتلي والجرحي، أو ما تهدم من البنية التحتية ومنازل المتضررين واختفاء قرى بالكامل.
وبالنظر أيضا إلى التقديرات المبدئية لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية، التي قدرت الخسائر الاقتصادية المحتملة لزلزال المغرب المدمر بنحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، البالغ نحو 130 مليار دولار، أي هنا نتحدث عن خسائر تزيد قيمتها عن 2.5 مليار دولار.
وهنا يأتي دور أثرياء العرب، سواء دول الفوائض المالية مثل دول الخليج والدول النفطية الأخرى التي لديها سيولة نقدية ضخمة، أو رجال الأعمال، خاصة الموجودين في منطقة الخليج والذين يمتلكون ثروات تقدر بمئات المليارات من الدولارات.
هؤلاء وغيرهم مطالبون بالتحرك العاجل للمساهمة في تخفيف حدة الأزمة الإنسانية في المغرب، وتقديم دعم نقدي مباشر، سواء لأسر الضحايا والجرحي أو للحكومة.
والأهم هو التحرك سريعا للمساهمة في خطط إعادة إعمار المناطق والأقاليم المنكوبة وإعادة بناء المنازل المدمرة، وإصلاح شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي والغاز والطرق والمدارس والمستشفيات وغيرها من الخدمات المرتبطة مباشرة بالمتضررين.
لنتصور أن مجموعة من مليارديرات السعودية تكفلوا بإعادة بناء المنازل والمنشآت المهدمة في ولاية الحوز، الواقعة جنوب غرب مدينة مراكش، ومركز الزلزال وأكثر المناطق تضرراً حيث سقط فيها ما يزيد عن 1293 قتيلاً.
في حين تحمل عدد من مليارديرات وأثرياء قطر كلفة إصلاح الضرر الذي وقع في ولاية تارودانت التي سقط فيها ما يزيد عن 452 قتيلاً، وتكفل أثرياء إماراتيون بإصلاح الأضرار في أقليم شيشاوة ومراكش وورزازات.
وتحمل رجال أعمال كويتيون كلفة الضرر في الدار البيضاء وإقليم أزيلال، ومستثمرون من سلطنة عمان والبحرين مدناً متضررة أخرى مثل أغادير.
أيضا يبرز هنا الدور المجتمعي للمؤسسات المالية العربية وفي مقدمتها الصناديق السيادية الخليجية والتي تدير لوحدها فوائض مالية تزيد عن ألفي مليار دولار.
ما الذي يضير الصناديق السيادية في السعودية وقطر والإمارات والكويت من التبرع بمليار دولار أو أكثر لكل صندوق لصالح ضحايا الزلزال وإعادة بناء ما تهدم من مباني ومقار خدمات عامة وشبكات كهرباء ومياه وصرف.
وكذا مساعدة حكومة المغرب في تنفيذ ﺑرﻧﺎﻣﺞ عاجل ﻹﻋﺎدة ﺗﺄھﯾل وﺗﻘدﯾم اﻟدﻋم ﻹﻋﺎدة ﺑﻧﺎء اﻟﻣﻧﺎزل اﻟﻣدﻣرة ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﺗﺿررة ﻓﻲ أﻗرب اﻵﺟﺎل.
بالطبع، قبل مطالبة حكومات وأثرياء العرب والصناديق السيادية الخليجية بالتحرك لتحمل فاتورة إعادة الاعمار والأماكن المهدمة في المدن والقرى المغربية جراء الزلزال إلى طبيعتها، يجب أن يسبق هؤلاء أثرياء المغرب، سواء من كبار المسؤولين أو رجال الأعمال.
ومن بين هؤلاء رئيس الوزراء الملياردير عزيز أخنوش الذي تقدر ثروته بما يزيد عن 1.5 مليار دولار، وعثمان بنجلون، وأنس صفراوي، وميلود الشعبي، وعليمي الأزرق وغيرهم.
هؤلاء يجب أن يكونوا في مقدمة المتبرعين وقدوة للجميع، في الداخل والخارج. وأن يخصصوا جزءا مهما من ثرواتهم لصالح أسر ضحايا الزلزال العنيف ومشروعات إعادة الاعمار.