الأمة الثقافية

“عَيْنُ الشّاعِر”.. شعر: حليم الجِندي

قـد  يَـرَى الشاعـرُ في القِــرْدِ الغَـزالا

أو يَـــرى في دودةِ الحَــقْلِ  الجَـمـــالا

فاعــذُروا الشـاعرَ؛ للشـــاعرِ عَيْــنٌ

غيْـرَعيْـنِ  النــاسِ  تَعْـدوهــا مَجــالا

فـي شُعـــاعٍ غامضِ  الأسـرارِ يُذْكي

طــاقَــةَ الإحســاسِ  يَجتــازُ المـُحـــالا

تُبْصِــرُ الحُسْنَ ومـــا في القُبـحِ  شَـكٌّ

مـــا رَمَـى الشِّــاعرُ للمَنـطِـقِ  بـالا

قلبُـــهُ الـنّـابِضُ  فـي  صـدرِ الرَّزايـا

كـمْ  سَمـــا في فَلَـكِ  الــرُّوحِ  وَجَـــالا

يَفْـــزَعُ  النـــاسُ  مِن  الليْـــــلِ، فَسَـلْـهُ

مَن رأى عِنـدَكَ في الصَّــمْتِ الجَــلالا؟

يَـنـثُــرُ الأحــلامَ  في دَربِ  الحَيـــــارَى

كالـلآلـي أعْيَــت الحُــــرَّ صِـقَـــــــــــالا

قــال : لا أرْجـــو بـــهــا مــالًا، ولــكِـنْ

أَبـتَـغـي  مِن  حبِّــكُـــم  والعِــــزِّ  مــــالا

أيــــها القــــوْمُ أنــا  مِنكُــم، تَعـالَــــــوْا

فاسْمَـعـونـي، وخُـذوا عنّـي المـَقـــالا

صَدِّقــوا “زرقـــاءَ” شِــعـري إنْ أتَتْـكُــم

مــــا وراءَ القَــــومِ حَـقًّــــا لا خَبـــــالا

عايَـنَـتْ  في الأفْـق مــا لَــمْ  تُـدْرِكـــــــوهُ

كُرهُـــكُــم  للنّـــــور أَرْداكُـــــــم  مَـــــآلا

هَمْهَمَ  السـاحـرُ ــ شيْطــــــانًـا  تَـجَـلّى  ــ

نافثًـــا  في  عُقــدَةِ  الجــــاني الضَّـــلالا

غامِسًـــــــا  يُمْنــــاهُ  في  بئــــرٍ حَمـيــــمٍ

مِن  دَمٍ  مِن  مُقْلة  الشيْـــــــطـانِ  ســالا

فاحْــذَروا الخــــــــائنَ، مــا لِلوَغْــدِ عَهــدٌ

ربَّمــــا يـأتـيـكُـــمُ الشَّـــــرُّ اغْتِـيــــــــالا

واجمَعـــوا السَّـــاعِدَ  للســاعِدِ عَوْنًــــا

يَبْلُــغِ السَّـاعي مع الساعي المـَنـــــالا

مـــا جَــرى سُــمٌّ  بجِـسـمِ القـــــــــوْمِ إلّا

في  ثُقــوبِ الفُــرْقَةِ الشَّــوْهــاءِ جـــالا

هَـزهَـزوا الرَّأسَ، وقالــــوا: قد سمِعنا ،

غيْـــرَ أنَّ الـوَقْــرَ فـي الأَلبـــابِ حـــالا

لم يَجِــدْ مَن  يشتـري، لكـنْ تَــوَلَّـــــوْا

آثَــروا الفقـــرَ مــــع الــذُّلِّ احْتِـمـــــالا

طــــارَدوا الشــاعـرَ في  كلِّ  الـزوايـــا

كالمـَجــــــانـيـنِ وســـامُـــوهُ الـوَبَـــــالا

لَـمْـلَــمَ الشــــــــاعـرُ أشــــــلاءَ الـلآلــي

وانـثـنَـى يَـنْـشُـدُ في البحــرِ ارْتِحـــــــالا

ودَّعَ الشـــــــاطئَ بــالـقــلـبِ المـُعَـــــــنَّــى

وعيـــــــــونٍ بالأســـــــــى  فيــــها تَـــــلَالا

شاربًــــا مِن حــــانةِ الأحــــزانِ دُنًّـــــــــا

والخُطَى مِن جُرحِــــــــــها تُبْكي الرِّمـــالا

حــامــلًا نَجْـــــــواه في كَـــفَّيْــــــــه حَـــرَّى

حــائـــــرَ الطَّــــرْفِ يمـيـنًـــا وشِمــــــــــالا

قـائـلًا : يـا بـحـــــــــــرُ هـلْ لي من مَـلاذٍ؟!

إنَّ أهــــــــــــــــلَ الأرضِ أعْيــونــي جِــــدَالا

في  مَــــداكَ  اللا نِــهائــيّ عيــــــــــــــونــي

تَعشَـقُ  الحُــــــــسنَ وتَـشتــاقُ الكَمـــــــــالا

بيْـن أحضــــــــــــــانِكَ أمضـي مِلْءُ سَمْــعي

وَشْوَشـــاتُ المـَــوْجِ يَحكيــها ابْتــــــهالا

فـإذا ثُــــرتَ وأَرْغـــى مِـنـــــــــكَ مــــــــوْجٌ

ورَمَـيْــتَ الزَّبَــــــــــدَ الجــــافــي تِـــــلالا

فاحْـفًـظْ  اللـؤلـــــؤَ في الأصـــدافِ حُــــرًّا

يَـجْـنِـهِ مَن أَحْسَـنَ الغَـــــــــوْصَ حَـــلَالا

* * * * *

أرسَلَ الشــــــــــاعرُ في اليَـــــــمِّ الشِّــراعا

رامِيًــــا في جَـوْفِــــــــــهِ الهَــــمَّ العُضـــــــالا

بين عَصْـــفِ الريـــــــــحِ والأنـــــــواءِ يَمضـي

والهــوى في النفــــــــــــــس يَـزدادُ اشْتعــالا

كلَّمـــا طــافَتْ مــــــع الآفــــــــــــــاقِ شـمسٌ

أو أطَـــلَّ الليـــــــــــــــلُ عَبّــاسًــــا وطَــــــالا

يَـرقُــــــبُ الأيــــــــامَ تَحنــــانًـــا لِطيْـــــفٍ

مِن وراء الغيْـــبِ يأتـي مـــا اسْتحــــــــــالا

حـامِــلًا في الكَــفِّ إبْريـــــــــــقَ الأمـــانـي

ســاقيًــــــــا مَشـروبَــــــــهُ العَـــذبَ الـزُّلالا

شـــــافيًـــا  قلــبَ النِّطــــــــــــاسِـيِّ  المـُعَنَّـى

مِن جِـــــــــــــــراحٍ أعْيَــت  الـدهـــرَ انْـدِمــالا

نكبـــةُ الشــــــــــــــــاعـرِ يَحيــــا بيـن قَـــــوْمٍ

في نفــــــــــــوسٍ كلَّمـــــا هـــانَـتْ تَعــــــالَـى

يــا عروسَ البحـــــــــــــرِ قُومــي واحـمِليــهِ

أبْــدِليـــــــهِ غيــــــــرَ مَـوْتَـــى الأهـــــــــلِ آلا

إنَّمـــــــا الشـــاعـــرُ لحـــــــــنٌ عـبــــقـــــرىٌّ

ســـــاقَـــــــــهُ اللهُ إلــــى الأرضِ مِـثـــــــــالا

راقِـــصَ الأنغــــــامِ والأحــــــــــــلامِ يَـدْعـــو

أنْ يَـذوقَ النــــــــــــــاسُ بالحُـــبِّ الحَــــلالا

لــــو سَمَــــــتْ فِطْرَتُــــــهُم مــــا أَنْكَــــــروهُ

في ظِــلالِ الخيْــرِ واغْتــــــــالــوا الســؤالا

في غَــدٍ يَبْـــكُونَ  للشـــــــــــاعـرِ عيْـنًـــــــا

يــوْمَ لا تُجـدي دمـــــــــــــــوعٌ مِن كَسَـــالَى

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى